كبار السن ودور العجزة في عالمنا العربي
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولماهر نصرت

سينتقد بشدة الكثير من القراء ماجاء بسطور مقالتي هذه من حقائق أفرزتها ظروف الحياة القاسية التي تعيشها مجتمعاتنا فهم يرفضون النتيجة ولا ينظرون بموضوعية إلى الأسباب الحقيقية التي جعلتني اكتب ماجاء فيها من نُصحٍ وبيان ، فقد تغيرت النفوس وتعقدت الحياة وخاصة في البلدان التي مرت بالحروب وصارت أكثر الأُسر تعيش بأوضاع نفسية مضطربة وأمتلئت حياة أفرادها بالخصومات والمشاكل التي تسللت إلى كياناتها من وراء نقصٌ في الأموال والعوز والحرمان الدائم حتى أدى البعض منها إلى انهيار عوائل بأكملها فتشتت شملهم وراح كل منهم يهتم بنفسه ولا يجد متسعاً كافياً من الوقت للاهتمال بالغير .
القصص القادمة من المجتمع :-
أن أخبار القصص المحزنة التي نسمعها من الناس بين فترةٍ وأخرى بخصوص الآباء من كبار السن جعلتني أحمل قلمي لأؤيد بحماس الرأي القائل بأن دور العجزة هي المكان الأفضل للحفاظ على كرامة هولاء العاجزون الذين لايمتلكون سكن يأويهم وقد رماهم القدر في بيوت أبنائهم ليعيشوا هناك وسط عوائل ناشئة يختلف مزاج أفرادها من واحد لآخر ، فقد يتقاذفهم الأبناء واحداً على الآخر تحت حجج وأعذار مختلفة في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية وخاصة لدى العوائل الكادحة منها فقد صار من المستحيل لدى البعض على ما يبدو الاعتناء بالآباء والأقارب العاجزين عن الحركة وخاصة الذين يقظون حاجاتهم على فراشهم فقد يعود سبب ذلك إلى الظروف المعيشية الصعبة لتلك العوائل وكذلك عدم مقدرة الجيل الحالي أيضاً من النساء اللواتي ينشغلن في أعمالهن الأسرية الواسعة ويقضيّن معظم أوقاتهّن في تربية أطفالهّن من القيام بتلك الواجبات المقرفة لهُّن أي مدارات العجزة ، فليس بمقدورهن مراقبة العاجز وخدمته على الدوام مثل تبديل ملابسه وتنظيف مكانه صباحاً ومساءاً ، وهناك من تعتذر عن التعامل مع الوضع الصحي المضطرب للعاجز بسبب نفورها من الإفرازات العضوية الخاصة لديه واشمئزازها من روائحه وهذا أمر خارج عن نطاق سيطرتها النفسية ، أن دور العجزة في أكثر دول العالم هي مراكز للرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية ، يأوي إليها كبار السن بسعادة وانشراح وخاصة في دول أوربا التي تتطبع شعوبها بصفات حضارية متقدمة حتى صارت تلك المراكز الصحية أشبه بنوادي للتـآلف والتعارف الاجتماعي ، ولا أدري لماذا ترفض مجتمعاتنا إدخال هولاء أصحاب الشيبة والوقار إلى تلك الدور وهم معززين مكرمين ويزورهم أقربائهم بين فترة وأخرى وبلاشك أن تلك الدور تشبه إلى حدٍ ما المراكز الترفيهية أو المقاهي الشعبية المنتشرة في مدننا التي يجري فيها التعارف وتبادل الآراء والأفكار والحديث المؤنس
دور العجزة في أوربا :- .
يعتني بالعاجز هناك في أوربا موظفون مخلصون يؤدون واجباتهم الإنسانية بشكلٍ حسن بدون أي شكل من أشكال التقاعس او الاستكبار ... اما في بلادنا فالعاجز مضطهد بسبب عدم الاهتمام به من أفراد أسرته أولاً ومن دار العجزة ثانياً لتمرد الموظف الذي يشمئز من القيام بالأعمال الخدمية تجاههم وهذا أمر خارج عن إرادته بسبب تركيبة الموظف النفسية .... هذا بالإضافة الى وجود الكثير منهم من أصحاب الأنوف العالية الذين يعتبرون هذا العمل الخدمي انتقاص من شخصياتهم وكبريائهم أمام الناس ، أن السبب الأول في هذا التقصير يكمن في عدم اهتمام الوزارات المختصة بهذا الأمر ورفضها استيراد عناصر من الصنف الصحي لهذا الواجب الرحيم من بعض الدول التي تحمل مجتمعاتها صفة الطابع الخدمي .
إن سمعة دور العجزة في بلادنا سيئة للغاية لكونها ذات خدمات ورعاية سيئة ولا تمتلك الموظفين والموظفات الذين يحملون رغبة الاهتمام بالمُسنيين إلى حدٍ كبير ولهذا يرفض الكثير من كبار السن الذهاب الى تلك الدور ويرضون العيش داخل بيوت أقاربهم وهم صابرون وصامتون عن معاناتهم ومعيشتهم المُذّلة تماشياً مع المثل القائل ( أن بعض الشر أهون ) .
والحق يُقال أن هناك جزءاً قليلأً من الموظفين من الرجال والنساء على حدٍ سواء يحملون طابع الرحمة في نفوسهم ويعملون بإخلاص في خدماتهم التي يقدمونها لهولاء العجزة فقد لايكفي عدد الموظفين المخلصين المتناقص سنةً بعد أخرى من سد حاجة هذه المراكز الإنسانية ! فهل من حل ياترى للحفاظ على كرامة المسن وتخليصه من الذل الذي يعيش فيه داخل عائلة أبنه المتمردة التي لاتتوافق رغبات أفرادها الناشئون مع كبار السن من جانب ، أو تخليصهم من إهمال دار العجزة بموظفيه المهملين من جانبٍ آخر ؟ أن هذه السطور بمثابة نداء موجه الى السادة أصحاب الشأن ليضعوا الحلول الإنسانية المناسبة في تلك الدور ويعززوها بعناصر خدمية مستوردة تكرس خدماتها الإنسانية من اجل القضاء بقدرِ الإمكان على معانات هولاء المعذبين !! ... لنصبر ونرى .
ماهر نصرت
كاتب مقالأرغب في الكتابة عن كل شيىء تقريباً واميل الى الجانب العلمي بأكثر كتاباتي وخاصة في علوم الفضاء .
تصفح صفحة الكاتب