كيف بدأ الصراع العربي الإسرائيلي؟.. الجزء الثالث

Nermin Yousif

كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية

متابعة

حق العودة

وفي فترات الحروب يهرب الناس تاركين أراضيهم وبيوتهم وبعد انتهاء الحرب

يعودون لبيوتهم وهذا ما يسمى بحق العودة للاجئين ، ولكن عندما أراد

الفلسطينيون العودة تم إطلاق النار عليهم ولم يسمحوا لهم بالعودة ، ولم يتحدث

المجتمع الدولي عن اللاجئين الذين لا يجدون مكانا يلجئوا إليه .

واستطاعت إسرائيل خلال هذه الحرب الاستيلاء على 62 % من الاراضي اكثر

من الأراضي المخصصة لها في خطة التقسيم .

في نهاية عام 1948 كان هناك ملايين النازحين اليهود من اوروبا إلى فلسطين

مقابل 800 ألف لاجئ فلسطيني من السكان الأصليين .

القضية الفلسطينية عاصرت جميع التغيرات السياسية العربية والدولية

عام 1967 نجحت إسرائيل في الإستيلاء على الجولان في سوريا، وسيناء في

مصر، وأصبح الحلم اليهودي حقيقة وواقع وفرض سيطرتهم على دولة لهم تمتد

من النيل إلى الفرات قارب على التحقق على أرض الواقع. وفي كل هذه

السنوات كانوا يملئون الإعلام الغربي بقصص إضطهادهم ومعاناتهم ويُشعرون

الغرب عامة والألمان خاصة بتأنيب الضمير تجاههم، وإن إعطائهم أرض

فلسطين تعويضا عادلاً عما شاهدوه في زمن هتلر والإضطهاد الأوروبي لهم .

وساعدهم في ذلك الثراء وإمتلاك الأموال والعلاقات التجارية مع الغرب

وتأسيس مجموعات قوى تؤثر في الرأي العام الغربي وإمتلاك مؤسسات إعلامية

كبيرة تروي قصصهم، وفي المقابل فلسطين ضعيفة فقيرة لا تمتلك المال أو القوة

التي تنشر بها حقيقة ما يحدث على أرض فلسطين، وأيضا العالم العربي كان

محتلاً من قوى إستعمارية والكل يحاول تحرير أرضه، والخروج من حالة

الضعف التي كان عليها أغلب الدول العربية.

انتصرت مصر في حرب أكتوبر عام 1973 واستردت سيناء من إسرائيل،

وعقدت معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، وتفرغت مصر للقضية

الفلسطينية بعد هذا التاريخ ولإسماع العالم الغربي الرواية الحقيقية .

على مر الزمان انتشر الفلسطينيون في أوروبا وافريقيا وامريكا واصبحوا

لاجئين هاربين من عدو صهيوني متغطرس يستولى على البيوت والأموال

والأراضي لا يجد من يوقفه، وانتشرت حركات المقاومة الفلسطينية لمكافحة

العدو الصهيوني .

فصل جديد في القضية الفلسطينية .. المقاومة والشيخ أحمد ياسين

ومن أبرز المقاومين الفلسطينيين الشيخ أحمد ياسين مؤسس ورئيس أكبر جامعة

إسلامية في غزة ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس . تعرض الشيخ أحمد

ياسين لكسر في فقرات العنق في سن 16 عاماً أثناء اللعب مع أقرانه على

شاطئ غزة مما نتج عنه شلل في أطرافه، وبعد تعرضه لسوء المعاملة والإهمال

الطبي خلال إعتقاله الأول في سجون الإحتلال الإسرائيلي في الثمانينات ، فقد

القدرة على الحركة واضطر لاستعمال الكرسي المتحرك ، ولكن لم تمنعه إصابته

عن مقاومة الإحتلال ، شارك في المظاهرات وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية

ملموسة ، درس بجامعة الأزهر بالقاهرة وتعرف على فكر جماعة الإخوان

المسلمين وأنشا فرع لها في فلسطين ، وتم إتهامه أكثر من مرة بتهمة تخزين

السلاح سراً ، وتشكيل تنظيم عسكري ، والتحريض على إزالة الدولة اليهودية،

بينما هو مواطن فلسطيني يدافع عن وطنه، ولكن إعتاد العالم الغربي على تلوين

الحقائق والإبتكار في الإتهامات .

في عام 1987 كان الشيخ أحمد ياسين زعيما لإنتفاضة الأقصى الأولى، وتوالت

الإنتفاضات مع تربية أجيال من الفلسطينيين على فكر الشيخ أحمد ياسين،

وتعرض هو ومئات من الفلسطينيين للقتل والسجن والنفي من قبل قوات الإحتلال

أكثر من مرة . وفي عام 1991 أصدرت إحدى المحاكم الإسرائيلية حكما بسجنه

مدى الحياة بتهمة التحريض على خطف وقتل جنود إسرائيليين وبتهمة تأسيس

حركة حماس وجناحيها العسكري والأمني، وفي عام 1997 تم الإفراج عنه

بموجب إتفاق بين الأردن وإسرائيل عقب عملية فاشلة قام بها الموساد في

الأردن.

داوم الشيخ أحمد ياسين على عمله كمدرس وتربية الأطفال تربية إسلامية

وتعريفهم بالدين وتلاوة القرآن وكان دائما ما يردد عبارة (نحن واليهود في

صراع على هذا الجيل، فإما أن يأخذه اليهود منا، أو ننقذه من أيدي اليهود) .

وخلال انتفاضة الأقصى في سبتمبر عام 2000 شاركت حركة حماس بزعامة

أحمد ياسين في مسيرة المقاومة الفلسطينية بفاعلية بعد أن أعادت تنظيم صفوفها

وبناء جهازها العسكري حيث تتهم السلطات الإسرائيلية حماس تحت زعامة

ياسين بقيادة المقاومة الفلسطينية وظلت القوات الإسرائيلية تحرض دول العالم

على حماس واعتبارها حركة ارهابية وتجميد أموالها وهو ما استجابت له أوروبا ،

وخضع الإتحاد الأوروبي للضغوط الأمريكية عام 2003 وضم الحركة على

قائمة المنظمات الإرهابية.

قضى الشيخ أحمد ياسين حياته ما بين العمل الدعوي والإسلامي ومقاومة العدو،

وواجه الإعتقال أكثر من مرة ، حتى قُتل في هجوم صاروخي شنته الطائرات

الإسرائيلية عليه، حيث قصفت الطائرات الشيخ ياسين أثناء عودته من صلاة الفجر بمسجد المجمع الإسلامي في 22 مارس 2004 بعملية إغتيال عسكرية أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون بنفسه، حتى تصعد روح الشيخ أحمد ياسين لبارئها كما كان يتمنى، حيث قال في مقابلة تليفزيونية : (نحن طلاب شهادة لسنا نحرص على هذه الحياة ، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية ). وبهذا أصبح جيش كيان مغتصب يقف من ورائه الغرب بأكمله يقتل شيخ قعيد لا يستطيع الحركة والكلام .

عم الحزن والأسى أرجاء العالم العربي والإسلامي ، وخرج مئات الآلاف من الفلسطينيين لتشييع جثمانه، وفي يوم الإغتيال وُلدَ ستة أطفال تم تسميتهم جميعا أحمد ياسين ، وصُلي عليه صلاة غائب في عدد كبير من مساجد العالم.

طوفان الأقصى 2023

قام أحفاد الشيخ ياسين ومن تربى على فكره ومدرسته ومنهاجه بعملية طوفان

الأقصى في السابع من أكتوبر عام 2023 وتعتبر هي الإنتفاضة الثالثة ، وهي

عملية عسكرية شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس ،

وهي عملية ضرورية لمواجهة المخططات الإسرائيلية التي تستهدف تصفية

القضية الفلسطينية وعدم طرحها على المجتمع الدولي وخاصة بعد عمليات

التطبيع مع الدول العربية التي شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة . ورأت حماس

إنها الوسيلة الوحيدة للإفراج على عدد من السجناء الفلسطينيين في سجون

الإحتلال، وطريقة لحسم السيادة على المسجد اللأقصى الذي يتعرض دائما لإنتهاكات من جانب القوات الإسرائيلية ، ومحاولة لإفشال مشروع تهويد القدس ولكسر الحصار على غزة. ومن أجل هذا قامت عملية طوفان الأقصى التي مازالت ممتدة حتى الأن ولم تنته بعد .. وتتبع الحدوتة ... وما زلنا في إنتظار كتابة الجزء الرابع متمنيين إنتصار المقاومة الفلسطينية وتحريرالأقصى، فإن قلمي متشوق لكتابة تلك السطور، ونقلها من جيل لأخر.