يشهد سوق الذهب حالة من الجمود الحاد في نطاق واسع بين 4,000 و4,100 دولار للأونصة، في وقت تتشابك فيه إشارات الأسواق العالمية بين قوة الدولار، وتقلبات الأسهم، وارتفاع العوائد، وتراجع الرغبة في المخاطرة. وعلى الرغم من هذا التذبذب، فإن الأسواق تترقب انفجارًا محتملًا في الاتجاه خلال الأيام المقبلة، وسط مجموعة من المحركات الاقتصادية الدقيقة التي قد تغيّر مسار الذهب والفضة على المدى القريب
في هذه المقالة، نستعرض أهم العوامل المؤثرة في أسعار الذهب، ونتعمق في التحليل الفني الدقيق للمستويات الحرجة التي قد تحدد اتجاه السوق خلال الفترة المقبلة
العوامل الأساسية المؤثرة في أسعار الذهب خلال المدى القريب
1. سياسة الاحتياطي الفيدرالي: هل يقترب موعد خفض الفائدة؟
يعتبر الذهب حساسًا بشكل كبير لأي تغيّر في توقعات أسعار الفائدة الأمريكية. خلال الأيام الماضية، قدمت تصريحات جون ويليامز (Fed) إشارات ناعمة حول احتمال خفض أسعار الفائدة بعد تزايد المخاطر السلبية على سوق العمل. هذا التحول المحتمل نحو سياسة نقدية أكثر تيسيرًا قد يمنح الذهب دفعة صعودية مهمة إذا جاءت البيانات الاقتصادية الأمريكية هذا الأسبوع أضعف من المتوقع
الخلاصة: كلما زادت احتمالات خفض الفائدة في ديسمبر، ارتفعت فرص صعود الذهب نحو قمم جديدة
2. الأسواق العالمية: مخاوف الأسهم وعوائد اليابان تضغط على الذهب
رغم أرباح قوية من شركات كبرى مثل Nvidia، فإن المخاوف المرتبطة بتقييمات الأسهم وتراجع شهية المخاطرة يدفع المستثمرين للخروج من بعض الأصول، مما يؤثر أيضًا على الذهب
أما العوائد اليابانية التي تشهد ارتفاعًا حادًا، فقد تصبح العامل الأكثر خطورة، لأنها تهدد صفقات المناقلة (Carry Trades) الممولة بالين. هذه الصفقات تعتمد على الاقتراض بعملة منخفضة العائد (الين) للاستثمار في أصول مرتفعة العائد مثل التكنولوجيا والعملات الرقمية والمعادن
انعكاس هذا التدفق قد يكون سلبيًا على الذهب والفضة على حدٍ سواء، خاصة الفضة التي تتأثر بتقلبات الرافعة المالية بشكل أكبر
3. الذهب أصبح أصلًا مضاربيًا… لا ملاذًا آمنًا بالكامل
في السنوات الأخيرة، ارتبط الذهب بشكل واضح بحركة مؤشر S&P 500، ما يعني أنه يتراجع عندما تتراجع الأسهم. وبالتالي، إذا استمرت موجة التصحيح في الأسواق الأمريكية هذا الأسبوع، فقد يمتد الضغط على الذهب أيضًا
التحليل الفني للذهب: مستويات حرجة تحدد الاتجاه القادم
1. مستوى 4,000 دولار — خط الدفاع الأخير
نجح الذهب في الثبات فوق 4,000 دولار خلال الأسبوع الماضي، رغم تراجع الزخم. يُعد هذا المستوى الحاجز الفاصل بين الاتجاه المحايد والاتجاه الهابط
كسر واضح ودون إغلاق فوق هذا الخط يعني:
- فقدان الزخم الصعودي بالكامل
- احتمال هبوط أعمق نحو مستويات أدنى
- تسارع عمليات البيع الفنية (Breakdown)
2. المقاومة الأولى: 4,100 دولار
فشل الذهب في الإغلاق فوق هذا المستوى خلال خمس جلسات متتالية. كان هذا المستوى سابقًا دعمًا قويًا، وتحوله الآن إلى مقاومة يزيد من النبرة الهبوطية قصيرة المدى
3. المقاومة الرئيسية: 4,145 – 4,160 دولارًا
هذه المنطقة هي "عنق الزجاجة" للسوق:
- كانت دعمًا حرجًا قبل موجة البيع الأخيرة
- أي إعادة اختبار لها من الأسفل قد تُقابل بعمليات بيع كبيرة
اختراقها يحتاج إلى محفز اقتصادي قوي، مثل:
- بيانات تضخم أضعف
- مؤشرات سلبية في سوق العمل
- تصريحات متشائمة من الاحتياطي الفيدرالي
4. الدعم الثانوي: 4,040 دولارًا
هذا المستوى تم اختباره مرارًا دون كسره، لكن الثبات عليه لم يكن قويًا. فقدانه يعني اختبار مباشر لحاجز 4,000 دولار
الخلاصة: الذهب أمام منعطف حاسم… والاتجاه القادم يعتمد على 3 مفاتيح
وفقًا للمعطيات الحالية، يبدو أن الذهب يعيش مرحلة “الهدوء الذي يسبق العاصفة”، فالاتجاه سيُحدد بالكامل بناءً على ثلاث نقاط أساسية:
١) بيانات الاقتصاد الأمريكي هذا الأسبوع
ضعف البيانات = ارتفاع الذهب قوة البيانات = تعزيز الدولار واستمرار الضغط
٢) قرارات وتلميحات الفيدرالي
أي تلميح لخفض الفائدة قد يشعل موجة صعود جديدة
٣) تطورات العوائد اليابانية وصفقات المناقلة
ارتفاع عوائد اليابان = ضغط على الذهب والفضة استقرارها = تخفيف الضغط على المعادن
توقعات الذهب خلال ديسمبر 2025 — رؤية مختصرة
- صعود محتمل نحو 4,150 – 4,200 دولار إذا ازدادت احتمالات خفض الفائدة الأمريكية في ديسمبر
- هبوط نحو 3,950 – 3,900 دولار إذا كسر السعر مستوى 4,000 دولار بإغلاق يومي واضح
