أسرار الحياة الهادئة-تعلّم كيف تسيطر على عواطفك
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخوللا بد أنك مررت بموقف قلت فيه أشياء لم تكن تريد قولها، أو فعلت فيه ما لم تكن تريد فعله، وشعرت بالندم بعد أن عاودت التفكير في الأمر، كل ذلك بسبب عواطفك، لكن لا تقلق، فأنت لست الوحيد الذي مر بهذا الموقف، كلّنا فعلنا ذلك لأننا فقدنا السيطرة على مشاعرنا وعواطفنا في لحظة من اللحظات، لكن الخبر السّار هو أن التحكم بالعواطف ليس أمرا مستحيلا، بل هو مهارة يمكن تعلمها بخطوات بسيطة. فتابع القراءة لكي تعرف كيف يمكنك التحكم بمشاعرك وعواطفك ومن ثم تحسين ردود أفعالك في المواقف الصعبة.
لماذا لا أستطيع التحكم في مشاعري وعواطفي؟
في أي وقت نتصرف فيه قبل أن نفكر يصبح من الصعب علينا التحكم في مشاعرنا وعواطفنا، فالمشاعر السعيدة والمثيرة والرّائعة التي نشعر بها توجّه القرارات التي نتخذها، والأمر نفسه مع المشاعر السلبية والعدوانية مثل الغضب والحزن والإحباط، ومن أخطر القرارات علينا تلك التي نتخذها بسبب مشاعرنا السلبية، لذلك يجب علينا -ونحن في غمرة من هذه المشاعر الإيجابية أو السلبية- أن نتوقف قليلا لنفكر في هذه المشاعر ونفهم ماهيتها، ونفكر فيما يمكن أن يترتب عن ردود الأفعال التي نعتزم القيام بها.
هل يمكنني حقا التحكم في مشاعري وعواطفي؟
مشاعرنا عفوية وغير طوعية؛ ومعنى ذلك أنها تحدث بشكل تلقائي وانعكاسي، وغير متوقع، فالمشاعر والعواطف قد تنشأ بسبب فكرة مرت سريعا في أدهاننا، أو بسبب منظر رأيناه، أو بسبب شيء سمعناه، ونحن غير قادرين دوما على توقع ما يمكن أن نراه أو نسمعه أو نفكر فيه، وبالتالي من الصّعب في كثير من الأحيان أن نمنع تكَوّن المشاعر أو العواطف. ولكن ما يمكننا التحكم فيه هو درجة استجابتنا لهذه المشاعر، والسّلوكيات التي يمكن أن نقوم بها بسبب هذه المشاعر والعواطف. ويمكننا القيام بهذا الأمر من خلال تطبيق ما يسمى بـ: استراتيجيات الضبط العاطفي، التي سنتعرف عليها في الأسطر التالية.
الاستراتيجية الأولى: تواصل مع مشاعرك وعواطفك
يقصد بالتواصل مع العواطف والمشاعر أن نحاول فهمها ونحدد الأسباب الكامنة وراء حدوثها ونشأتها، فالمشاعر وجدت لتخبرنا بشيء ما، وتلفت انتباهنا إليه، لتنبهنا إلى شيء مهم، أو يُحتمل أن يكون تهديدا لنا. ومهمتك الأولى في طريقك لضبط مشاعرك وعواطفك هي فكّ رموز ما تشعر به، من خلال منح اسم لما تشعر به (حزن، خوف، غضب، حماس، فرح...) ثم تحديد السبب الذي ولّد هذا الشّعور في نفسك. وعندما تتمكن من فعل ذلك انتقل إلى تطبيق الاستراتيجية الثانية.
الاستراتيجية الثانية: حوّل انتباهك إلى الخارج
رغم أن المشاعر حقيقية إلا أنها غير ملموسة، لذلك يمكنك التغلب عليها من خلال تحويل اهتمامك إلى شيء مادي ملموس، ويقترح عليك المتخصصون في المجال طريقة يسمونها لعبة 5-4-3-2-1 وبيانها على الشكل الآتي:
قف وانظر من حولك ثم حدد ما يلي:
خمسة ألوان مختلفة
أربعة أشكال مختلفة
ثلاث مواد مختلفة
شيئان صنعهما البشر
حيوان واحد
ويمكنك أن تغير الأشياء التي تقوم بالبحث عنها داخل هذه اللعبة بأشياء تناسب محيطك، لأن المهم ليس هو ما تبحث عنه، وإنما المهم هو أن تنشغل بشيء خارجي ريثما تهدأ مشاعرك وعواطفك. كما يمكنك أيضا أن تقوم بتشغيل الموسيقى، فهي أيضا من الأدوات البسيطة التي تساهم في تنظيم المشاعر.
الاستراتيجية الثالثة: تناول أكلا صحّيا ومارس الرياضة
إن ممارسة الرياضة، والحصول على القدر الكافي من النوم، وتناول الأطعمة المغذية والصّحية، وممارسة الهوايات يمكن أن تدعم الصّحة العاطفية، وتنظم المشاعر الشديدة، وتساعدك في الانسجام مع نفسك وتنظيم ذاتك.
الاستراتيجية الرّابعة: أنشئ كتاب السّعادة وصندوق الفرح الخاص بك
اتخذ صندوقا واملأه بكل الأشياء التي توثق لذكرياتك السّعيدة (صور، هدايا، شهادات...) وعندما تغمرك المشاعر السلبية افتح هذا الصندوق واسترجع ذكرياتك الجميلة وإنجازاتك الرّائعة.
يمكنك أيضا أن تتخذ إلى جانب هذا الصندوق مذكرة تدون فيها كل الأشياء التي تجعلك سعيدا ومرتاحا؛ مثل الاقتباسات الملهمة، وشهادات الناس الإيجابية فيك وغير ذلك من الأشياء التي تمنحك الراحة والشّعور بالرضى عن النفس.
هذه الخطوات على الرغم من بساطتها فهي تساعدك على إعادة ضبط مشاعرك وعواطفك.
الاستراتيجية الخامسة: اُكتب ما تشعربه
يعتبر إنشاء مجلة مزاجية أمرا ضروريا إن كنت تريد ضبط مشاعرك وإدارتها بفعالية، أحضر أوراقا وقلما وابدأ بكتابة ما تشعر به يومياّ، وكيف أثرّت هذه العواطف عليك.
في بعض الحالات ستجد نفسك في موقف لا تستطيع فهم كيف ولماذا تشعر بشعور معيّن.
وقد تواجه صعوبة في الكتابة عن وضعك الحالي، خاصة إذا لم تستطع التحكم في مشاعرك. وفي هذه الحالة عليك أن تحاول ربط هذا الشعور بموقف آخر مشابه مررت به سابقا.
وبعد مداومتك على هذا الأمر لمدة محددة ستجد أنك قد بدأت تفهم مشاعرك على نحو جيد بحيث سيسهل عليك التعامل معها بعد ذلك.
الاستراتيجية السّادسة: حافظ على علاقات صحّية
تلعب العلاقات الصّحية دورا محوريا عندما يتعلق الأمر بالتحكم العاطفي، فالعلاقات الصحية ضرورية لتنظيم العواطف.
عندما تشعر بالغضب أو المرارة، فإن التّحدث مع صديقك المقرب، أو قريبك، أو شريك حياتك، يمكن أن يجعلك تشعر بنوع من التحسن، بحيث ستشعر براحة البال بعد حصولك على الدعم المعنوي الذي سيهدّئ استجابتك الجسدية.
من الضروري أيضا أن تحافظ على علاقات وثيقة مع بعض أصدقائك، بغرض الانفتاح عليهم عندما تواجه مواقف صعبة ومرهقة لا يمكن مشاركتها مع الجميع. وللحفاظ على هذه العلاقات الوثيقة تأكّد دوما أنك على اتصال منتظم مع هؤلاء إما جسديا أو عبر رسائل التواصل الاجتماعي.
الاستراتيجية السّابعة: تجنب ما يحفز مشاعرك السلبية
من خلال قيامك بالأمور المذكورة آنفا ستكون قد تعرفت على مشاعرك وفهمتها بشكل جيد، وستكون أيضا قد تمكنت من تحديد الأسباب التي تزيد من إحساسك بمشاعر معيّنة، والآن ما عليك سوى استثمار النتائج السّابقة والابتعاد قدر الإمكان عن المحفزات التي تحفز مشاعرك السلبية. فلو كنت -على سبيل المثال- تشعر بالغضب وخيبة الأمل عند عدم حصولك على الاحترام والتقدير الكافيين، ما عليك سوى الابتعاد عن الأماكن التي لا تحصل فيها على الاحترام والتقدير. واقصد الأماكن التي تحصل فيها على التقدير الكافي، فعادة ما تعمل هذه الطريقة بشكل جيد مع المشاعر السلبية.
خاتمة
هذه إذن أهم الاستراتيجيات التي يمكنك اتباعها من أجل السيطرة على مشاعرك وعواطفك، والحصول على حياة هادئة، وإذا المشاعر ساحقة وشديدة جدا لدرجة أن هذه الخطوات لم تجدي نفعا معها، ما عليك سوى زيارة طبيب نفسي وطلب المشورة منه وسيرشدك إلى الحل الذي يتناسب مع حالتك.
المراجع:
أيوب التزي
كاتبكاتب و مدرس، مهتم بالمواضيع ذات الصلة بالنفس البشرية والعلاقات الإنسانية.
تصفح صفحة الكاتب