
كانت السماء تميل إلى الرمادي ، والرياح الخفيفة تحمل معها رائحة المطر ، حين توقفت على رصيف المحطة في انتظار لقطار المتجه إلى المدينة. حتى تلحق بحقل زفاف احد اقارب زوجها كانت تمسك بهاتفها تتصفح الهاتف لتقتل الوقت ، بينما عيناها تراقبان المارة من حين لآخر . لم تكن تدري أن هذا اليوم سيعيد إليها شريطًا من الماضي كانت تظن أنها طوته إلى الأبد. فالايام قد تفاجانا باحداث لم تخطر بالبال .
كانه هو :
في الجهة الأخرى من الرصيف، كان يقف رجل بملامح تعرفها جيدًا ، ايعقل ان يكون هو ؟ رغم أن اثني عشر عامًا مرّت منذ آخر مرة رأته فيها .تغيّرت ملامحه قليلًا ، تجاعيد خفيفة حول عينيه، وشعره الأسود تسلّل إليه بعض البياض. لكن عيناه… كانتا كما هما، تحملان ذلك البريق الذي أسر قلبها في يوم من الأيام. النظرات الى اتملكت قلبها ووجدانها فكثيرا نشعر بالحب ولكن بعد فترة نقن انها مجرد وهم ولكن هناك حب يخفق بالقلب مهما تغيرت الازمان يبقى نفس الشعور بداخلنا نقترب من الكبر وتظهر التجاعيد ويشيب الشعر ولكن لا يشيب القلب حين النظر الى المحبوب يصير القلب فى عمر الصبا ويشعرنا بجمال داخلى يملاء الدنيا بالحياة والسعادة وكان هذا الشخص قد امتلك مفاتيح سعادتنا وحياتنا بيديه
شعرت بارتجاف يسري في أطرافها، وتساءلت في داخلها: أهو حقًا ؟ أم أن ذاكرتي تخدعني ؟ لكنه لم يترك لها مجالًا للشك حين التقت عيناه بعينيها ، وتجمّد الزمن لثوانٍ طويلة . وخفق القلب بسرعة رهيبة حتى دبات تظهر ملامح التوتر على وجة ليلى ولكنها اتملكت اعصابها خشيت الناس حولها
تقدم نحوها ببطء ، وكأن خطواته تزن اثني عشر عامًا من البعد . وقف أمامها ، يبتسم ابتسامة مترددة وقال : – "ليلى… أهذا أنتِ؟"
ارتجف صوتها وهي ترد : – "نعم، أنا… وأنت يا عمر؟"
ضحك بخفة تخفي ارتباكه : – "لم أتوقع أن أراك هنا ، في هذا المكان بالذات."
لم ترد، فقط أشارت إلى المقعد الخشبي القريب، وجلسا معًا ينتظران القطار الذي بدا وكأنه يتأخر عمدًا ليمنحهما وقتًا أطول.
ساد الصمت لثوانٍ، ثم قال : – "ليلى… مر وقت طويل ، لكنك لم تتغيري .
أجابت بابتسامة باهتة : – "أما أنت فقد تغيرت، لكني ما زلت أرى فيك نفس الشخص الذي عرفتُه
نهد عمر بعمق ، وكأنه يحمل جبالًا على صدره : – "كنتُ أحمق… تركتكِ بسبب شيء لا يستحق. كنتُ أظن أن كلام والدتى صحيح واننا لا نناسب لبعض وانا ارتباطنا سيجعل حياتنا صعبة ، وأنني أحمى نفسى من مشاكل بيننا قد تحدث
لكن الحقيقة أنني كنت أحمي نفسي من مواجهة المجتمع . كنت جبانًا يا ليلى .
تركتنى لماذا؟
فضت عينيها، وأجابت بهدوء : – "في تلك الأيام بكيت كثيرًا ، وتساءلت لماذا تخليت عني فجأة . لم افعل شئ يضايقك كنت احبك بكل صدق مرت ايام كثيرة تخيلت حياتى معك وكم كانت سعيده فيها وانتظرتك كثير وكثير وبحثت عنك فى كل يوم وكل وجه بعد ما فاض قلبى بحزنه وانكسرت اضلعنى من الم قلبى وانقطع كل سبيل لك اكملت حياتى لكني مع الوقت سامحتك… ليس من أجلك ، بل من أجل نفسي ."
ابتسم بمرارة: – "سامحتِني… لكنكِ لم تعودي لي. كيف أعود لشخص قرر أنني لا أستحقه ؟ الحياة يا عمر لم تتوقف بي ، أنا الآن متزوجة ، ولدي طفلان، وحياة مليئة بالمسؤوليات ." اليوم انا
شعر وكأن خنجرًا انغرس في قلبه ، لكنه أخفى ألمه بابتسامة حزينة :
وأنا أيضًا تزوجت ، لكنني… لم أنسَك أبدًا. كنتُ أظن أنني سأنساك مع الأيام ، لكن كلما مرّ عام ، ازداد الحنين . كل شيء يذكرني بك ، كلما نظرت لزوجتى تخيلتك وتمنيت كما لو انتى هى . حتى هذا القطار ."
نظرت إليه طويلًا ، ثم قالت : – "الحنين شعور خادع ، يجعلنا نرى الماضي أجمل مما كان . ربما لو بقينا معًا ، لاكتشفنا أننا لم نكن مناسبين . وربما كنا سنسعد… لكننا لن نعرف أبدًا ." تلك ما يسمونه النصيب .
"بعض الأقدار تمنحك فرصة ثانية… لكنها لا تمنحك الحق في استعادتها."
اقترب أكثر ، وصوته يتهدج : – "ليلى، أنا لا أطلب أن نعود كما كنا ، أعلم أن الأوان قد فات ، لكن… دعيني على الأقل أكون صديقًا ، شخصًا تتحدثين معه حين يثقل قلبك ."
ابتسمت، وفي عينيها دمعة لم تسقط: – "ربما نستطيع أن نكون صديقين… لكن تذكر، أن هناك خطوطًا لا يمكن تجاوزها، ليس خوفًا من أحد، بل احترامًا للحياة التي اخترناها ."
دعنى وقلبى
وصل القطار أخيرًا ، واهتز الرصيف تحت أقدامهما. صعدت ليلى إلى عربة مختلفة عن عربته ، وكلاهما يحمل في قلبه ثقلًا لا يعرف كيف يضعه جانبًا .
من خلف زجاج النافذة ، نظر إليها وهي تجلس بجوار النافذة، تمسك الهاتف مجددًا ، وكأنها تعود إلى عالمها الخاص . أدار وجهه إلى الناحية الأخرى ، يخفي دمعة ساخنة تسللت رغماً عنه
أما هي ، فقد أغلقت الكتاب دون أن تقرأ ، وحدقت في الطريق الممتد أمامها، وهي تدعو الله أن يمنحها القوة لمواصلة حياتها ، وأن يمنحه هو السلام الداخلي الذي حُرم منه منذ أن اتخذ ذلك القرار قبل اثني عشر عامًا .
وفي أعماقها ، كانت تعلم أن بعض الأبواب حين تُغلق ، لا تُفتح أبدًا ، مهما حملنا مفاتيح الندم .
“أتركوا لي ما تبقى مني !!!”

جاسى جاسمين
محررأُتقن فنّ صياغة المحتوى بشكل جيد جدا ، ذلك الذي يُحدث فرقاً حقيقياً. أُدرك قوة الكلمات وتاثيرها ، وأُستخدمها ببراعة لتحقيق أهدافك، سواءً كانت تسويقية أو توعوية أو إعلامية. لا أكتفي بتقديم المعلومات، بل أُغذيها بالحياة والإبداع. أُضيف لمسة سحرية تُميز محتواي، مُجعلةً إياه لا يُقاوم. أنا شريكك في رحلة النجاح، أُساعدك على الوصول إلى جمهورك بأبلغ الطرق. اخترني، و دعنا نُحدث معاً ثورة في عالم المحتوى.