مراجعة لرواية كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك للكاتب الجزائري عمارة لخوص

آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

#قراءات

#عنوان_الرواية: كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك

#المؤلف: عمارة لخوص

#عدد_الصفحات:162 صفحة.

هناك روايات يبدع مؤلفوها في جعلك تطرح عدة تساؤلات: فلسفية، دينية، سياسة، تاريخية، حضارية، ثقافية، وحتى بعض الأسئلة الغبية والساذجة. ليبقى التساؤل عن كل ما هو إنساني البوابة الأولى لولوج النفس البشرية، وسبر أغوارها، لتحري تناقضاتها وطباقاتها. ومن بين هذه الروايات: رواية "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك؟." عنوان في صيغة تساؤل لغوي،فكري، فلسفي. يتضمن أجوبة تأويلية كثيرة قبل حتى قراءة فحوى العمل الروائي؛ وذلك لما تحمله جملة العنوان من دلالات لغوية ورمزية تنبئك بما قد تتبناه الرواية كموضوع لها، وثيمات الشخصية البطلة التي صورها لنا الكاتب بأنها ترضع من الذئبة دون أن تعضها.

نعود إلى التساؤلات التي قلت آنفا بأن العمل الروائي يجعلنا نخرجها ونستقصي حقيقتها وهي كالآتي:

-ما هي الحقيقة بالمطلق، وما هي حقيقة النفس البشرية بمختلف جنسياتها وألوانها وألسنتها؟

-هل الإنسانية هي فعلا دين موحد بين البشر باختلاف توجهاتهم الايديولوجية والدينية والعرقية؟

-ماهي السياسات التي تنتهجها الدول الأوروبية في حق المهاجرين من دول أخرى؟ وهل سياسة فرق تسد هي العنوان الأبرز لهذه السياسات؟

-ما قصة التوأمين رومل وروميلوس؟ وهل كان قدرهما أن ترضعهما ذئبة ليؤسسا روما (ايطاليا)؟

- صدام الحضارات هل هو حقيقة متجذرة بين البشر؟ أم هي نتاج سياسات معينة؟

-هل الهوية هي اللغة أم الجغرافيا؟

أما فيما يخص الأسئلة الساذجة والغبية فهي تندرج ضمن الفهم الأولي السطحي للعنوان. وهي كالآتي:

- هل علينا أن نرضع الذئبة لنتقي شرها؟ ماذا لو لم نرضعها؟ وإن رضعناها هل سنؤول إلى ذئاب جائعة؟

ماذا لولم يعجبنا طعم حليبها، هل سنرضعه مستسلمين، مكرهين؟

كل هذه أسئلة وأخرى سيجيبنا عنها ضمنيا الكاتب الجزائري عمارة لخوص في رائعته هذه "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك؟"

*حول الرواية

تدور أحداث الرواية في عمارة بسيطة تجسد إيطاليا ككل. بسياساتها وثقافاتها وحضاراتها وتاريخها. حيث ينقل لنا الكاتب مجموعة من الأشخاص من جنسيات مختلفة: بنغالية وهولندية وإيطالية وايرانية وجزائرية يعيشون في إطارين مكاني وزماني محددين وموحدين. يتعايشون فيما بينهم كل حسب ثقافته والمبادئ التي تربى عليها. تاركين مسافة أمان في علاقتهم ببعضهم البعض، مع وجود بعض الخلافات فيما بينهم.

يقتل أحد ساكني العمارة وهو المكروه فيها المدعو الغلادياتور (glatiator) حيث يعثر على جثته في مصعد العمارة، يتوافق ويتزامن قتله مع اختفاء المهاجر الجزائري أحمد ( أمديو) مما يجعل كل أصابع الاتهام تتوجه نحوه. حيث ينشر الخبر عبر وسائل الإعلام، ويكتشف ساكني العمارة والمسؤول عن التحقيق أن أمديو اسمه أحمد، وهو أحد المهاجرين الجزائريين مما شكل لهم صدمة كبيرة كونهم يعرفون أحمد على أنه إيطالي واسمه أمديو. وليس كما نشر في وسائل الإعلام. خاصة لما يتمتع بها من ثقافة واسعة ودراية بالحضارة واللغة الإيطالية.

يسعى الكاتب لتبيان واقع المهاجرين في الغرب والصراع بين الهويات والحضارات القائم على سوء الفهم. وذلك من خلال حيثيات الجريمة. كما سعى إلى رسم ملامح شخصية أحمد (أمديو ) للقارئ، وذلك من خلال حديث ساكني العمارة عنه وسردهم لبعض المواقف التي جمعتهم به، وبعض يومياتهم معه. كما تم الاعتماد على مذكرات أحمد التي كان يدونها و يسجلها بتواريخها والتي سردها من قبله على أنها حقيقة. تتقاطع حتما مع حقائق الآخرين.

*إطلالة على حياة المهاجرين في الرواية

رواية "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك"... إطلالة على حياة المهاجرين في إيطاليا، ونظرة شاملة لصدام الحضارات، والجوانب الخفية في النفس البشرية. أبدع الكاتب عمارة لخوص في قولبتها في قالب روائي مميز، استعمل فيه لغة بسيطة دون الوقوع في السطحية المبالغ فيها، وبأسلوب سردي متميز منح فيه الأحداث هالة من الاحترافية والجدية في التعاطي مع موضوع الرواية، وتقويمه على أسس لغوية وفنية جعلته سردا متماسكا، وقويا. كما لا يفوتني أن أنوه أن الكاتب أحكم قبضته على زمام الوصف، فتراه وقد صور الأماكن بطريقة تشعر القارئ كما لو كان وسط مدينة روما. وكما لو كان يعيش في إحدى شقق العمارة. وإن دل هذا على شيء فإنه ينم عن قدرة الكاتب في خلق إطار مكاني مؤثث جيدا، يخدم موضوع وأحدث روايته. وهو نقطة مهمة جدا يجب أن يتمتع بها كل كاتب روائي.

مراجعة لرواية كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك للكاتب الجزائري عمارة لخوص

*شكر خاص للكاتب

في الأخير لا يسعني إلا أن أشكر الكاتب على ما قدمه لنا من عمل روائي مميز. سلط فيه الضوء على الكثير من المواضيع المهمة، والتي تعتبر قفزة نوعية في مجال الرواية.

#Ranim_Zarif

اقرأ ايضاّ