افتتاحية أُونيا : من قلب البيت الرابع يُكتب فصلنا الأول

"كل بداية عظيمة تستمد قوتها من ذكر الله.
كلمات تحمي المسيرة
وقبل أن نخط أولى حروف مشروعنا، نستنير بآيات تحفظ المسيرة، وتضيء الطريق، وتبارك الخطوات.
نفتتح أونيا بكلمات من القرآن الكريم، لتكون لنا نورًا وحصنًا وسندًا…
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّـهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴿١﴾ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿٢﴾ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿٣﴾ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴿٤﴾ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿٥﴾
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿١﴾ مَلِكِ النَّاسِ ﴿٢﴾ إِلَـهِ النَّاسِ﴿٣﴾ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴿٤﴾ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿٥﴾ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴿٦﴾
إعلان ولادة أُونيا
بسم الله الذي منه تبدأ الرحلات، وبه تُزهر النوايا، وعليه تُعقد العهود.
نعلن اليوم ولادة أُونيا؛ مساحة تحتضن الحرف اليدوية والفن والروح والجمال.
من نور اسمه انطلقت "أونيا"، لا كفكرة عابرة ولا كخطوة تجارية، بل كرحلة تحمل في قلبها عهدًا وصدقًا.
رحلة تبدأ من الداخل، من إيمان أن ما يُبنى على ذكره يُبارك، وما يُعقد باسمه يزدهر، وما يُخطّ على نهجه لا يضيع.
بسم الله الذي أبدع الكون بنسقٍ متين، وزيَّن الوجود بألوان ومعانٍ، وجعل في اليد سرّ الخلق، وفي القلب سرّ الإلهام.
بسم الله نخط أول سطر في حكاية أونيا، مشروعٌ وُلد ليجمع بين الفن والروح، بين الحرفة والذاكرة، بين الإنسان وأثر يديه.
هنا تبدأ الرحلة… رحلة نعيد فيها للحرف اليدوية صوتها، وللإبداع مكانه، وللقصص دفئها.
مع كل خيط، مع كل نقش، مع كل فكرة، نحاول أن نصنع عالماً يليق بجمال أرواحكم.
فليكن شعارنا منطلقًا من يقين : أن ما يُصنع باليد… يُولد من القلب، وما يُولد من القلب… يظل حيًّا في الذاكرة.
من هي الراوية خلف أُونيا ؟
أنا نينا
هذا هو الاسم الذي أسس مشروع أونيا : مساحة فنية وروحية تجمع بين الحرف اليدوية والإبداع والذاكرة، حيث نحول كل غرزة، كل حرفة يدوية، وكل قطعة محبوكة إلى لغة تعبر عن الروح والحنين، وتجعل من الفن وسيلة للتأمل والشفاء الداخلي.
أنا كاتبة لا تمتهن الحياكة ولم تمسك بإبرة كروشيه قط، لكنني وجدت في الخيط والإبرة مرآةً لروحي، ولغةً تهمس بما عجزت عنه الحروف.
وراء كل كاتب نية وخلف كل مشروع حكاية
أونيا، ابنة زحل ويد الأنثى
ولدت أُونيا من رماد ذاكرة الطفولة ، ومن رحم زحل في بيتي الرابع، الذي علّمني أن البيت الحقيقي ليس حجارة، بل قماشة دافئة من صنع يدك.
ولهذا أكتب…ولهذا أنشر.
إنها ثمرة تأمّلات لا تجارب عملية، من إلهام قراءات ربطت الغرز بالماضي، والحياكة بالشفاء، ومن إحساس بأن قطعة محبوكة قد تحمل أكثر من دفء...قد تحمل نداءً إلهيًّا.
البيت الرابع في خريطتي الفلكية لم يعد موطنًا مجرّدًا من الألوان، بل لوحة تنبض بالحياة؛ أصبح بيتًا من خيوط، حضنًا من غُزل الحنين، وأسطورةً نُسجت من ذاكرتي. فتتحول غرزةٌ بسيطةٌ إلى حركة يدٍ تنبض بتاريخ الإنسان وفلسفة الحياة.
أكتب لا لأبيع، بل لأُذكّر : أن هناك أنوثة تُستعاد في الغرزة، وأن كل حركة يد قد تكون صلاة،وأن كل قطعة محبوكة… قد تكون بيتًا يعود إليه القلب.
لكل أنثى عربية فقدت خيوطها : خيط الأمان، البيت، الحنان، الهوية — فليكن هذا البيت لكِ.
هنا ننسج الذاكرة بغرز صامتة، ونقول ما لا يقال… بخيط.أنا لا أحيك بيدي، بل بالكلمات.وما أكتبه ليس تسويقًا، بل طقس عودة إلى الذات.
لمن أحمل رسالة أُونيا ؟
قد تتساءلون : لمن نصنع، لمن نحلم، ومن سيعيش معنا هذه الرحلة ؟
لم أكتب هذا المشروع لأعرّف الناس على فنّ الكروشيه فحسب، ولا لأضع قطعًا يدوية في رفوف مكتظة… بل لأضع ذكرى في قلبٍ نسي ذاته، ولأُعيد إلى ذاكرة المرأة العربية لغةً كادت تُنسى : لغة الإصبع والسكينة.
الحرف لغةُ بقاء… لا هواية
إلى من يؤمن أن الحرفة ليست مجرد هواية، من يرى في الحرفة أكثر من حركة يد، إلى من يحوّل كل غرزة إلى صرخة حياة، كل خيط إلى لغة تنقذ الروح من الضياع، كما تحفظ الكتابة سرّ الوجود.
أحمل رسالتي لأرواح تدرك قيمة الصدق في الاختيار، لأولئك الذين يرون ما وراء المنتج، ويبحثون عن روح تتنفس الفن والإبداع في كل تفصيلة.
لا أرسل رسالتي لمن يمرون مرور الكرام، بل لمن يُلامسون من الداخل ما نحاول أن نزرعه من حب وحرفة وإحساس بالجمال.
كل قطعة نصنعها، كل فكرة نطلقها، ليست للبيع فقط، بل لتلامس القلب قبل اليد.
أحمل رسالتي لمن يقدر الحكاية قبل الشكل، لمن يبحث عن تجربة تتجاوز الزمن، تجربة تترك أثرًا في الذاكرة قبل أن تترك أثرًا على الرفوف.
هذه ليست حملة تسويقية، بل دعوة لمشاركة حلم، رحلة صغيرة داخل عالمنا الذي ننسجه بنية صادقة.
مشروع أُونيا هو للمستعدّين للتأمل في التفاصيل، للتفاعل مع المعنى قبل الاستهلاك، للشغوفين بالعمل اليدوي، والمقدّرين لكل لمسة تحمل قصة.
هو للجمهور الذي يرغب في أن يكون جزءًا من رسالة أكبر من مجرد منتج، جزءًا من أثر حي يتنفس مع الزمن.
المنتج يُشترى… لكن الرسالة تُعاش.
هذه الرسالة ليست للجميع، بل لمن يستحق أن يحملها، وينقلها، ويعيشها معنا. لمن يشاركنا في صناعة أثر يستمر بعد أن تغلق آخر صناديق أُونيا، وتبقى الذكرى والصدى في قلب كل من التقى بها.
روح أُونيا
تتجلّى روح أُونيا في كل خيط، في كل قطعة حياكة، وفي كل لمسة يد.مرةً تنطق بحكاية أمٍّ تصنع الدفء،ومرةً بصوت مُبدعة تبحث عن البساطة في تفاصيل الحياة، وأحيانًا كرفيقة صامتة تُرافقك في لحظة استرخاء…خطوةً خطوة.
وجودك هنا ليس محض صدفة. فربما تنتمي روحك إلى سلالة أبناء البيت الرابع، أو لعلّك من أولئك الذين كُتب لهم أن يلتقوا بروح أُونيا، لتأخذ بيدك نحو قلب بيتك الرابع.
تابع هذه الرحلة إن شئت، تأمل، وشارك ما يلامس قلبك. فَأُونيا ليست مجرد علامة تجارية، بل بيت دافئ يحتضن الذكريات الإنسانية، ويقدم للقارئ العربي مساحة للتأمل في تاريخ الإنسان وثقافته ضمن إطار الحرف اليدوية.
كل تفاعل منك في أُونيا سيضيف لونًا جديدًا إلى لوحتها، مساهمًا بذلك في إثراء آفاق محتواها الثقافي والفني.
خاتمة
أُونيا ليست مجرد مشروع أو حكاية، بل دعوة للعودة إلى الروح، للاحتفاء بالعطايا الالهية التي وهبنا الله إياها : اليد، القلب، والذكريات.
فلنجعل كل غرزة وكل لحظة نعيشها شكرًا لله، واحتفاءً بالقدرة على الإبداع والإنسانية.
ولنتذكّر دائمًا أن كل أثر صالح نتركه في حياتنا هو جزء من رحمة الله، وأن كل مكان نملأه بالحب والنية الطيبة هو حضن إلهي صغير يحمينا ويغذّي قلوبنا.
ولأن الحرفة عبادة حين تُقترن بالصدق في النية، نختتم هذه المقالة بحديث النبي ﷺ…
إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.

أُونـــــــــــيــــــا | نينا
كاتبة وباحثة في الثقافة الحرفيةكاتبة وباحثة في الثقافة الحرفية، ومؤسسة مشروع "أونيا | " – حيث ننسج الدفء للروح والجسد. في هذه المدونة، نغزل لكم خيوط الحكاية والمعنى، من قلب الحرفة إلى عمق الذاكرة