لا تنسى يومك الأول: عبارة منطقية وقاعدة حياتية
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخوللقد حدثني زوجي، ونحن في طريقنا لزيارة إحدى المدن السياحية، أن هناك شاب ركب سيارة وفيها علامة "90" كإشارة إلى أنه حديث العهد بالسياقة، لكن قام بشيء مختلف، وهو وجود عبارة مكتوبة على زجاج السيارة تثير الانتباه، وتجعلك تعيد الذاكرة للوراء، وهي عبارة: "لا تنسى يومك الأول" كقاعدة مهمة تذكر الناس بأيامهم الأولى، وهم يتعلمون كيف يسوقون، أيام يتلقون فيها توبيخات من مدربهم، واعتبروا فيها السياقة شيء صعب فتسيطر عليهم مشاعر الخوف والتوتر من ارتكاب الخطأ، تلك الأيام التي تتزاحم في أذهانهم عبارة "هل أستطيع" أم "لا أستطيع"...

إن عبارة "لا تنسى يومك الأول" تشير لمعرفة الشخص بكمية الأحكام والنظرات الحادة، وكمية الاحتقار التي يتعرض إليها المبتدئ في السياقة، وخاصة بهذه المدينة، لدرجة أني سمعت من سائق أجرة ذات يوم، وهو يحاول تجاوز أحدهم وهو في بداياته الأولى قائلا : " فلتذهب إلى خارج المدينة وتتعلم، وافسح لنا الطريق"، و لا نعمم فهناك أشخاص متفهمون ويحترمون الآخرون، لكن كما العادة هم قليلون جدا.
والسؤال الذي تبادر إلى ذهني، هو كيف ينسى الإنسان لحظاته الأولى في تعلم شيء ما، والتي لم يكن يدرك فيها أي شيء؟

اليوم الأول في أي مرحلة من مراحل الحياة يعتبر لحظة حاسمة، حيث يبدأ كل شيء من الصفر، إنه يوم يمتلئ بالتوقعات والخوف والحماس، ولكنه أيضا يوم يفتح أبوابا جديدة للفرص والنجاح.
إن قاعدة "لا تنسى يومك الأول"، يمكن إسقاطها في جميع المجالات، حيث إنك ستجد من يتفاخر عليك في بداياتك الأولية في عملك، ويحاول أن يظهر لك مهاراته وإذا أخطأت سيستهزئ بك، وأتذكر أني واجهت نفس الموقف، ففي سنة(2023)، كنت أعمل في مؤسسة تعليمية، ذات يوم أردت أن أقوم بلصق لائحة في سبورة خشبية فسقطت اللائحة وكان مدير المؤسسة والموظف، موجودين بمكتبي، وقال الموظف للمدير: "أنظر الى الموظفة الجديدة لا تعرف حتى كيف تلصق اللائحة وضحك مستهزئا".

هذه النماذج من الكائنات موجودة بكثرة بمجتمعنا، والتعامل معهم يكاد يكون صعبا ويجعلونك في حالة الدفاع عن النفس.
أتساءل لماذا الإنسان في غالبية الأحيان ينسى ويرجع أدائه للحظة، متناسيا في كثير من الأحيان ماضيه وأيامه الأولى، التي يتمنى أن يجد فيها شخصا يشجعه ويؤمن به، ومتفهما لمرحلة تدريبه الأولى، وتجده عندما تمضي الكثير من السنوات يتناسى فيتعامل مع إنسان مبتدئ بطريقة متدنية، فيجعل الشخص يشعر بالدونية وبالشك في قدراته، بدلا من تشجيعه ومساعدته على المضي قدما في عمله.
وقاعدة " لا تنسى يومك الأول" تدخل أيضا في تربية الأبناء، فتجد الأم تنصح ابنها بشيء لم تكن تعمله، أو أنها تتهمه بسوء التصرف وقد تناست كيف كانت تسيء التصرف، أو أن تحبطه لأنه لم يعرف عمل شيء ما، وتجد الأب ينصح ابنه بأن يكون متميزا ومجدا رغم أنه لم يقرأ حرفا في حياته، وتجده يفرض عليه الكثير من الأمور في غير العمر المناسب لكي يعوض ما فاته ويراه في ابنه، لكن في أغلب الأوقات لا ينجح ذلك لأنه يحمله طاقة أكبر منه وفي عمر لا يناسب توقعاته.

وهذه القاعدة أيضا توجد في العلاقات، فقد تجد الشريك المناسب فتعامله باحتقار رغم أنك في البداية كنت مع شخص يعاملك باحتقار، فنسيت ما كان منه من سلبيات وفي المقابل تحاسب الشخص الجديد على أبسط الأشياء.
وفي المال أصبحت تعمل اليوم وتكسب الكثير لكنك غير راض، تطمع في الكثير، متناسيا أنك لم تكن تعمل وتحلم بالعمل الذي أنت فيه الآن، فأصبحت تشتكي من سوء الأوضاع بدلا من الشكر والسعي بقلب راض لاكتساب المزيد.
وفي نجاحك تصبح مغرورا متناسيا بأنك كنت في دائرة الناس العاديين، فتغتر وتتكبر على من كانوا معك، ومن ساندوك لتصل اليوم.
تذكر جيدا هذه الكلمات:
لا تنسى يومك الأول في العمل
لا تنسى يومك الأول في الدراسة
لا تنسى يومك الأول في علاقاتك
لا تنسى يومك الأول في السياقة
لا تنسى يومك الأول في النطق
لا تنسى يومك الأول في التعبير
لا تنسى يومك الأول في التعلم
لا تنسى يومك الأول في التدريب
لا تنسى يومك الأول في حياتك
وباختصار " كن متواضعا وأنت تأخذ بيد الآخرين، فأنت لم تخلق وأنت تدرك كل شيء".
تستحق عبارة " لا تنسى يومك الأول" أن تكون قاعدة حياتية، وأسلوب حياة ينطلق منه كل شخص في تعاملاته مع المبتدئين، في جميع المجالات (المدرسة، العمل، المنزل، السياقة…) وليدرك كل شخص أنه وإن كان متفوقا في مجال فهذا لا يعني أنه سيكون متفوقا في كل المجالات، وأن الشخص الذي تراه مبتدئا اليوم لو قضى سنوات بالعمل لانبهرت بأدائه ومهاراته المهنية. فلا تحتقر الناس فهم من روح الله، وهذه الروح لو منحت لها البيئة المناسبة، واكتشفت قدراتها لانبهرت من النتائج التي سيعبر عنها كل شخص، تذكر كل شخص مميز، كل شخص له قدرات متميزة، كل شخص هو روح فريدة، كل شخص له بصمته الخاصة، فلا تحتقر أحدا فهذا من جهلك وتمرد الأنا عليك، وتذكر جيدا أن ما أخرج إبليس من الجنة هو عبارة " أنا خير منه" فلا تخرج نفسك من رحمة الله، وأنت تعتقد أنك الأفضل في كل شيء ، ولا تحتقر أحدا ، فلو قارنت نفسك بالنمل ، هذا الكائن الصغير الذي يحتقره الكثيرون، لوجدته لا يعترف بالاستسلام ولا الضعف ستجده أمهر منك في إصراره ومقاومته للتحديات.

وتذكر جيدا القاعدة النبوية "أحب العباد إلى الله أنفعهم للناس"
(رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)
KELTOUM AGOURRAME
كاتبةكلثوم اكرام أعمل كمختصة اجتماعية في مؤسسة تعليمية،وابلغ من العمر 27 سنة،ولدي ميل للكتابة اكتشفته منذ فترة ولابد أن يحمل هذا الميل الهام لمساعدة الناس للتغيير للأفضل. ان وجودنا تعبير عن روح تعرف ما فيها وما عليها،ومتى اكتشف الانسان سبب وجوده وهدفه في الحياة سمح له ذلك بعيش الحياة بأسلوب أكثر جودة وباحساس هائل.
تصفح صفحة الكاتب