غربة الأرواح

آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

أحملُ كاسًا زجاجيّا بين كفيّ الصّغيرين ، به مغليّ عشبة يقال أنّها تساعدُ على الاسترخاء!على كلّ حرارة الدّماء المُتدفّقة من شراييني اشدُّ غليانًا ..أطالِعُ ضوْء القمر يا ساهِر و أهزّ ساقيّ ببرود ـ داخلي ثورة ، لكن لا جدوى من ذالك ، و ثورتي منّي عليّ ـ الظّلام دامس ، لكن ليس أشدّ من ظلمة النّفوس حولي *على ذكر حقيقة النّفوس*ما أنا فيه ، جِلّ ما أنا فيه ، ممّا رأيته من النّاس ، الكون ضيّق يا ساهِر حتّى نسمات الهواء الباردة تجعلني أختنِق ، ظلّ الشّجرة المترامية على جانب شرفتي تذكّرني بشيء ما ! لكنّه مُرعب طمأنينة مشوبة بالقلق. مترقّبة شيئا لا أعرف ماهيته ، لربّما يخرج من هذه الظّلال المترامية فيؤذيني !و قد كنت فيما مضى أكثر طمأنينة و هدوءا .عينيّ ذابلتين من كثرة النّوم الّذي أهرب فيه ، أو الأرق الّذي يعيش فيّ!أتذكّر الكثير ، الكثير ممّا يشقّ عليّ الصّمت فيه ، و كذا يعزّ عليّ العيش به فأتمتم " اخص عليك " ، برودة تهزّ أطرافي حين أذكر أن ذراعين أمنت لهما ، و أحدهما تعدّ خنجرًا تطعن ظهري به ،تنساب الدّماء منّي بغزارة ، و أخرج الخنجر الّذي نعلمُ تماما مصدره !كيف للوطن أن يقتُل العزّل بدماء باردة ؟و بعد ذالك ..خوّنوا عيني كذّبوا حلمي و قالوا وهم!الوطنُ يا ساهر من قبل أن أسكنه يُجهزُ عليّ !شهور و الطّفلة الحائرة تائهة في جنباته ، تبحث عن ركنٍ شديد تأوي إليه ، و لا تُغتال .و شيء من حنين ينازعها لا تريد أن ترحل!لكنّها مُذبذَبة حائرة ، وحدها تواجه الفصول ، تداوي ظهرها المطعون حتّى تعود إلى الوطن !نفس الوطن الّذي خرجت منه تحتمي بالعراء تبحث عن مأوى غيره..يا ساهِر ( هل كانت الأوطانُ إلّا راحةً للمُتعبين؟)فلماذا يكون التّعب _ جلّ التّعب_ من أوطاننا و في نواحيها ؟لماذا تؤذينا الأوطان ، حدّ التّساؤل هل نحن في الوطن أم نحنُ في المنفى ؟لماذا تغتالنا الأوطان باليأس حتّى لا يطيب لنا القرار؟لماذا نتجمّد حيث مواطن الدّفء _ أو ربّما ينبغي لها أن تكون_ لماذا تخيّرنا بين الصّمت أو الموت و لا مجال للصّوت بينهما ..آه.."هل كانت الأوطانُ إلّا راحة للمُتعبين"..؟
و اليوم يا سَاهر..يفتح الوطن أبوابه إلى المنفى المنفى الّذي و إن كان معبر الأوطان فهل آلَفُ الأوطان بعده الآن ؟يا سَاهِر ..*تكاليف المروءة*تكاليف المروءة شاقّة أدفع ثمنها وحدي ،

آلآن يا ساهِر أرخي يدي ، لأنّ تشبّثي وحدي يكاد يجعلني أفقدها !وددت لو تلفٌظت قلبي لأنّه ثقيل عليّ ، لطالما أردت وطنًا ليس بالمثاليّ ، لكنّه آمن !يحبّني كما أحبّه ..بين يدي مشروبي و قد تجمّد و قلبي لمّا يزل تغلي فيه الدّماء ..يا ساهِر ..تمرّ عليّ أبيات أقرأها بتؤدة و أراني فيها و داخلي جمٌّ من التساؤلات ..تكاد تفتك بي..هل يسكُن المرء أوطانا يموت فيها أسىً ؟

اقرأ ايضاّ