قل لي كيف ترى نفسك؟، أقول لك من أنت أو ما ستكون عليه؟، البعض لا يعيش الحرية في حياته، والتبعية تملؤه حتى أخمصيه، لذا ننصحك أن تكون مستقلًا بذاتك ولا تكن أداة بيد غيرك، يحركها كيفما يشاء، ويتخلص منها وقت ما يشاء، ركّز على ما تعتقده في نفسك، فالفرادة جوهرة التاج الذي توّجك الله به، فلا تحرم نفسك من تميزك، ولا تجعل شخصيتك نسخة كربونية لغيرك فأنت أغلى وأنفس من أي حجر كريم.

نعود للنجاح ونقول لك إن منطقة النجاح بعيدة كل البعد عن الفشل والفاشلين، فإذا لم تستطع تحديد الإحداثيات تجنب المنطقة الموبؤة بحسك الفشل، وكما أن النجاح مُعْدٍ فالفشل كذلك، لذا إياك أن تستمع لشخص يحاول إحباطك وجرّك للخلف، يلزمك ممحاة وقلم أحمر، الممحاة لتمسح من ذهنك كل فكرة سلبية علقت برأسك، والقلم الأحمر لتشطب به على كل وسوسة تحاول إعاقتك.
والآن يا صديقي إليك السؤال: هل تعرف نقاط قوتك ونقاط ضعفك؟، ببساطة عليك أن تضع نفسك في المُنخُل، فنقاط الضعف عندك عيوب ستبقى طافية في غربالك وعليك التخلص منها في أقرب فرصة، أما نقاط قوتك فهي مزايا ستنفذ من ثقوب المُنخُل وعليك المحافظة عليها، فهل لديك هذه المصفاة التي تفرز القشور والشوائب عن اللباب؟
ثقتك بنفسك جسرك للنجاح، وهذا النجاح بذاته جسر لثقتك بنفسك، كلاهما موصل للآخر، المهم أن تبدأ الآن لتربط الضفتين بجسر، إن بامكانك أن تسبق الآخرين لو أردت، وهذا السبق يلزمه طريق مختلف لتختصر به المسافات، وستصل لما لم يصل إليه أحد قبلك. هل سمعت مرة كلمة مستحيل، ثم تحقق ما يقهر هذا المعنون بالمستحيل؟، إن لديك القدرة على كسر زجاجة المستحيلات، فمتى سيخرج المارد من قمقمك؟. قل لنفسك دائمًا: وجد المستحيل ليخترق، فلماذا لا يكن حلمك ذاك المستحيل الذي يستحق منك محاولة تخطيه أو الظفر به على أقل احتمال؟
همسة صادقة نسوقها إليك: لا تبتأس من بداياتك فقد تكون الآن يرقة ضعيفة حقيرة، ولكن بعد اكتمال الطور الذي تغرق به، ستكن فراشة زاهية تخلب الألباب، فقط امنح نفسك وقتًا، واجعل الطبيعة تدور دورتها، فلن يأتي الربيع إلا بعد انقضاء ثلاث فصول.
إذا أرت النجاح فاتبع مسلك الناجحين، وحتى نضرب لك مثلًا نسوق إليك ناجحًا لا اختلاف عليه، رغم ضعفه وضآلته، إن الناجح الذي نعنيه هي النملة، فهلا تأملت كيف تدير حياتها؟، تأمل لعلك تجد ضالتك لديها، النملة تكدح وتتعاون مع جيش عظيم من بني جلدتها لتكتمل تلك المستعمرة المليئة بالمذخرات، حتمًا لن تركع هذه النملة الضعيفة أمام صقيع البرد القارس، رغم هوانها وضعفها، لماذا؟، ببساطة لكونها عرفت حجم ضعفها وعرفت قسوة الحياة، واتخذت التدابير اللازمة لمجابهة الظروف القاسية، فلماذا تتفوق نملة وتخسر أنت؟، ألست أكرم عند الله من نملة؟، إذا أردت الثراء فعليك بالإذخار والاستثمار، إذا أنفقت جميع دراهمك، ستتبخر من راحتك الثروات، لهذا ضع الحكمة نصب عينيك: "احفظ قرشك الأبيض ليومك الأسود"، فلماذا لا نتعلم درس الإذخار من حكمة النمل؟، جرّب ولو لمرة أن تكون نملة في تفكيرها، وستتغلب على الصقيع!
جرّب ولو لمرة فالتعاون والإذخار والعمل الدؤوب الذي لا يكل ولا يمل هو بداية الطريق، كن نملة لعام واحد، لتعلم الفرق بين النملة والصرصار الذي يغني طيلة الصيف ويطرق باب الآخرين طيلة الشتاء!
إن ثقافة النملة أنقذت أمة، وهذا ما ساقه يوسف الصّدّيق لعزيز مصر: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ)، جرّب إذخار ما لديك وجرّب عدم تبديد الثروات، اعمل واذخر، وقتفي أثر النمل، في غضون سبع سنوات ستمتلك الحرية الاقتصادية التي ترومها، ذات مرة شاهدت قطعة خبز صغيرة، هجمت عليها نملة مفردة لم تتمكن من حملها، وبعد ساعة تمكنت هذه النملة من نقل القطعة لمنزلها بمعونة فريق من الزميلات، بصراحة لا اعلم المماحكات والمحاصصات التي تم إبرامها بين هذا الفريق، ما أعرفه أن هذه النملة حصلت على مرادها، وأظن أن الجميع كسب من هذه الصفقة، المهم هو الدرس الذي نتعلمه وهو أنّ من أراد أمرًا بلغه.
عفوًا، قد لا يكون الجميع بإخلاص النمل، فهناك ذئاب لا تأكل بعضها بخلاف بني جلدتنا الذين يستمرؤون أكل بعضهم البعض، بالطبع ليس الجميع كذلك، ولكن الحذر واجب قبل فتح صندوق الانتخاب، احذر ممن له صوت الفحيح، احذر ممن يرتدي فروة الحَمَل، احذر أثناء دخولك عالم الاستثمار الذي قد يقودك للفشل، احذر من الطمع الذي تعقبه خسارة، فالإذخار أشرف لك من زيادة المال دون بصيرة، فكن كالنملة تعمل كثيرًا وتذخر أكثر مما تأكل، لتصحو ذات ليلة شاتية تستطعم أكل الكستناء.

عبدالعزيز آل زايد
كاتب وروائي سعوديعبدالعزيز حسن آل زايد، كاتب وروائي سعودي، من مواليد مدينة الدمام في عام 1979م، حاصل على (جائزة الإبداع) في يوليو 2020م، من مؤسسة ناجي نعمان العالميّة في بيروت في دورتها الـ18، بروايته (الأمل الأبيض)، آل زايد يحمل درجة البكالوريوس من جامعة الملك فيصل، والدبلوم العالي من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل. روائي مهتم بالسّرديات التاريخيّة التخيليّة، ومؤلف شغوف بالكتابة، وهو يمارس مهنة التعليم في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، له الكثير من الكتابات على الصحف والمجلات الإلكترونية ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة.