هل تعلم أنك اذا لم تتغير فستغير؟
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولوأنا في مرحلة الدراسة بالمستوى الاعدادي بمنطقتنا، كثيرا ماكنت أسمع كلمة التغيير من أستاذ اللغة العربية، والذي يحرص في كل حصة بأن نقدم له وعدا بأننا سنتغير للأفضل.

وبدأت أتساءل بيني وبين نفسي عن أهمية التغيير وما الذي ينبغي تغييره، خاصة أني كنت انسانة ملتزمة، ومثابرة. فقلت ما الذي سأغيره هل هناك من مستوى أعلى من التغيير يدفع الانسان لكي يكون أكثر تميزا.
من الأشياء المعروفة في بيئتنا أن كلمة التغيير لديها وقع مخيف على أذن الناس، فأن تقول للشخص تغيرت كثيرا سيجعله يدافع بشكل عدواني عن نفسه، كأنه ارتكب فعلا خاطئا، رغم أن الانسان لابد أن يتغير بين الحين والآخر شرط أن يكون هذا التغيير إيجابيا وللأفضلية، فعدم التصالح مع كلمة التغيير ذهنيا وشعوريا يعد بمثابة عائق أمام وصول الانسان الى نسخة أفضل من نفسه، وفي جوانب حياته عامة.
ان التغيير ظاهرة كونية، فكل كائن ونبات بالكون يأخذ في نموه واستمراره خاصية التجديد والتغيير، ويأخذ الزمان صفة تغيير نفسه، فنجد تغيير في الأيام والأسابيع والسنوات...وخوف الانسان من أخذ زمام التغيير سيؤدي به الى العيش في دائرة من الروتين الممل، وإعادة الأحداث نفسها، والأفكار ذاتها، والتحديات نفسها، والأنظمة ذاتها، بدلا من التركيز على تغيير الأمور وتجديدها على مستويات عدة.

من أهم العبارات التي التقطتها أذني فيما يتعلق بالتغيير، عبارة "إذا لم تتغير فستغير" فالتغيير له جذور ممتدة وان لم تواكبه فستغير رغما عن ارادتك.
والانسان الحكيم يجعل التغيير نصب عينيه فتجده يغير من نفسه، قدراته، امكانياته، بيئته، شكله…، ويفعل ذلك بكل حب وانفتاح للتغيير، بدلا من أن ينتظر من ظروف الحياة أن تجبره على أن يتغير. والعبرة سابق موجة التغيير قبل أن تسبقك.
ان مهمة التغيير للأفضل مسؤولية كل واحد منا، فعلى الانسان أن يعتمد التغيير كأسلوب ومنهج في الحياة ينبغي تبنيه والانفتاح عليه، فمتى بدأ الانسان في بناء عادات جديدة، وأساليب عيش أكثر جودة كلما سهلت له الحياة خوض تجارب دروبها، وانفتحت له أبواب الاستمتاع بملذات الحياة ومعجزاتها الكونية.
أسباب عدم خوض الانسان لرحلة التغيير؟
ان عملية التغيير ليست بالرحلة السهلة، فقد يختار الانسان البقاء في منطقة راحته، وفي عمل لا يحبه، والعيش مع شخص لا يحس بالانتماء اليه، خوفا من خوض أمواج التغيير، وسنعرض أهم العوامل التي تمنع الانسان من خوض رحلة التغيير.
أولا: انعدام الوعي بأهمية التغيير
ثانيا: عدم امتلاك الشجاعة الكافية للتغيير
ثالثا: الخوف من أحكام الناس وانتقاداتهم
رابعا: التواجد في بيئة لا تشجع على عملية التغيير
خامسا: البقاء في منطقة الراحة
سادسا: التواجد في دائرة من الأشخاص السلبيين الفاشلين
سابعا: عدم الثقة بالنفس وقدراتها
فالإنسان الذي لا يريد التغيير شبيه بذلك العصفور داخل القفص، والذي ليست لديه فكرة عن الفضاء الواسع الذي ينتظره لو أنه أطلق العنان لجناحيه وخرج من قفصه.

ألهمتني فلسفة التغيير عند النسر، والتي تعد رمزا للإصرار والتغيير المنشود، وفقا لعلماء الطيور فان النسر يعيش حياة طويلة تصل الى 70 عاما، ولكي يبلغ هذا العمر عليه أن يتخذ قرارا صعبا ومؤلما، فعند بلوغه الأربعين تضعف مخالبه، ويصبح منقاره معقوفا شديد الانحناء، وتثقل أجنحته بثقل وزن ريشها، وتلتصق بالصدر، ويعجز عن الإمساك بالفريسة، فيضيق به الفضاء الرحب ليصبح أشبه بثقب ابرة.
فيضطر النسر الى الاختيار بين أمرين اثنين:
-الاستسلام للموت وللضعف
-الخضوع لعملية تغيير قاسية، ومؤلمة تستمر لخمسة أشهر
فيختار النسر القرار الثاني فيخضع لعملية التغيير المؤلمة، ويتطلب الأمر التحليق بعيدا الى قمة الجبل ليستقر فيه ماكثا في عشه، ويبدأ بعملية تغيير تكاد تكون أصعب من حالة الموت ذاتها، فيضرب النسر منقاره بشدة على صخرة قاسية حتى ينكسر، ويتوجب عليه التريث الى أن ينمو منقاره من جديد، ويقوم كذلك بكسر مخالبه، وينتظر حتى تنمو من جديد، ثم يبدأ في نتف ريشه القديم الواهن حتى ينتهي منه تماما، ليبدو عاريا كالفرخ الصغير المولود حديثا.
وبعد هذه المعاناة القاسية لمدة خمسة أشهر، تعود حيويته من جديد، ويحلق في السماء بجناحيه من جديد، كأنه ولد من جديد قويا ومعافى ليعيش بعدها 30 عاما، والتي كانت لن تمنح له لولا التغيير الذي أجبر على خوضه.

لست مضطرا الى نتف جسدك، وأن تضرب برأسك عرض الحائط، وأن تعيش في زاوية لا تحبها لشهور عدة، فأنت لست نسرا وهذا من رحمة الله بالإنسان، والعبرة هي أن يتعلم الانسان من جميع الكائنات ويكتسب قوة معرفية تجعله يعي تماما أن التغيير لابد منه.
النسور تعزل نفسها لتولد من جديد، وليس لتبقى في عشها القديم، فأنت تحتاج بين الفينة والأخرى أن تراجع نفسك وعاداتك، وقناعاتك، واهتماماتك، لتتخذ بعدها القرار الصائب لتغيير حياتك للأفضل.
فكر بمرونة واخرج من منطقة راحتك، وابحث عن البدائل، فالحياة مليئة بالفرص والخيرات، والخوف من المضي قدما هو ما يمنعك من اكتشاف أسرار هذه الحياة ومكنوناتها، وإذا لم تتدرب على اعتماد التغيير كأسلوب حياة، ستتدرب على اعتماد الركود أسلوب حياتك، وأنت تدرك الفرق المهول بين الأسلوبين.
تذكر جيدا أن السلاحف انتشرت في أرجاء الأرض لقدرتها الفائقة على التكيف مع الظروف القاهرة، أما الديناصورات فإنها انقرضت لعدم مرونتها في التعامل مع المستجدات التي طرأت على بيئتها، ان المرونة والقدرة على التغيير هي السبيل لبقائك وعيشك حياة تستحق أن تعاش.
عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة، استعد لرحلة التغيير في كل لحظة فإنها الوسيلة الأعظم لاكتشاف أقصى امكانياتك، وقدراتك، وتقبل التغيير الذي يطرأ على حياتك، فقد يحمل بشائر لتحسين حياتك نحو الأفضل، وسيصعب رؤية ذلك في البداية، ولكنه سيظهر بعد حين لأن التغيير سنة الحياة الدائمة وظاهرة كونية أبدية.
KELTOUM AGOURRAME
كاتبةكلثوم اكرام أعمل كمختصة اجتماعية في مؤسسة تعليمية،وابلغ من العمر 27 سنة،ولدي ميل للكتابة اكتشفته منذ فترة ولابد أن يحمل هذا الميل الهام لمساعدة الناس للتغيير للأفضل. ان وجودنا تعبير عن روح تعرف ما فيها وما عليها،ومتى اكتشف الانسان سبب وجوده وهدفه في الحياة سمح له ذلك بعيش الحياة بأسلوب أكثر جودة وباحساس هائل.
تصفح صفحة الكاتب