"الأيام" رائعة من روائع عميد أدبنا طه حسين.. سيرة ذاتية

إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوع
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

'طه حسين - عميد الأدب العربي'طه حسين - عميد الأدب العربي

على مقاعد الدراسة في حصة المطالعة والنصوص كانت الصمت رهيبًا في أرجاء الغرفة الصفية؛ الجميع بحالة إنصاتٍ غريبة لتفاصيل حياة عميد الأدب العربي طه حسين، فقد كان كتاب الأيام رفيقنا طوال العام نلجأ إليه أسبوعيًا لنقرأ صفحات ونتناقش بها، وحقًا قد كبرت هذه السطور في أعماقنا خلال أيامنا نحن.

الأيام - السيرة الذاتية للأديب طه حسين

طه حسين - سيرة ذاتيةطه حسين - سيرة ذاتية

لا أعتقد أن سطورًا كانت قد تُخّط أفضل من تلك سطور طه حسين في كتابه الأيام عن حياته الشخصية؛ خلال القراءة تشعر المآسي التي حلّت عليه منذ لحظة فقدان النظر وحتى بلوغه الشيخوخة، فقد واجه مواقف عصيبة مع من حوله، ولكن بمشيئة الخالق عز وجل أن سلبه نعمة البصر وأنعم عليه بنعمة البصيرة والذكاء الخارق؛ أعطى فأذهل.

كتاب الأيام من الكتب المصنفة ضمن السير الذاتية التي بدأ عميد الأدب العربي طه حسين في كتابتها بأسلوبٍ يبث في نفس القارئ شعورًا بأنه قد نشأ وترعرع في ذلك الزمن وقد عاصر طه حسين فعلًا لدقة الوصف للمواقف واللحظات التي عاشها، وقد سرد تفاصيل حياته في ثلاثة أجزاء؛ حيث خصص الجزء الأول لتفاصيل طفولته في قريته، ثم استحضر صفحات الجزء الثاني ليقص علينا تفاصيل رحلته العلمية والدينية في الأزهر والجامعة الأهلية.

أما الجزء الثالث من كتاب الأيام فقد سلط الضوء به على رحلته التعليمية في الجامعة الأهلية، وتفاصيل حصوله على دبلوم الدراسات العليا والدكتوراه والماجستير، وأخيرًا حتى اللحظة التي حطت بها قدماه على ثرى مصر ليمتهن التدريس في الجامعة.


اقرأ ايضا

    تلخيص كتاب الأيام لطه حسين

    طه حسين - كتاب الأيامطه حسين - كتاب الأيام

    استهل طه حسين في الجزء الأول تفاصيلًا تقريبًا منذ العام الرابع من عمره بعد فقدان البصر، والذي أحّل به إثر مرض الرمد، وقد سرد الكثير من المواقف المؤلمة التي حول صعوبة التأقلم مع الوضع الجديد الذي نزل به "العمى"، ولكن جرعة من التفاؤل والأمل كانت تنير السطور خلال الحديث عن الأمل والرجاء الذي كان يهيمن على والده عندما أرسله إلى الكتاب راجيًا المولى عز وجل أن يكون عالمًا في يوم من الأيام.

    طه حسين أيقونة في الذكاء الذي أذهل المشايخ في قريته وتحديدًا معلمه الأول محمد جاد الرب، حيث أثنى ثناء بالغ على الطفل الذكي الذي تمكن تعلم العلوم بمختلف أنواعها من لغة، قرآن كريم، حساب وغيرها بوقتٍ أسرع بكثير من أقرانه.

    رحلة تعليم طه حسين في كتاب الأيام

    انتقل العميد للحديث في الجزء الثاني عن المسيرة العلمية في الأزهر، وقد ضرب أروع الأمثلة في القدرة على تحدي الظروف وبلوغ سدة العلم؛ فقد كان رائدًا ضمن أوائل الملتحقين في الجامعة المصرية في ذلك العام، إذ لم يكن فقدان البصر عائقًا أمامه أبدًا، كما انطلق نحو التحضير للدكتوراه بعد ذلك، ولكن طه حسين بدأ في استعراض أفكاره التي تسببت له بالمشاكل وإثارة الجدل؛ وتحديدًا بعد تقديمه الأطروحة "في ذكرى أبي العلاء"، وأصبح بهذه اللحظات بين محبوب ومكروه حسب التيارات.

    وقد تمكن من الحصول على شهادة الدكتوراه بعد مناقشة الأطروحة تحت عنوان "الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون"، كما حصل على شهادة في القانون الروماني في دبلوم الدراسات العليا.

    زواج طه حسين

    أما عن حياته الزوجية فقد شاءت الأقدار أن يربتط بزوجة من أصولٍ فرنسية تدعى سوزان، وقد ثمن دورها العظيم في حياته العلمية والأدبية؛ إذ تولت مهمة القراءة دعمًا وتشجيعًا له ليمضي قدمًا في مسيرته، وقد أثمر عن هذا الزواج ولادة مؤنس وأمينة.

    الحياة العملية لطه حسين

    بعد أن عاود طه حسين أدراجه إلى مصر شغل منصب أستاذ متخصص في تدريس التاريخ اليوناني والروماني في حرم الجامعة المصرية، كما تتلمذ على يده جحافلًا من الطلاب في قسم تاريخ الأدب العربي في كلية الآداب.

    أكمل طه حسين المسيرة العملية حتى اعتلى سدة الوزارة في كمستشارٍ لوزير المعارف، ليصبح بعدها وزيرًا للمعارف وعبر عن ذلك بفرحةٍ غامرة متحدثًا عن إنجازاته، وتولى رئاسة جامعة الإسكندرية في تلك الفترة أيضًا.

    لم يتأخر طه حسين عن الإشارة لما قام به من إنجازاتٍ في الدعوة لإلزامية التعليم وجعله مجانيًا، ويأتي ذلك في مساعٍ لضرورة انتشار العلم والتخلص من الأمية المقيتة، وقد أدلى بمعروفٍ عظيم تمثل بتأسيس عدد من الجامعات، ولم يكتفِ بذلك بل واصل مسيرته في تولي رئاسة تحرير جريدة الجمهورية.

    طه حسين الأديب الذي استحق لقب عميد الأدب العربي بجدارة؛ فقد أورث الشعوب العربية كنزًا ثمينًا من الكتب والمؤلفات في مجال الأدب العربي، ورغم كل ما تقدم إلا أنه قد تعرض لموجة من الهجوم كان قد أشار لها في كتابه الأيام حول دعوته للانفتاح والتحرر على الصعيد الثقافي.

    وقفة شخصية على كتاب الأيام

    لم يكن مروري على كتاب الأيام سريعًا أبدًا، بل كان قراءةً وتحليلًا واختبارًا، حتى باتت قصة حياة طه حسين راسخة في الأذهان، وقد رأينا فيه أنموذجًا يحتذى به في مواجهة عوائق الحياة جميعها، فإن فقدان البصر كان كفيلًا بأن يتجاهل فكرة التوجه إلى الكُتّاب؛ إلا أنه رغم بساطة الحياة فقد أصر وواظب على الذهاب، وكان تشجيع والده له أكثر تأثيرًا فيما بلغه حتى لحظة وفاته.

    خلال القراءة أشعر بأنه إنسان يرى تمامًا، وأعتقد أن ذلك نابع من عمق البصيرة التي حظي بها حتى نال بها مراتب عليا من العلم، وشغل مناصب في الجامعات والدولة على حدِ سواء.

    كتاب الأيام سطور كتبت بعميق دفء المشاعر الموصوفة بدقةٍ متناهية، من أصعب المواقف التي واجهها طه حسين في بداية حياته عندما أصيب بالعمى أنه لم يتمكن من تناول الطعام كبقية إخوته؛ حيث أخفق في تصويب الملعقة نحو فمه ما أثار موجة من الضحك بين إخوته! موقف أستذكر سطوره حتى اللحظة فقد تعالت أمواج الحزن داخلي رغم انقضاء سنوات طويله على الحادثة.

    مهما كانت الظروف صعبة؛ من يستطيع يصل لا محالة، فإن النجاح النابع من بحيرة اليأس هو الأكثر لذة لا محالة، فإنه مذهل أكثر.

    ختامًا، كتاب الأيام رائعة من روائع وباكورة أعمال طه حسين أطلق العنان به لنفسه في التعبير عن تفاصيل ومشاعر قد تكون غائبة عمن عاشوا معه اللحظة والموقف؛ لكنه عاشها هو بذاته، وشعر بها! لذلك نقلها إلينا من خلال كتابه السيرة الذاتية الأيام.

    إيمان الحياري

    إيمان الحياري

    كاتبة محتوى تقني ومنوع

    كاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ