في وداع ألفين و أربعة و عشرين (2024 م)

نزيهة  زعبار
كاتبة و مترجمة
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

مقدمة:

31 ديسمبر 2024 على 10:30 ليلا

و نحن أطفال صغار انتشرت بيننا لعبة لطيفة جدّا -لا أدري لمن تعود و إلى من يعود سبب انتشارها- و هي عندما تسقط لأحد منّا سنّ من أسنانه اللّبنية، و قبل أن ينام يضعها في منديل أو في قطعة قماشيّة تحت الوسادة، فيأتي جرذ في اللّيل، و لكنّه جرذ لطيف و محبوب و طيّب، يأخذ السّن و يضع له بدلا منها علبة من الشوكولاتة.

كنّا نستعجل قدوم اللّيل عندما تسقط أسناننا اللّبنية حتى نضعها تحت الوسادة، و بمجرّد ما كنّا نفيق كان أوّل شيء نقوم به هو التّفتيش تحت وسائدنا، إلّا أنّنا لم نكن نجد إلا أسناننا المكفّنة باكرا بالفضول؛ فالّذي يعنينا لم يكن ألواح و قوالب الشوكولاتة التي لم نكن محرومين منها بل كنّا مكتفين منها لدرجة كانت تجعل أسناننا تسقط قبل أوانها.

و لكنّ فكرة أن يتحوّل الجرذ المقيت إلى مخلوق لطيف و محبوب و طيّب، و فكرة أن تضع تحت وسادتك منديلا يلفّ سنّك اللّبنية لتجد في الصّباح مكانه شكولاته؛ هذا هو ما كان يعنينا.

إنّها قيمة هذا الحدث و تأثيره على عقل كلّ واحد منّا، و وجدانه، و عاطفته، و هو في ذلك السنّ الصّغير.

لقد كانت المناديل و قطع القماش التي نجدها كما وضعناها قبل أن نخلد إلى أحلامنا أوّل عهدنا بما يسمّى "الخذلان".

خرافات أجدادنا تودّع معنا 2024:

خرافات أجدادنا تودع معنا 2024خرافات أجدادنا تودع معنا 2024

لم تكن جدّاتنا الطيّبات الأمّيات -و أغلبهنّ خلدن إلى الحياة الأخرى- يرضين بمسحة الحزن التي ترتسم على وجوهنا بينما الجميع على مائدة أو طاولة الفطور الصّباحية.

كانت الجدّة تمسك بيد الحفيد الحزين أو الحفيدة الحزينة و تتّجه به إلى الشّرفة، أو إلى إحدى النّوافذ، أو إلى الحديقة و تطلب منه ترديد ما تقوله كدعاء، و بعدها تطلب منه أن يلقي بتلك السّن التي لا زال يحتفظ بها على سقف من أسقف البيوت المجاورة شريطة أن يكون سقفا من القرميد، ليخرج حفيدها الحزين مباشرة من حالته تلك، و يدخل في حالة من التّفكير المفرط في النّشاط؛ ينسى أمر الجرذ اللّطيف المحبوب الطّيب، و أمر الشوكولاتة، و يبدأ بالتّفكير في السّن الفضّية أو الذّهبية التي ستأخذ مكان سنّه اللّبنية "البطلة" ثمّ يبدأ بتخيّل نفسه و قد أصبحت له سنّ فضّية أو ذهبيّة مكتملة: يتخيّل نفسه كأشرار الرّسوم المتحرّكة عندما تلمع قواطعهم من الجانب فيتمنّى سرّا عن جدّته أن تكون له سنّ بيضاء عادية، و يبدأ منذ تلك اللّحظة بالنّظر إلى المرآة وانتظار اليوم الذي تأتي فيه السّن الجديدة، أمّا عن الجرذ فقد نسي أمره تماما، و نسي أمر كلّ الحيوانات، و حتّى القطّ و الكلب اللّذان ذكرتهماجدّته حين طلبت منه أن يردّد وراءها ما تقول نسي أمرهما؛ لم يعد يأبه لأيّ شيء، و لأيّ أمر عدا الشّكل الذي ستكون عليه سنّه الجديدة.

لقد كانت جدّاتنا الطيّبات الأمّيات أو لِنَقُل أجدادنا يجعلوننا نهمل خرافاتنا عن طريق خرافات أخرى.

ألفان و أربعة و عشرون (2024م) سنة أو عام اكتشاف الخرافات

ألفان و أربعة و عشرون (2024م) سنة أو عام اكتشاف الخرافات

ألفان و أربعة و عشرون (2024 م) سنة أو عام اكتشاف الخرافات:

خرافات عديدة اكتُشِفت في ألفين و أربعة و عشرين (2024 م) لا أدري أ أقول سنة 2024 لأشير إلى الشّدة و الشّر، أم أقول عام 2024 لأشير إلى الخير و الرّفاهيّة.

الخرافة الأولى:

أنّنا كنّا نعيش على الخرافات، و نعيش الآن على الخرافات، و حتّى بعد أن نكتشف أنّنا نعيش على الخرافات سنظلّ شئنا أم أَبَينا نعيش على الخرافات. و أنّ عدد الخرافات لا يتناقص أبدا، ودوما يتزايد؛ ربّما تتكاثر.

الخرافة الثّانية:

لكلٍّ منّا خرافة تحكمه.

الخرافة الثّالثة:

لكلٍّ منّا خرافة تتحكّم فيه.

الخرافة الرّابعة:

لكلٍّ منّا خرافة تسيطر عليه.

الخرافة الخامسة:

لكلٍّ منّا خرافة تشدّ وِثاقه.

الخرافة السّادسة:

لكلٍّ منّا خرافة تُحكم الوِثاق عليه.

الخرافة السّابعة:

تلتقي الخرافات في جمع كبير، و تتحوّل إلى خرافة كبيرة، كبيرة جدّا، كدمية متحرّكة؛ نشاهد فقط الدّمية، و العِصيّ، و الخيوط على المسرح، و لكنّنا لا نرى صاحب اليد و الصّوت السّحريّين.

الخرافة الثّامنة:

تتغيّر الخرافات عندما يملّ الجمهور، أو عندما يقرّر صاحب الدّمية المتحرّكة، تماما مثلما غيّرت الجدّة خرافة حفيدها -خرافة الجرذ و الشوكولاتة- و استبدلتها بخرافة أسنان الفضّة و الذّهب.

الخرافة التّاسعة:

أحيانا.. يتغيّر المشهد، و تتقطّع خيوط الدّمية، و تتكسّر العِصيّ.. يصبح الصّوت مشوّشا، و تتغيّر الصّورة، أو تتشوّش.

الخرافة العاشرة:

الصّورة في 2024 واضحة رغم التّشويش من خلال محاولة التّوضيح بالتّلميع:

سنكتفي بالحديث عن الصّورة الآنية فقط لأنّ الحديث سَيَطُول عن كلّ الصّور الخاصّة ب2024.

الصّورة أو بتعبير أصحّ المشهد:

أواخر ديسمبر.. تشارف 2024 على المضيّ..

رجال يرتجفون من شدّة البرد بينما يوارون التّرابَ رضّعًا قَضَوا من شدّة البرد؛ تجمّدوا، تحوّلوا إلى جليد.

المكان؟؟؟......

  • لا اسم للمكان، فالمكان يشبه بعضه البعض؛ دمار، و إنسان، و دمار، و خراب، و ... جليد؛ لا اسم للمكان.

أ لا يفكّر القدّيس بابا نويل أو سانتا كلوز في زيارة تلك الأماكن؟ أم أنّه لا يزور إلّا الأماكن المضيئة و الدّافئة؟

أ لا يفكّر القدّيس بابا نويل أو سانتا كلوز في زيارة تلك الأماكن؟ أم أنّه لا يزور إلّا الأماكن المضيئة و الدّافئة؟

أم أنّه لا يأتي، و زيارته أيضا خرافة؟

أم أنّه لا يأتي، و زيارته أيضا خرافة؟

الخرافة الكبرى:

"هناك أشخاص يظنّون أنّ انتماءهم الدّيني يمنعهم من فريضة التّفكير".          -علي عزت بيجوفيتش-"هناك أشخاص يظنّون أنّ انتماءهم الدّيني يمنعهم من فريضة التّفكير". -علي عزت بيجوفيتش-

منذ كنّا أطفالا، و منذ كنّا نلعب لعبة "الجرذ و الشّوكولاتة" تشكّل لدينا تناقض و تساؤل متداخلان، كانا يحتدّان كلّما حلّت سنة جديدة و كلّما أقيمت الاحتفالات بحلولها، أو كلّما احتفي بحلولها.

و لكنّ الاحتفالات التي تقام رأس السّنة الميلادية ليست احتفالات دينيّة بل هي احتفالات بحلول السّنة الميلاديّة الجديدة.

المسيحيّون لا يحتفلون بعيد الميلاد المجيد يوم 31 ديسمبر و لا يوم 01 جانفي، بل يحتفلون به في أيّام مختلفة حسب حسابات فلكيّة خاصّة بهم، فيحتفل به الكاثوليك و البروتستانت في 25 ديسمبر، و يحتفل به الأورثوذوكس في 07 جانفي، أمّا المسيحيّون الأرمن فيحتفلون به في 06 جانفي.

أمّا إذا رجعنا إلى المسلمين، فإنّ تاريخ ميلاد سيّدنا المسيح عيسى عليه السّلام يرجّح أن يكون في شهر أوث أو في شهر سبتمبر.

ما دمت تعتبر الاحتفاء، أو الاحتفال، أو استقبال السّنة الميلادية تقليدا و كفرا فلماذا إذن تعتمدها في تقويمك و هي جوهر التقليد و الكفر؟

ليست خرافة؛ مضت 2024 و حلّت 2025:

عام جديد سعيدعام جديد سعيد
20252025
يتمّ  تحميل حياة جديدة.يتمّ تحميل حياة جديدة.
الأمس: مشطوب، و كذلك الغد؛ فقط "اليوم".الأمس: مشطوب، و كذلك الغد؛ فقط "اليوم".
يمكن أن يحدث الكثير في ظرف عام.يمكن أن يحدث الكثير في ظرف عام.
365  يوما جديدا يساوون 365 فرصة جديدة.365 يوما جديدا يساوون 365 فرصة جديدة.

خاتمة:

لا اسم لمكانٍ الجرذانُ و الخذلان ينتشرون فيه في كلّ الأرجاء. يتحرّر الفضول من براثن الجرذان و من براثن الخذلان ؛ يقرّر الفضول: ما عاد لكم من حُكم عليّ. ما عاد لكم من تَحكُّم عليّ. ما عاد لكم من سَيطرة عليّ. أنا الخرافة الوحيدة.. تخلّصت منكم.

اعط الأولوية لنفسك.اعط الأولوية لنفسك.
أفضل الأيّام قادمة.أفضل الأيّام قادمة.

01 جانفي 2025 على 01:15 صباحا

اقرأ ايضاّ