"في ظلام الاكتئاب دائماً يوجد زهرةَ أمل تنمو من الرماد"

Modar Agha
كاتب مقالات و قصص إبداعية
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

عندما نمر بظروف صعبة من السهل أن نغرق في التفكير السلبي ولكن ماذا لو أخبرك أحدهم أن كل شيء سيء يحمل معه في النهاية شيء جيد؟

سأتوجه إليه على الرغم من ظاهره المظلم وما يُخفيه في أعماقه من فرص قد لا تعوض من النمو والوعي.

لننظر إلى الاكتئاب من زاوية مختلفة إستناداً إلى النظريات في علم النفس لنتحدث عن التحديات وعلى أنها بدايةً للتغيير الإيجابي

الاكتئاب يبدو سوءً ولكنه في البداية

يُعرّف أنه اضطراب يؤثر على المزاج والتفكير والسلوك،و لكنه مجرد حالة و دائما لها مخرج إذا نظرنا بعمق نجد أنه قد يكون دعوة أخرى لإعادة تقييم الحياة قد يسبب لنا فقدان حافلتنا الأولى أول مرة الإحباط.

لكنه في ذات الوقت قد يُنقذك من حادث لم تكن لتعلم به لولا فوات الحافلة .

إن الاكتئاب قد يكون وسيلة لحمايتك من الاستمرار في حياة لا تلائمك أحياناً.

مدرسة العلاج السلوكي المعرفي ترى أن تفكير الشخص الذي يعيش الاكتئاب يحتاج إلى تصحيح أفكاره فقط بينما تُضيف المدرسة الوجودية أن الاكتئاب قد يكون فرصة لإعادة تعريف معاني الحياة من جديد.

من هذه الزاوية بالتحديد يصبح الاكتئاب رسالة داخلية تدعوك إلى التغيير لا إلى الأستسلام ولكن هل بمقدور الشخص اللذي أصبح يرى كل شيء في الحياة و من حوله فقط متاهة قرر البقاء فيها وحده لا يعلم فيها إلا محاولاته لإيجاد وسيلة ينهي بها دوره في الحياة ويتخذ قراراه بالرحيل؟

التأثير المزدوج للاكتئاب و تأثيره النفسي يبدو ثقيلًا ومع تأثيره الظاهري أيضا يكمن دائما جانب آخر.

لأنه بينما يعزل الشخص نفسه عن العالم يكون في إنعزاله فرصة للتأمل الداخلي يرى أفكاره من منظور آخر.

جسديًا رغم أن الاكتئاب يؤدي إلى أنخفاض النشاط والطاقة إلا أن هذا التباطؤ قد يكون وسيلة ينبهه بها الجسد إلى حاجته للراحة وإعادة شحن طاقته.

بمعنى آخر قد يكون التعب دعوة للتوقف وإعادة التفكير بدلاً من السعي خلف أهداف مرهقة.

•آليات الدفاع النفسي بين الحماية المؤقتة والفرص المؤجلة:

تبدو آليات الدفاع النفسي مثل الإنكار أو التبرير وكأنها تحميك من الألم لكنها تُخفي عنك فرصتك الذهبية للتعامل مع جذور المشكلة. ليمنعك الإنكار من الاعتراف بوجود اكتئاب أصلا لكنه يشير أيضا إلى خوفك العميق من مواجهة هذه المشاعر أحيانا و التي تكون مؤلمة .

هنا تأتي أهمية الفهم كما تُوضح نظريات فرويد بدلاً من أن تُبقي نفسك أسيرًا لهذه الدفاعات يمكنك استخدامها كمؤشرات من أجل أن ترى الداخل و تبدأ رحلتك للشفاء.

•الاكتئاب معلم خفي حين تكون الصعوبات سبيلًا للتطوير:

فلسفيًا، يُمكن اعتبار الاكتئاب أشبه بقرار للعيش في الظلمة دون تقدير النور.

وفقًا لمدرسة علم النفس " الإيجابي" فإن كل إحباط يحمل بداخله فرصة لإعادة التفكير على سبيل المثال إن شعرت بأن حياتك فارغة فهذه إشارة إلى حاجتك المستميتة لبناء أهداف جديدة "لتبدأ" وحتى لو كانت دعوة للبقاء في الحزن لا تقلف الأهم هو أنك تريد فقط.

تمامًا كالأرض التي تبدو لنا قاحلة لكنها تخبئ بذور مليئة بالحياة تحت سطحها فإن الاكتئاب يخفي قدرات الإنسان الكامنة.

كثير من الأشخاص الذين مروا بمثل هذه التجارب أكدوا أن هذه الفترة كانت نقطة تحول أعادت لهم تشكيل حياتهم للأفضل

•مبدأ العكوس في التعامل مع الاكتئاب:

1:تقبل السلبيات هي مؤشرات للتغيير أحيانا

بدلاً من محاربة الاكتئاب جرب تقبله على أنه حالة مؤقتة بحسب مدرسة العلاج السلوكي المعرفي "إن مواجهة المشكلة بدلًا من الهروب منها هو الخطوة الأولى لبداية الحل" وبداية الطريق نحو الشفاء.

ب) إعادة صياغة الأفكار السلبية

إذا وجدت نفسك تقول "أنا فاشل" بدل أن تترسخ في عقلك حاول ان تسأل نفسك: ماذا يمكنني أن أتعلم من هذا الإخفاق؟

حاول تحويل فشلك إلى حافز يجعل التجارب الصعبة ذات قيمة لأنك في كلتا الحالتين أنت لم تفعل شيء فقط "حاول"

ج) البحث عن الجمال في التفاصيل الصغيرة

قد يبدو العالم بلا معنى و أنت في هذه الحالة لكن البحث عن لحظات صغيرة و ممتعة مثل أن تستيقظ باكرا و تتأمل شروق الشمس و حتى إن لم تكن نائماً تأمله عندما يبدأ.

أو حاول بدء محادثة لطيفة يمكن لإحساسكَ

تدريجيا الشعور في الحياة من حولك و الهدف هو فقط "خطوتك الأولى"

•كيف تطلب دعما نفسيا

طلب المساعدة في مجتمعاتنا هو فقط علامة ضعف، لكنه في الحقيقة أنت أكثر شجاعة مما تظن لأنك تُظهر للجميع أنك مستعد للتغيير و فعل ما يخافون فعلهُ و "مواجهة نفسك"

بدأ العلاج و الدعم الاجتماعي يعزز قدرة الإنسان على مواجهة الاكتئاب و معاملته على أنه غير موجود و أن الشخص مقبولا من أسرته و بأنه بحاجة المساعدة حقا .

حينها يضيء الألم لهُ طريقه إلى حقيقتهِ

كل الفلاسفة يرون أن الألم النفسي دليلًا على أن الإنسان يعيش حياة عميقة و بداية وعيه لفهم نفسه.

لأنه عندما تسأل نفسك "لماذا أشعر بهذا الشكل؟" فأنت في الحقيقة تحاول الإقتراب من فهم ذاتك.

تمامًا كعاصفة تهب في داخلك فالاكتئاب هنا يجبرك على التخلص من الأفكار والعلاقات التي لم تعد تخدمك وخاصة إن كانت تجعل حالتك أسوء لأن الألم هنا ليس عدوا لك، بل هو حليفًا ليوجهك في رحلتك.

•الأثر بين الانهيار والانطلاق

إذا نظرت إلى الاكتئاب على أنه نهاية فقد يؤدي بك ذلك إلى المزيد من الانغلاق على ذاتك.

لكنك إن تعاملت معه على أنه دعوتك الأولى للتغيير، سيكون أجمل بداية جديدة لك.

كثير من الأشخاص وصفوا تجربتهم مع الاكتئاب بأنه "المعلم القاسي"، لكنه أيضًا أعاد تشكيل حياتهم بطرق لم يتوقعوها.

الاكتئاب أشبه بالحفر للوصول إلى المياه الجوفية لأنه كلما تعمقت

كلما زادت احتمالية أن تجد شيئًا قيمًا تحت السطح هذا ما يعرف بالتنقيب في أغوار النفس.

لأن الحياة فيها كل التحديات لكن ما يُحدد مسارنا هو طريقة تعاملنا مع تلك التحديات و ردود أفعالنا و إنفعالاتنا.

فالاكتئاب رغم سواده الظاهر أحيانا يكون فرصة لبدء إعادة بناء ذاتنا من جديد.

كل شخص منا سلبي و يحمل بداخله جانبًا إيجابيًا إذا تعلمنا النظر إليه بوعي.

تذكر دائمًا أن الظلام من دون العمى لا يعني غياب النور نهائيا لكنها مرحلة لا بد لنا من عيشها حتى النهاية لأنها بداية وعينا بالمواقف و المستقبل.

نحن اليوم فقط بحاجة إلى الصبر و أن نبقى حلفاء لأنفسنا و أن لا نجابهها بالكره أو نعاديها بل يجب أن نتوحد معها و ننتظر إكتشاف هذا المستقبل و عيشه .

"في ظلام الاكتئاب دائماً يوجد زهرةَ أمل تنمو من الرماد"
Modar Agha

Modar Agha

كاتب مقالات و قصص إبداعية

أهدف دائمًا إلى تقديم محتوى يثري القراء ويحفزهم على التفكير . متخصص في كتابة المقالات والقصص ٫ أكتب باسلوب يجمع بين الإبداع والتحليل محاولاً تغطية مجموعة متنوعة من المواضيع وتحويل أفكارها إلى محتوى سهل الفهم مع الحفاظ على الدقة في المعلومات

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ