قِصَّةُ سليم وَحُبُوبِ الفَاصُولِيَاءِ السِّحْرِيَّةِ القرار الصعب
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولالفَقْرُ وَالظُّرُوفُ الصَّعْبَةُ
فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ وَبَعِيدَةٍ، كَانَ يَعِيشُ سليم وَوَالِدَتُهُ فِي حَالَةٍ مِنَ الفَقْرِ الشَّدِيدِ. لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِمَا مَالٌ وَلَا طَعَامٌ كَافٍ، وَكَانُوا يَعِيشُونَ بِصُعُوبَةٍ. كَانَ المَصْدَرُ الوَحِيدُ لِعَيْشِهِمْ هُوَ بَقَرَةٌ وَحِيدَةٌ، كَانَتْ تُعَدُّ كُلَّ مَا يَمْلِكُونَهُ مِنْ مُمتَلَكَاتٍ. كَانَتِ الأُمُّ تَشْعُرُ بِالقَلَقِ حِيَالَ مُسْتَقْبَلِهِمْ، خَاصَّةً مَعَ نَقْصِ المَوَارِدِ وَزِيَادَةِ الحَاجَةِ لِلطَّعَامِ.
القَرَارُ الصَّعْبُ: بَيْعُ البَقَرَةِ

مَعَ تَزَايُدِ الضُّغُوطَاتِ، قَرَّرَتْ وَالِدَةُ سليم أَنَّ الوَقْتَ قَدْ حَانَ لِبَيْعِ البَقَرَةِ. كَانَ هَذَا القَرَارُ صَعْباً عَلَيْهَا، وَلَكِنَّهُ ضَرُورِيٌّ لِتَأْمِينِ المَالِ وَشِرَاءِ الطَّعَامِ لِلْبَقَاءِ عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ. طَلَبَتْ مِنْ سليم أَنْ يَأْخُذَ البَقَرَةَ إِلَى السُّوقِ وَيَبِيعَهَا بِأَفْضَلِ سِعْرٍ مُمْكِنٍ. كَانَتْ تَأْمُلُ أَنْ يَحْصُلُوا عَلَى مَا يَكْفِي مِنَ المَالِ لِتَجَاوُزِ هَذِهِ الأَزْمَةِ الصَّعْبَةِ.
لِقَاءُ سليم مَعَ الرَّجُلِ الغَامِضِ
فِي طَرِيقِهِ إِلَى السُّوقِ، اِلْتَقَى سليم بِرَجُلٍ غَامِضٍ، بَدَا وَكَأَنَّهُ يَعْرِفُ الكَثِيرَ عَنِ العَالَمِ أَكْثَرَ مِمَّا يَظْهَرُ. عَرَضَ الرَّجُلُ عَلَى سليم صَفْقَةً غَيْرَ عَادِيَّةٍ؛ بَدَلًا مِنَ المَالِ، اقْتَرَحَ أَنْ يُعْطِيَهُ حُبُوبَ فَاصُولِيَاءٍ سِحْرِيَّةٍ مُقَابِلَ البَقَرَةِ. كَانَ هَذَا العَرْضُ غَرِيبًا وَغَيْرَ مُتَوَقَّعٍ، لَكِنَّ الرَّجُلَ أَكَّدَ لِسليم أَنَّ هَذِهِ الحُبُوبَ تَمْتَلِكُ قُدُرَاتٍ سِحْرِيَّةً سَتُغَيِّرُ حَيَاتَهُمْ إِلَى الأَفْضَلِ.
رَدَّةُ فِعْلِ الأُمِّ: الإِحْبَاطُ وَاليَأْسُ
عِنْدَ عَوْدَةِ سليم إِلَى المَنْزِلِ وَمَعَهُ الحُبُوبُ السِّحْرِيَّةُ بَدَلًا مِنَ المَالِ، شَعَرَتْ وَالِدَتُهُ بِالإِحْبَاطِ وَاليَأْسِ. كَانَتْ قَدْ وَضَعَتْ آمالها على الحُصُولِ عَلَى بَعْضِ المَالِ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ، وَرَأَتْ أَنَّ سليم قَدْ خَسِرَ كُلَّ شَيْءٍ فِي هَذِهِ الصَّفْقَةِ الغَامِضَةِ. فِي لَحْظَةِ غَضَبٍ، أَلْقَتِ الأُمُّ الحُبُوبَ فِي الحَدِيقَةِ، مُعْتَقِدَةً أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَأَنَّهُ قَدْ تَمَّ خِدَاعُهُمْ.
ظُهُورُ الشَّجَرَةِ العِمْلَاقَةِ
فِي اليَوْمِ التَّالِي، اِسْتَيْقَظَ سليم وَوَالِدَتُهُ عَلَى مَشْهَدٍ غَيْرِ عَادِيٍّ. شَجَرَةُ فَاصُولِيَاءٍ عِمْلَاقَةٌ نَمَتْ فِي الحَدِيقَةِ بَيْنَ عَشِيَّةٍ وَضُحَاهَا. كَانَتِ الشَّجَرَةُ ضَخْمَةً وَتَرْتَفِعُ عَالِيًا فِي السَّمَاءِ، بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالإِمْكَانِ رُؤْيَةُ قِمَّتِهَا. شَعَرَ سليم بِالدَّهْشَةِ وَالإِثَارَةِ، وَبَدَأَ يُفَكِّرُ فِي تَسَلُّقِهَا لاِسْتِكْشَافِ مَا قَدْ يَكُونُ فِي الأَعْلَى. وَرَغْمَ تَحْذِيرَاتِ وَالِدَتِهِ الَّتِي خَافَتْ مِنَ المَخَاطِرِ المُحْتَمَلَةِ، لَمْ يَسْتَطِعْ سليم مُقَاوَمَةَ الفُضُولِ.
التَّسَلُّقُ إِلَى المَجْهُولِ
قَرَّرَ سليم تَسَلُّقَ الشَّجَرَةِ العِمْلَاقَةِ رَغْمَ تَحْذِيرَاتِ وَالِدَتِهِ. كَانَ يَشْعُرُ بِأَنَّ هَذِهِ الشَّجَرَةَ قَدْ تَكُونُ مِفْتَاحًا لِتَغْيِيرِ حَيَاتِهِمَا إِلَى الأَفْضَلِ. بَدَأَ سليم فِي التَّسَلُّقِ بِحَذَرٍ، وَمَعَ كُلِّ خُطْوَةٍ كَانَ يَرْتَفِعُ أَكْثَرَ وَأَكْثَرَ. الرِّيَاحُ تَهُبُّ بِلُطْفٍ حَوْلَهُ، وَأَوْرَاقُ الشَّجَرَةِ العِمْلَاقَةِ تُصْدِرُ هَمَسَاتٍ نَاعِمَةً كَأَنَّهَا تُشَجِّعُهُ عَلَى الاِسْتِمْرَارِ.
بَعْدَ فَتْرَةٍ مِنَ التَّسَلُّقِ، بَدَأَتِ الشَّجَرَةُ تَكْشِفُ عَنْ أَسْرَارِهَا. ظَهَرَ عَلَى فُرُوعِهَا مَشَاهِدُ جَمِيلَةٌ لَمْ يَكُنْ سليم يَتَوَقَّعُهَا: زُهُورٌ غَرِيبَةُ الشَّكْلِ، طُيُورٌ مُلَوَّنَةٌ لَمْ يَرَهَا مِنْ قَبْلُ، وَحَتَّى بَعْضُ الفَوَاكِهُ الغَرِيبَةُ. لَكِنَّ سليم لَمْ يَتَوَقَّفْ لِيَسْتَمْتِعَ بِهَذِهِ المَشَاهِدِ؛ كَانَ فُضُولُهُ يَدْفَعُهُ لِمُوَاصَلَةِ التَّسَلُّقِ نَحْوَ القِمَّةِ.

عَالَمٌ فَوْقَ السَّحَابِ
وَصَلَ سليم أَخِيرًا إِلَى قِمَّةِ الشَّجَرَةِ العِمْلَاقَةِ، وَوَجَدَ نَفْسَهُ أَمَامَ مَشْهَدٍ لَا يُصَدَّقُ. كَانَ هُنَاكَ عَالَمٌ آخَرُ فَوْقَ السَّحَابِ: أَرْضٌ خَضْرَاءُ وَاسِعَةٌ، مَلِيئَةٌ بِالمَرَاعِي وَالجِبَالِ، وَمَنَازِلُ كَبِيرَةٌ وَكَأَنَّهَا قُصُورٌ. كَانَتْ هَذِهِ الأَرْضُ جَدِيدَةً كُلِّيًّا عَلَيْهِ، كَأَنَّهَا عَالَمٌ آخَرُ مُخْتَلِفٌ تَمَامًا عَنْ قَرْيَتِهِ الصَّغِيرَةِ وَالفَقِيرَةِ.
بَيْنَمَا كَانَ يَتَجَوَّلُ، رَأَى فِي الأُفُقِ قَصْرًا ضَخْمًا بُنِيَ مِنَ الأَحْجَارِ البَيْضَاءِ وَالذَّهَبِ. كَانَ القَصْرُ يَبْدُو فَخْمًا وَمَهِيبًا، وَكَأَنَّهُ يَحْتَوِي عَلَى كُنُوزٍ لَا تُحْصَى. لَكِنَّ سليم كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا المَكَانَ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ أَسْرَارًا لَمْ يَكُنْ يَتَوَقَّعُهَا، وَرُبَّمَا مَخَاطِرَ أَيْضًا.
لِقَاءُ مَعَ العِمْلَاقِ
عِنْدَمَا اِقْتَرَبَ سليم مِنَ القَصْرِ، سَمِعَ صَوْتَ خَطَوَاتٍ ضَخْمَةٍ. وَمِنْ وَرَاءِ الأَبْوَابِ الضَّخْمَةِ لِلْقَصْرِ، ظَهَرَ عِمْلَاقٌ هَائِلٌ. كَانَ العِمْلَاقُ ذُو حَجْمٍ هَائِلٍ وَقُوَّةٍ جَبَّارَةٍ، وَمَظْهَرُهُ المَهِيبُ جَعَلَ قَلْبَ سليم يَنْبُضُ بِسُرْعَةٍ مِنَ الخَوْفِ. لَكِنَّ العِمْلَاقَ لَمْ يَكُنْ يَحْمِلُ فِي عَيْنَيْهِ أَيَّ نَوْعٍ مِنَ العَدَاءِ. بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ، بَدَا وَكَأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ زَائِرًا.
سليم، بِرَغْمِ خَوْفِهِ، بَدَأَ يَتَحَدَّثُ إِلَى العِمْلَاقِ بِحَذَرٍ. اِكْتَشَفَ أَنَّ العِمْلَاقَ كَانَ يَعِيشُ فِي هَذَا القَصْرِ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ، وَكَانَ وَحِيدًا تَمَامًا. كَانَ لَدَيْهِ ثَرْوَةٌ كَبِيرَةٌ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ سَعِيدًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ أَحَدٌ يُشَارِكُهُ هَذِهِ الثَّرْوَةَ أَوْ يَتَحَدَّثُ مَعَهُ.
الكَشْفُ عَنْ كَنْزِ العِمْلَاقِ
بَيْنَمَا كَانَ سليم يَتَحَدَّثُ مَعَ العِمْلَاقِ، قَرَّرَ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا وَأَخْبَرَهُ عَنْ وَضْعِهِ وَوَضْعِ وَالِدَتِهِ فِي قَرْيَتِهِم الفَقِيرَةِ. أَثَارَ صِدْقُ سليم تَعَاطُفَ العِمْلَاقِ، وَقَرَّرَ أَنْ يُرِيَهُ كَنْزَهُ. دَخَلَ سليم مَعَ العِمْلَاقِ إِلَى غُرْفَةٍ ضَخْمَةٍ مَلِيئَةٍ بِالذَّهَبِ وَالمُجَوْهَرَاتِ، وَأَدَوَاتٍ سِحْرِيَّةٍ لَمْ يَرَهَا سليم مِنْ قَبْلُ.
العِمْلَاقُ، بِتَأَثُّرِهِ بِقِصَّةِ سليم، أَعْطَاهُ كِيسًا مَلِيئًا بِالذَّهَبِ، وَقَالَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَكْفِي لِيُؤَمِّنَ لِنَفْسِهِ وَوَالِدَتِهِ حَيَاةً كَرِيمَةً. شَكَرَ سليم العِمْلَاقَ بِامْتِنَانٍ شَدِيدٍ، وَعَادَ إِلَى الشَّجَرَةِ العِمْلَاقَةِ لِيَعُودَ إِلَى قَرْيَتِهِ.
العَوْدَةُ إِلَى الوَطَنِ وَالحَيَاةُ الجَدِيدَةُ
عِنْدَمَا وَصَلَ سليم إِلَى أَسْفَلِ الشَّجَرَةِ، أَخْبَرَ وَالِدَتَهُ بِكُلِّ مَا حَدَثَ. كَانَتِ الأُمُّ فِي البِدَايَةِ قَلِقَةً مِنْ مُغَامَرَةِ سليم، وَلَكِنَّهَا شَعَرَتْ بِالفَخْرِ بِهِ لِجَرَأَتِهِ وَصَرَاحَتِهِ. اِسْتَخْدَمُوا الذَّهَبَ لِتَحْسِينِ حَيَاتِهِمْ، وَتَوْفِيرِ الطَّعَامِ وَالمَلَابِسِ وَكُلِّ مَا يَحْتَاجُونَهُ. أَصْبَحَتْ حَيَاتُهُم أَكْثَرَ رَاحَةً وَاسْتِقْرَارًا، وَلَكِنَّ الأَهَمَّ مِنْ ذَلِكَ، أَنَّهُمَا تَعَلَّمُوا قِيمَةَ الشَّجَاعَةِ وَالصَّرَاحَةِ، وَأَنَّ الفُرَصَ تَأْتِي أَحْيَانًا مِنْ حَيْثُ لَا نتوقّع.
وبذلك، انتهت مغامرةُ سليم مع الشجرةِ العملاقة. لم تكن الحبوبُ السحريةُ مجرّد وسيلةٍ للحصول على ثروة، بل كانت بوابةً لاكتشافِ عالمٍ جديدٍ وقيمٍ جديدة. علمَ سليم ووالدتُه أنَّ السعادةَ لا تأتي فقط من الثروة، بل من الشجاعةِ والصدقِ والتعاطفِ مع الآخرين.