أنا وحدي كائن سعيد.. ولكن؟!

Nermin Yousif
كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

الوحدة.. تأمل.. تدبر.. تفكير.. تطوير.. نجاحالوحدة.. تأمل.. تدبر.. تفكير.. تطوير.. نجاح

ترددت على الألسنة منذ عصور عبارة (الجنة من غير ناس ماتنداس) بمعنى إنك

لو ساكن بالجنة بمفردك ستصبح شخص تعيس وهذا بالنسبة لي هراء وعبارة

عارية تماما من الصحة، مثلها مثل كثير من العبارات التي تورثنها ورددنها بدون وعي واصبحنا نعتنق ونطبق ما فيها دون تفكير ، مثل عبارة ( فاقد الشئ لا يعطيه) وهي عبارة خاطئة والتجارب أثبتت أن فاقد الشئ أكثر شخص يعطيه،

لذا علينا تنقية موروثاتنا من الأمثال والحكم الشعبية لكي تتطابق مع الواقع

والمنطق، والأن نعود للعبارة الأولى التي تؤكد على إنك ستكون شخص تعيس

إذا عشت بالجنة بمفردك وتود أن تعيش مع الناس خارج الجنة ، فأسمح لي أن


اقرأ ايضا

    أنعتك بالأحمق. فكثيراً من الأشخاص بعد أن جربوا الإنفصال عن الناس واختاروا العزلة اكتشفوا سعادتهم وتمتعوا بالهناء وراحة البال بدون تطفلات بشرية وتدخلات في الحياة الشخصية ، وبدون إهدار وقتهم في سماع تراهاتهم وشكواهم الدائمة من الحياة ، واستغلوا هذه الأوقات في تطوير ذاتهم أو حتى الاسترخاء لمواصلة كفاحهم وخططهم المستقبلية بدون عرقلتها من المحبطين والمتطفلين.

    عندما تختار العزلة وتعمل على هدفك ، لن تشعر بمرور الوقت لإنغماسك في

    خطوات هدفك وستنجح وتحقق أهدافك وعندما يرى الناس نجاحك ستفاجئ باللوم

    والعقد النفسية التي تطفح في وجهك كمياه الصرف الصحي ، ستُتهم بإنك لم

    تتحدث معهم ولم تطالعهم على خططك ولم تشاركهم أفكارك وإنك خبيث وأناني

    وتحركت سراً، وكأنه حق مكتسب لهم أن تكون مستباح أنت وخططك وأهدافك،

    وكأنك أنت الذي كتفت أيديهم وأرجلهم عن تحقيق أحلامهم غير مدركين إنك

    تركتهم في هدوء بحريتهم والكل يمضي في طريقه كما يروق له. ولكنهم لا

    يدركون إنك تسير في طريق لا تعرف نجاحه من فشله، غير مدركين عدد

    المرات التي فشلت فيها ومدى الألم الذي كسرك وحاولت إستعادة نفسك من جديد

    لكي تحاول مرات ومرات لتصل لهدفك، فستدرك حينها أن أهم خطوة اتخذتها

    في حياتك هو البعد عن هذه النوعية من الناس وأن نجاحك كان معتمد بشكل

    أساسي على البعد عن هذه النوعية التي حتى عندما نجحت لاموك، فهذه النوعية

    عندما تتحدث عن افكارك ثبطوك واحبطوك وارجعوك عنها، وعندما لم تحدثهم

    عنها وتحصد الحصاد وحدك نعتوك بالأنانية والخبث. أي أُناس هؤلاء؟! فلنعلنها

    صراحةً عليك الهروب وأنا وحدي كائن سعيد.

    أنا وحدي كائن سعيد . ولكن؟!

    أنا وحدي كائن سعيد.. ولكن؟!

    يجب أن تتمتع بالذكاء في وحدتك حتى تحصد النجاح بعد فترة من العزلة ونمط

    حياتك الجديد، طالما نويت إعتزال الناس والإنفراد بذاتك وهي أغلى ما تملكه

    يجب أن تعمل بما جاء في القرآن الكريم ( قد أفلح من زكاها * وقد خاب من

    دساها*)، فذاتك هي رأس مالك التي يجب أن تستثمره بشكل صحيح.

    كيف تكون ذكيا في عزلتك؟

    هناك الكثير ينعزل ولكنه يظل عاكفا على مشاهدة التلفاز والأفلام وقضاء معظم

    الوقت على وسائل التواصل الإجتماعي يشاهد الفيديوز كمتلقي سلبي غير فعال،

    لن يصبح سوى سلة لأفكار الآخرين أو اسفنجة يمتص كل ما يتعرض له سواء

    بالإيجاب أو السلب، سواء ما يتعرض له مفيد أو مضر، بالتأكيد اختيارك للمحتوى المفيد الذي ينعكس عليك بالنفع هو شئ جيد، ولكن عليك بإتخاذ إجراء أو كما يقول الأجانب Take an action ، فعندما تستمع إلى فيديو مفيد عليك تطبيقه فيما هو في حدود إمكانياتك وقدراتك، أما إذا كان ما تتعرض له فيديوز غير مفيدة عبارة عن أخبار مشاهير وتحديات وبلوجرز وجيميرز وعري وغرائز، فأنت تقضي على نفسك شيئا فشيئا،ً ولكن لن تكون سوى حطام إنسان ستصل لمرحلة من العوز والتسول لأن ليس لديك عمل وليس لديك مهارة أو شخصية لأنك دفنت نفسك في عزلة مقيتة ، لا اندمجت مع الناس لتعزيز مهارة التواصل ولا انفردت بنفسك لتطويرها (ونفس وما سواها* فألهمها فجورها

    وتقواها* قد أفلح من زكاها* وقد خاب من دساها) صدق الله العظيم.

    كيف تصبح إنسان وحيد سعيد؟

    1) تخصيص ساعة أو نصف ساعة بعد استيقاظك من النوم لروحك، قراءة

    القرآن الكريم والأذكار والأدعية.

    2) نصف ساعة لقهوتك المفضلة مع عدد من صفحات لكتابك، فالقراءة ليست

    من كماليات الحياة فهي غذاء العقل.

    3) ساعة لممارسة الرياضة أي نوع مشي، جيم، سباحة، فالجلوس وحيداً

    لفترات طويلة دون ممارسة الرياضة يؤذي الجسم ويكهله مبكراً. إذا

    خصصت ساعة للمشي يوميا فأنت تمرن كل عضلات جسمك، وتقضي

    على تضخم منطقة البطن، أما إذا مزجت بين المشي وسماع بودكاست

    مفيد عن قصة نجاح ملهمة أو تعلم مهارة في مجال معين أو سماع لغة

    تحب أن تتقنها فيالها من فائدة وسعادة؟! ساعة واحدة تمارس فيها أكثر من

    عمل وتنمي فيها أكثر من مهارة . فهذا حقا أعظم استثمار لوقتك وجهدك

    حتى إنه أعظم من استثمار الأموال. فهناك اشخاص يتحججون لعدم

    ممارسة المشي لأن ليس معي صحبة تشجعني، لن أذهب للجيم لأن ليس

    معي من يشجعني.. ما هذه البلاهة التي أنت عليها؟! لماذا ترى الصحبة

    فقط في الكافيهات والسينمات ؟ فعليك أن تنظر إذن لصحبتك، وإذا لم تجد

    منهم من يشجعك على ممارسة العادات الجيدة فعليك أن تشجع أنت نفسك

    لأنك تريد لنفسك أن تكون الأفضل، وعندما تكون الأفضل سينظرون هم

    إليك بغبطة لأنك تركتهم وطورت من نفسك وأصبحت في مكان أفضل ،

    وهم لا يزالون على الكافيهات والقهاوي يتضجرون من سوء أحوالهم.

    4) ممارسة عملك أو مجالك بإتقان. اتقن عملك ، إقرأ في مجالك ، اندمج في

    العمل وأهدافك الوظيفية.

    5) مارس الإجتماعية المنتقاه أو ما يسمى ( Selected Social ) فهذا

    المصطلح يعني إنك لن تكون صديق أي شخص ، بل إنك ستكون صديق

    لمن هو في نفس إهتماماتك، ستصادق أشخاصا يريدون تطوير ذاتهم

    مثلك، يحاولون أن يجاهدوا نفسهم لممارسة عادات صحية مثلك، فإنتقاء

    هذه الشخصيات يعود عليك بالنفع، وهؤلاء ستجدهم في الكورسز وحلقات

    العلم وحلقات الدين. وتشمل الإجتماعية المنتقاه أيضا توطيد علاقتك

    بالكبير في مجال عملك بدون نفاق أو مجاملة أو تقارب عائلي، وإنما يكون

    تقارب على مستوى العمل فقط.

    ويجب في هذه النقطة أن تمارس الحكمة والوعي والحذر في ضرورة وضع

    حدود للصداقة ، ويجب أن تضع لنفسك هالة لا تسمح للآخرين بالإقتراب من

    مساحتك الشخصية . لا تسمح لأحد أن يُعلق على قراراتك أو أهدافك لأن غير

    مسموح أن تحدث أحد عنها، فهذه الأحاديث مع نفسك وربك فقط .

    العزلة وكونك وحيد أيضا يعطيك فرصة للتدبر والتأمل وهذا دينياً نحن

    مأمورين به ، ولكن زحمة الدنيا ومشاغلها والإندماج الشديد مع السوشيال ميديا والفيديوز والستوريز والريلز ، وكل هذه المستجدات لم تبقِ لنا وقتا للتفكر والتأمل .

    تخيل معي أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان يختلي بنفسه في غار

    حراء يناجي ربه الذي لا يعرفه ويتأمل الكون حتى نزل عليه الوحي وهو في

    الغار مختلي بنفسه حتى أصبح أعظم شخصية في التاريخ. علماء الحضارة

    الإسلامية الغير مذكورين في الكتب الدراسية مثل ابن سينا والبيروني

    والخوارزمي وابن رشد وغيرهم كانوا يركزون في مجال علم معين ويقرأون

    في شتى العلوم ويتفكرون ويتدبرون الكون والقرآن، كان لديهم الوقت للتفكر

    والتأمل فصنعوا حضارة عظيمة يعيش عليها الغرب حتى الآن ، أما نحن

    الآن اشغلونا بالمواقع الإفتراضية لعرض فيديوز حالات الحزن والتقوقع

    داخل دور الضحية وغدر الأصدقاء وغدر الزمان، وترى أبناءنا في سن

    الحادية عشر منغمسون في دور الضحية ويرددون أغاني غدر الزمان هذه ،

    عن أي زمان تتحدث أيها الفتى أو الفتاة ذات الحادية عشر من العمر؟! هذه

    المستحداث جعلت الأبناء يتركون واقعهم ويتعايشون مع ذاتية موحشة

    تشعرهم بإنهم مركز الكون وإذا لم يحدث ذلك تحدث صدمة وإحباط، لذا من

    المهم أن يتأملوا ويتدبروا بعيداً عن الأجهزة ويعايشوا الطبيعة.

    فكن وحدك كائن سعيد متطور تصنع عظمة في صمت حتى تخرج للعالم

    عظيما في نظر ذاتك أولاً ، ولتصنع جيلاً عظيما من بعدك أيضا.ً

    يسعدنا سماع أرائكم في المقال ومتابعتنا دائما.ً

    Nermin Yousif

    Nermin Yousif

    كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية

    كاتبة وصحفية خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة بتقدير جيد جداً . خبرة 17 عاماً كباحثة إعلامية في إتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري. البحث والتدقيق في التفاصيل من أهم مراحل عملي لإنجاز المقالات ، لدي سهولة في استخدام اللغة العربية وكلماتها البديعية في صياغة المقال لخدمة هدف المقال، وقدرة على ترتيب الأفكار بشكل جذاب يشد القارئ للمحتوى دون ملل أو تطويل. لدي خبرة في كتابة المقالات وسيناريو مسلسلات للكبار والصغار.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ