أسباب انجذاب شبابنا وبناتنا إلى المسلسلات الكورية أو ما يعرف ب K Drama

لوحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع نسبة مشاهدة الدراما الكورية، وقد جذبت ال (ك- دراما) انتباه كثير من الشباب وخاصة البنات إلى مشاهدتها لدرجة تصل إلى 24 ساعة أمام المنصات واليوتيوب، كما ظهرت فيديوز وريلز على مواقع التواصل الإجتماعي محتواها معتمد على ملخصات لهذه الدراما. وفي هذا المقال سنحاول التعرف على أسباب انجذابهم لهذا النوع من الدراما، وهل هذا يشكل خطراً على أجيالنا الحالية والقادمة أم لا.
أسباب انجذاب الفتيات لمسلسلات ال K Drama
بسؤال فتيات في سن الرابعة عشر إلى الثامنة عشر عن أسباب انجذابهن للدراما الكورية تلخصت الأسباب في:
- شياكة البطل ووسامته.
- شياكة البطلة وموضة الملابس .
- قصة المسلسل شديدة التأثير ومتسقة والأفكار جديدة.
- الأكشن والضرب والمطاردات بالسيارات ومطاردات بين العصابات والشرطة.
- مسلسلات لأفكار انتقامية مثل مسلسل فينشينزو وملكة الدموع.
- ومنها مسلسلات هادئة تحتوي على مناظر طبيعية جميلة.
- منها مسلسلات خيال علمي جميلة ومسلية مثل مسلسل البائع الخارق.
- جودة التصوير والإنتاج، روح عمل فريق المسلسل أثناء التصوير والتي يشاهدون لقطات منها على صفحات التواصل الإجتماعي للممثلين الكوريين.
- البحث عن الترفيه والهروب من الملل والروتين اليومي، فتوفر الدراما الكورية هروبًا من الواقع، حيث تقدم عالمًا تتأجج فيه المشاعر، وتنتشر فيه النهايات السعيدة . وهذا أمر جذاب خلال الأوقات العصيبة أو الصعبة.
- الإعجاب بالأغاني والموسيقى المستخدمة بالمسلسل.
- الإهتمام بالبٌعد النفسي وتحليله للشخصيات الدرامية مما يعمق فهم الشخصية، وتعريف المشاهد بالأمراض النفسية التي قد يسببها الأهل لأبنائهم، والآثار النفسية للمعتقدات الشعبية الموروثة.
- الرقة في التعامل بين الشخصيات واللغة المستخدمة والحديث، فلا يوجد تطجين أو بلطجة في اللغة كما في الدراما المصرية.
وفقًا لآخر إحصائيات المركز الثقافي الكوري، فقد أكدت البيانات الأخيرة أن الدراما الكورية حققت نجاحًا كبيرًا في مصر والوطن العربي، و ازداد انتشارها وشعبيتها بين المراهقين في العالم العربي، خاصة في مصر.
نشرت ال BBC تقريراً عن ال ( ك- دراما) نظراً لأنتشارها بشكل كبير وتأثيرها على الجماهير، وقالت أن المسلسلات الكورية الحالية أظهرت نماذج المرأة القوية والشخصية النسائية المعقدة مما يعكس التغير الإجتماعي في المجتمع الكوري وأظهرته المسلسلات الكورية الأخيرة. تقول الممثلة والمغنية أوم جونغ هوا، إحدى أقوى النساء في عالم الترفيه الكوري، إن الأضواء نادراً ما سلطت على النساء في التسعينيات، عندما كانت "أهداف الحياة" للمرأة تتلخص في العثور على الرجل المثالي.
لقد لعبت الفتاة البالغة من العمر 54 عامًا دور البطولة في مسلسل دكتور تشا، وهو مسلسل من إنتاج نتفليكس، وتدور أحداثه حول امرأة في منتصف العمر تقرر إكمال تدريبها الطبي وبدء العمل بعد 20 عامًا من الاعتناء بأسرتها الجاحدة. تقول أوم: "اختارت الدكتورة تشا أن تسعى إلى تحقيق أحلامها، قائلة إنها قامت بدورها كأم. ورحلتها ملهمة بشكل لا يصدق". وتعتقد أوم أن التحول في تمثيل المرأة يرجع إلى التنمية الاقتصادية غير العادية في كوريا الجنوبية، والتي شهدت ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 400 دولار (320 جنيه إسترليني) إلى حوالي 35 ألف دولار (27730 جنيه إسترليني) في نصف قرن. وقد أدى ذلك إلى تغييرات في المجتمع - بما في ذلك المكانة الاجتماعية للمرأة.
يقول أيضاً هونغ، كاتب السيناريو: "النساء الكوريات متعلمات تعليما عاليا ويريدن النجاح الاجتماعي بدلا من الزواج والإنجاب - ولكن هناك بعض المشاكل". حيث تتمتع كوريا الجنوبية الآن بأدنى معدل مواليد في العالم وتسجل درجات منخفضة للغاية في مقاييس مساواة المرأة. وتتقاضى المرأة الكورية أجرا أقل بمقدار الثلث في المتوسط من نظرائها من الرجال. لكن على الشاشة، على الأقل، تتولى النساء المسؤولية وتظهر أقوى من الواقع.
تقول أحدى كُتاب السيناريو: "ربما حان الوقت لكي ينتبه الرجال إلى ما تنطوي عليه خيالات النساء. لقد ظلت النساء يلبين خيالات الرجال لعدة قرون". حيث ركزت الدراما الكورية على متطلبات واحتياجات النساء العاطفية من الرجال.

خلال وباء كورونا، تراجعت صناعة السينما في كوريا، بينما ارتفعت نسبة مشاهدة الدراما الكورية بشكل حاد. وقد وفرت خدمات البث المباشر حرية التعبير وميزانيات كبيرة، وبدأ العديد من صانعي الأفلام في إنتاج الأعمال الدرامية الكورية. وهنا جاء دور شبكة Netfilx في الدراما الكورية واستثمرت 2.5 مليار دولار في إنتاج ال ( ك- دراما ) . يضيف هونج أن Netfilx استثمرت في إنتاج مسلسل Squid game أو لعبة الحبار ويوجد اختلاف كبير في التناول للموضوعات فالتليفزيون الأرضي الكوري كان يحتوي على قدر أقل من العنف، وأقل من الجنس فكان يجب أن تظل منتظراً للحلقة العاشرة حتى ترى قُبلة، أما بعد دخول نتفيلكس فهناك الكثير من القتل والمشاهد الجنسية. مثلما في مسلسل (اسمي) نرى مشاركة النساء في أعمال عنف وأيضاً مشهد جنسي.
يقول (ماكدونالد) كاتب سيناريو أن الدراما الكورية مشهورة بعفتها وهو سر جاذبيتها العالمية ولكن هذا يتغير الآن ، وبدأت الدراما الكورية في تصوير الأجناس المختلفة والجنس بطريقة إيجابية.
ظهرت شخصية متحولة جنسياً في مسلسل (Itaewon Class ) وتمت معاملتها بإحترام، مما يشكل تحولاً في الدراما الكورية ولا يتوافق مع عادات وثقافة المجتمع العربي الذي يتم دفعه إلى احترام مثل هذه الشخصيات والتي يجب عليه أن ينبذها ويحتقرها.
وسنتناول في مقال أخر قصص بعض المسلسلات الكورية ومناقشة أفكارها وتأثيرها الإعلامي على المشاهدين، ولكن ما نحاول التركيز عليه في هذا المقال هو اسباب الإنجذاب بشكل عام وتأثيره على المراهقات.
تأثير الدراما التليفزيونية على الجمهور المتلقي
الدراما التليفزيونية أصبحت ذات تأثير لا يستهان بها في صناعة الثقافة وتوجيه الرأي العام، وصار الشباب العربي أكثر تعلقاً بها بفضل تطور تقنية الإنتاج والبث الخاص بها.
وسائل الإعلام معنية بالسلوك البشري وطرائق توجيهه لأن غاية المنتج الإعلامي هي تكوين توجيه السلوك الجماعي لخدمة هدف معين لذلك نجد أن الإعلام يلعب دور الوسيط بين الجماهير من جهة والجهات المهتمة بتوجيه السلوك الجماهيري مثل السياسيين والتجار ورجال الأعمال من جهة أخرى. والسلوك البشري مركب مكون من ثلاث جوانب :
جانب معرفي : ندرك من خلاله ما حولنا من أحداث ومظاهر.
جانب انفعالي: وهو الحالة الوجدانية والمشاعر التي تسبق الفعل البشري وتحثه على العمل.
جانب حركي: وهو القدرة على إعطاء الجسم أمر بالتحرك وفعل الفعل.
وأول محركات السلوك البشري هي الحاجة مثل الحاجة للغذاء فيأكل وللشرب فيشرب وللجماع فيجامع، وهذه حاجات أولية غريزية يتخذ الإنسان سلوكاً معيناً لإشباع هذه الحاجات . وهناك حاجات ثانوية مثل الحاجات النفسية وهي التي تصوغها البيئة الثقافية التي ينشأ فيها وهو الركن الذي يستطيع الإعلام تشكيله وفقاً لرغبات واتجاهات صناعه.
وبما أن الحاجات الأولية تُصنف على إنها حاجات غريزية عند كل الكائنات الحية ليس لها أبعاد نفسية، إلا البشر- وهو ما يميز الإنسان عن الحيوان في أن الحاجات الغريزية لها بعد نفسي عند الإنسان. فالحاجة تولد السلوك لإشباعها وبما أن لها بُعد نفسي فنجد بعض الأفراد يميلون إلى إشباعها بطرق غير طبيعية كالشذوذ والانحراف الجنسي، فالانحراف منشؤه نفسي وليس وظيفي فسيولوجي. ومن هنا جاءت وظيفة الدراما وخدمتها في إشباع الحاجات النفسية، لذا من الحرص إما عدم التعرض للدراما التي تشوه النفس البشرية أو موازاتها بالوعي والمعرفة بحيث يتم تحجيم أثارها. فالإنسان الواعي هو الإنسان القادر على إحاطة نفسه بهالة من الحماية من الأفكار الغريبة والشاذة وهو أمر صعب الوصول إليه مع كمية الدراما والإنتاج الكثيف المعروض والمحيط بنا من كل دول العالم والذي أصبح مفتوحاً بلا حدود.
إن أكثر العقبات التي تواجهها وسائل الإعلام هي عقبة (التعاطف القيمي مع الرسائل الإعلامية) لأن القيم والمعتقدات التي يتربى عليها الإنسان تعد حاجز صعب الإختراق، والعقائد والقيم يصعب زعزتها بسهولة ، لذلك هي هدف دائم لوسائل الإعلام فلا تدعها تحقق أهدافها وكن واعياً لها، فدورك تثقيف نفسك والتحصن بدينك ومبادئك لتكون حائط صد ضد هذه الأهداف.
Nermin Yousif
كاتبة وصحفية وباحثة إعلاميةكاتبة وصحفية خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة بتقدير جيد جداً . خبرة 17 عاماً كباحثة إعلامية في إتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري. البحث والتدقيق في التفاصيل من أهم مراحل عملي لإنجاز المقالات ، لدي سهولة في استخدام اللغة العربية وكلماتها البديعية في صياغة المقال لخدمة هدف المقال، وقدرة على ترتيب الأفكار بشكل جذاب يشد القارئ للمحتوى دون ملل أو تطويل. لدي خبرة في كتابة المقالات وسيناريو مسلسلات للكبار والصغار.