ليست كلماتنا ما تصفنا فقط، تحركاتنا تتحدث أيضا !

الكاتب

رغد حمزة محامية، كاتبة، مدوِّنة

كنت البارحة في جلسة عائلية لبعض الأقارب بعيدي الصلة، ودخل أحد من أبناء أبنائهم، أي أنني لم أكن أعرفه سابقا وتعرفت عليه خلال الجلسة.

بعد أن رجعت للمنزل سألتني أمي عن هذا الرجل بما أنني أراه للمرة الأولى، وعجبت من نفسي جدا حين لم يكن لدي أدنى وصف له ولشخصه سوى تشبيه ملامح وجهه لشخص تعرفه أمي لتقريب صورته لمخيلتها!

هل من المعقول أنني لم أنتبه له بالوضوح الكافي ليكون بمقدوري استنباط وصف مختصر له كشخص أراه للمرة الأولى؟ أم أن له يد في ذلك التجاهل لحضوره؟

ليس الكلام فقط ما يعرف الآخرين إليك

لم يتكلم ذلك الغريب خلال الجلسة قط ولم يشاركنا أدنى رأي، ولكن لم يكن ذلك ما جعل الانتباه يخبو نحوه فقط، بل شكل جلسته وتموضع يديه وجزعه الذي كان مائلا للأمام ، وهذا ما استدعيته من مخيلتي بمشقة بعد سؤال أمي وليس خلال لقائي، أي أنه كان تقريبا غير مرئي في الجمع البشري الموجود، وهذا بالطبع كليا خطؤه هو.

خطرت لي فوراً الكتب والنصائح التي تتناول لغة الجسد وخاصة عند التعريف بالنفس، وكيف أن لهذا الأمر بالغ التأثير علينا دون وعي منا، فإننا نحكم على المنكفئ إلى الأمام بالتردد، والذي ينظر إلى أسفل طوال الوقت بالخجل المفرط، والذي يتحدث بصخب في غير الموضع المناسب أنه غير منضبط اجتماعيا.

وعلى العكس تماماً ما أن نرى الشخص بظهر ممدود وصدر متسع دون انقباض نحكم تلقائيا أن هذا الشخص واثق بنفسه، وحين رؤيته يتبسم بهدوء ورزانه نقول أنه شخصية ودودة ، وعندما تجتمع الصفات تلك مع المشاركة الصحيحة في الحديث وتبادل الكلام والآراء فسنعرف أننا بصدد شخصية ملفتة سيطول الحديث عنها مع الآخرين عندما تنتهي مجالستنا لها.

لذلك ، لابد لنا من الظهور بالشكل المؤدي إلى انطباع إيجابي عنا ، فما أهم المظاهر التي تجعلنا نبدو مميزين دون تكلف وتثير الانتباه إلينا حتى لو كنا جالسين بصمت؟

لن أتكلم، لكني سأشدّ انتباهك !

إنها مهارة بحق ، يتمتع بها بعض الأشخاص بشكل فطري وآخرون يمارسونها بعد تدريب ومحاولات عدة ، وهي ليست بالشيء الصعب لكنه يحتاج للتدرب عليه في المجالس وبين الجموع حتى تغدو صفة بشخصيتك تمارسها بتلقائية دون عناء .

أهم الصفات لترك انطباع إيجابي:

1- الجلوس الصحيح

استقم في جلستك بضهر ممدود و وصدر غير منغلق، ولا تدع مرفقيك على ركبتيك، فإن ذلك سيظهرك بمظهر صبياني ملول .

2- لا تحرك يديك بكثرة

رغم أن التوتر قد يكون شعوراً طبيعياً في اللقاء الأول لكن عليك التحكم بحركات يديك لأنه ستظهر توترك بشكل جلي، وهذا سيضعف من ثقتك ومظهرك .

3- كن تلقائيا

لا تكن مشدود الأعصاب لأن ذلك سيكون ظاهراً مهما حاولت إخفاءه، كن على طبيعتك وتذكر أنه لا شيء يثير الفزع في لقاء أشخاص جدد !

4- شارك ملامحك في الحديث

قد لا يرغب الأشخاص بخوض الأحاديث مطولاً مع الأشخاص في تجمع جديد وهذا ليس سيئاً، لكن لا تقحم ملامحك في هذا الشأن، فإن كان الحديث أمامك فشارك بتعبيرات وجهك به حتى لو كان فمك صامتاً، خاصة مع أولئك الذي يشركون الجميع في حديثهم من خلال نظرهم المباشر لك أثناء التحدث ، أبدِ الشعور اللائق بملامحك ، فهذا يثير شعور التقبل عند الآخرين.

5- إن تحدثت فكن معتدلاً

من الجيد أن تكون منطلقا بالحديث في اللقاءات الأولى دون تردد أو خجل مفرط ، ولكن كن معتدلاً بقدر حديثك فلا يكون طويلاً لدرجة أن يؤخذ عنك فكرة أنك ثرثار ! تحدث وشارك آراءك كلما سنحت الفرصة ودعت الحاجة ، وفيما خلا ذلك تمتع بهيبة الصمت والرزانة .

ما يصنع تفردك بين الجموع هو أنت

تذكر دوماً أن الانطباع الذي يأخذه الأشخاص عنك أنت الفاعل الوحيد فيه، وبيدك جعله في قمة الاستحسان أو العكس .

ليس في الأمر أي مبالغة أو تظلم فالعيون التي تقع عليك ستأخذ عنك الفكرة التي تبديها أنت دون أدنى تدخل منهم ، وليس عليك بطول الحديث وكثرة الكلام حتى تكون ظاهراً وملفتاً في المجالس، بل هيئتك وجلستك ومظهرك هي التي ستشير إليك كشخص ملفت، هي التي ستسبق فمك بالحديث عنك، و لن يفلح هو بتصحيح فكرة خاطئة أخذت عنك لخلل ما في العناصر الثلاثة السابقة، لأنها سباقة في تكوين الانطباع عنك وذات تأثير أكبر على من حولك .