يعتبر الحفاظ على صحة الفرد خلال فترات الصيام أمرًا ذا أهمية. ومن بين الفئات التي تواجه تحديات صحية إضافية خلال هذه الفترات، يبرز المدخنون كفئة تحتاج إلى اهتمام خاص، حيث يعتبر التدخين عادة ضارة بالصحة بشكل عام، ولكن خلال شهر رمضان أو أي فترة أخرى من الصيام، يمكن أن يكون تأثيره على الصحة أكثر وضوحًا.
ولأن الصيام يشكل تحديات إضافية للمدخنين الذين يسعون لتقليل تأثير الإنقطاع عن التدخين على جسمهم وعقلهم. نستعرض في هذا المقال بعض الطرق الفعّالة التي يمكن للمدخنين اتخاذها للتخفيف من تأثير الصيام على صحتهم، وللتغلب على التحديات الصحية المرتبطة بتوقف تناول الطعام والشراب خلال ساعات الصيام، وذلك بهدف تحسين حياة المدخنين والمحافظة على صحتهم خلال هذه الفترة الدينية المميزة، كما سنعرف أيضًا ما هي أضرار التدخين بعد الإفطار مباشرة؟ وكيف يعد رمضان فرصة مميزة للإقلاع عن التدخين.
ما هي طرق التخفيف من أثر الصيام على المدخنين؟
لن يدرك الكثير من الناس أبدًا مدى معاناة المدخنين في شهر رمضان عندما يحتاجون إلى الامتناع عن التدخين أثناء الصيام. فالتدخين عادة غير صحية فهو يقلل فيتامينات "ج" و"أ" وحمض الفوليك في جسم المدخن، مما يؤثر على جهاز المناعة ويضعفه، بالإضافة إلى نفاد فيتامين "ج" الذي يزيد من الإحساس بالعطش والتوتر أثناء الصيام. ومع هذه العادة يصبح من الصعب على المدخنين قضاء يوم صيام سهل. لذا، فيما يلي بعض النصائح التي تساعد المدخن على صيام شهر رمضان:
1. تناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم والمغنيسيوم مثل التمر والكرز والخس، لأن تناول المدخنين لهذه المعادن يساعدهم على تهدئة أعصابهم، كما أنه يحد من تأثير النيكوتين في الجسم.
2. مارس التمارين الرياضية، حيث يجب على المدخنين ممارسة التمارين الرياضية وأن يجعلوا الرياضة جزءاً من يومهم، لأنها تساعد على تنظيم القلب والتنفس، وتقلل من رغبة الجسم في النيكوتين.
3. يجب على المدخنين تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن، مثل عصير البرتقال الطبيعي، لاحتوائه على فيتامين ج، والحبوب الكاملة الغنية بفيتامين أ.
4. يجب تناول المكسرات والأسماك، حيث تساعد تلك الأطعمة على تحسين الحالة النفسية للمدخنين لما تحتويه من أحماض دهنية غير مشبعة تحمي الإنسان من الإصابة بالسرطان وتعزز جهاز المناعة لمواجهة أمراض الجهاز التنفسي والرئة.
5. كما أن التدخين يؤدي إلى ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، لذلك يجب على المدخنين الحرص على تناول الأطعمة التي تعزز الأحماض الدهنية المشبعة التي تساعدهم على تجنب ارتفاع ضغط الدم، والذي يؤدي بدوره إلى زيادة التوتر.
6. يجب على الصائم بدء الانقطاع عن التدخين قبل شهر رمضان، فالانقطاع المفاجئ أثناء النهار عن النيكوتين يشكل سببًا هامًا للصداع والإعياء الذي يداهم المدخن طوال شهر رمضان، وفي حال لم تنجح في التوقف عن التدخين قبل رمضان، خفض تدريجيًا من عدد السجائر التي تدخنها أثناء النهار كي تعود جسمك على النظام الجديد بشأن التدخين.
7. اشرب كمية كافية من الماء في الفترة ما بين وجبة الافطار ووجبة السحور، للوقاية من الجفاف والأعراض الجانبية المصاحبة له، إذ لا يوجد في الجسم مخزن للماء، لذلك ينصح أيضًا بالامتناع عن تناول الأغذية المالحة مثل النقانق والزيتون واللحوم المدخنة والشوربات الجاهزة في شهر رمضان، لانها تزيد من حاجة الجسم الى الماء وتعرضه للجفاف.
ما هي أضرار التدخين بعد الإفطار مباشرة؟
يؤكد اختصاصي الأمراض الصدرية والتنفسية والحساسية، الدكتور محمد حسن الطراونة، أن التدخين بعد الإفطار مباشرة في شهر رمضان قد يتسبب في مشاكل صحية خطيرة، خصوصًا بعد ساعات طويلة من الصيام وجفاف الحلق، مما يزيد من احتمال حدوث تهيج في الأغشية المخاطية للفم، والإصابة بالفطريات الفموية. كما قد يزيد احتمال الإصابة بالفيروسات والبكتيريا.
وأضاف: إن التدخين مباشرة بعد يوم طويل من الصيام من دون تناول أي شيء، من الممكن أن يسبب أيضًا تأثيرات سلبية على الجهاز الهضمي، مما يحدث عسرا بالهضم، أو الإصابة بتسمم التبغ.
وفيما يخص صحة القلب والرئة، فإن التدخين بعد الإفطار مباشرة يؤدي إلى تسارع في نبضات القلب، وتهيّج في القصبات الهوائية، لا سيما عند الأشخاص الذين يعانون أمراضا تنفسية مزمنة. ويقول استشاري أمراض القلب والشرايين والقسطرة العلاجية، الدكتور محمد الحجيري، أن التدخين بشكل عام يزيد من لزوجة الدم، وبالتالي حدوث الجلطات والسكتات القلبية.
وأوضح الحجيري أن هناك دراسة أجريت على مجموعة قامت بتدخين أول سيجارة بعد 5 دقائق من الاستيقاظ من النوم، فأظهرت الدراسة أنهم معرضون للإصابة بسرطان الرئة بـ3 مرات أكثر من الذين ينتظرون ساعة بعد الاستيقاظ.
لماذا يعد رمضان فرصة للإقلاع عن التدخين؟
كشف تقرير سابق للصحة العامة البريطانية، أن التوقف عن التدخين لمدة شهر كامل من شأنه أن يزيد فرص الشخص في الإقلاع النهائي خمس مرات، فبنهاية الأسابيع الأربعة تزداد فرص تعود الجسم على الإقلاع عن التدخين. ومن هنا يعد شهر رمضان فرصة لزيادة فرص الإقلاع النهائي عن التدخين.
فبالرغم من أن المُدخن في رمضان عادة ما يواجه جملة من المشكلات خلال ساعات الصيام، مثل قلة التركيز والتوتر الدائم والعصبية المفرطة والخمول واضطرابات النوم والمزاج المتقلب، وجميعها أزمات مرتبطة باعتياده على السيجارة ورائحة الدخان. إلا أن تلك الأعراض عادة ما تكون واضحة بشكل كبير في الأيام الأولى من الصيام، وتتناقص عادة تدريجيًا مع مرور الأيام بسبب تناقص مادة النيكوتين بالجسم بشكل نسبي، ومن ثم يمكن للمدخن استغلال ذلك الإقلاع الإجباري عن التدخين إلى إقلاع دائم عن تلك العادة، شرط أن تكون لديه إرادة، تبدأ من عدم الهرولة نحو السيجارة عقب الإفطار مباشرة.
كيف يمكن الإقلاع النهائي عن التدخين بداية من شهر رمضان؟
إذا كنت قد قررت أن تستغل شهر رمضان في الإقلاع النهائي عن التدخين، هناك بعض النصائح التي قد تساعدك في ذلك، وتشمل:
1. اختر دافع قوي لترك التدخين، كأن يكون دافعك هو الحفاظ على الصحة والتقليل من فرصة الإصابة بسرطان الرئة أو أمراض القلب، أو حماية عائلتك من التدخين السلبي.
2. تجنب تناول كميات كبيرة من الكربوهيدرات واستبدلها بالأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضار والفواكه.
3. استخدم بدائل السيجارة للحصول على النيكوتين مثل لصقات النيكوتين، أو علكة نيكوتين، أو بخاخ النيكوتين، لأن هذه المصادر تزود الجسم بالنيكوتين بطرق أكثر أمان من السيجارة، فيبدأ الجسم بالاعتياد على انخفاض نسبة النيكوتين بالتدريج دون حدوث الأعراض المصاحبة لانقطاع التدخين بشكل مفاجئ.
4. تجنب الأطعمة والمشروبات المعتاد تناولها أثناء التدخين، كالقهوة مثلًا.
5. اشغل نفسك بأي نشاط مثل غسل السيارة، أو الاهتمام بالحديقة، أو ممارسة الرياضة مما يجعل التدخين صعبًا في مثل هذه الأوقات.
6. تخلص من جميع الولاعات والسجائر، وقم بغسل أي ملابس تنبعث منها رائحة الدخان، بالإضافة إلى تنظيف السجاد والستائر والمفروشات والسيارة.
7. حاول الابتعاد عن المناطق التي يكثر فيها التدخين والمدخنين.
8. استغل توفير المال الذي كان يتم إنفاقه على السجائر، وقم بشراء شي تحبه كمكافأة لنفسك على ترك التدخين.
9. داوم على التحفيز الذاتي بضرورة الإقلاع عن التدخين.
10. راجع الطبيب إن لزم الأمر لوصف الأدوية التي تساعد على الإقلاع عن التدخين.
ندرك جميعًا أن الصيام يشكل تحديًا إضافيًا للمدخنين الذين يسعون إلى الابتعاد عن عادة التدخين خلال شهر رمضان المبارك، حيث يجد العديد من المدخنين نفسهم أمام تحدٍ مزدوج: إدارة جوانب الحياة اليومية مع انقطاع التدخين، وتحقيق فوائد الصيام الروحية والصحية. إن تحقيق التوازن بين الامتناع عن التدخين وصوم النهار يتطلب إرادة قوية والالتزام بالتغييرات الإيجابية في نمط الحياة، واتباع النصائح التي سبق وذكرناها، والتي من شأنها أن تخفف من أثر الصيام على المدخنين.
وعلى الرغم من التحديات أيضًا، يظل الصيام فرصة للمدخنين لإعادة تقييم علاقتهم مع السجائر والعمل نحو الإقلاع التام. إن التفرغ للأمور الروحية والتأمل في معاني الصوم يمكن أن يلعب دورًا فعّالًا في تعزيز العزيمة والقوة الداخلية للتغلب على إدمان التدخين. وقد يكون رمضان فرصة حقيقية لبداية جديدة وتعزيز العافية البدنية والنفسية. بتحديد أهداف صحية وتبني عادات حياة أفضل، يمكن للمدخنين أن يجدوا في هذا الشهر الفضيل إلهامًا لبناء طريقهم نحو الإقلاع والحياة الأفضل.
المراجع
عن الكاتب
منة الله سيد
صحافية
صحافية مصرية، مهتمة بالصحة والعلوم والتكنولوجيا. أسعى لنشر المعرفة لأن المعرفة قوة.