رغد عبد اللطيف كاتبة أردنية في الثانية والعشرين من عمرها

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولكيف بدأت مسيرتي في الكتابة؟
بدأت مسيرتي في الكتابة عندما كنتُ برفقة إحدى صديقاتي في المدرسة في يوم كنا نتحدث مع بعضنا البعض وكان التحدي يقول: من يكتب أفضل ويعبر؟ وعلى ورقة صغيرة، والغريب أنني وجدت قلمي يسرد كلامًا عجيبًا. استغربتُ كثيرًا منه وكيف استطعت أن أكتب كل تلك المشاعر في هذه الورقة الصغيرة التي جعلت صديقاتي في حالة من الاندهاش. منذ تلك اللحظة اتجهت نحو طريق الكتابة، بدأت أكتب وأدون ملاحظاتي الصغيرة وأخبئها عن عائلتي. أكتب بها ما يزعجني وما يفرحني. وجدتُ مع الوقت بأنني دخلت إلى عالم الكتابة. عالم أستطيع به أن أعبر عن نفسي بطريقة صادقة. شخصيتي كانت انطوائية كثيرًا ما يجدني الناس مضطربة. أجلس وحدي بعيدةً عن الجميع مرتديةً دومًا الملابس السوداء. أتعرض للكثير من الانتقادات بسبب جلوسي وحدي وعدم احتكاكي بأحد لأعود بعدها إلى المنزل أبكي كطفلة صغيرة وأخبر بها والدتي بأنني أشعر بعدم الراحة والاستقرار النفسي في هذه الكلية التي أدرس بها. بعدها أعود إلى غرفتي ألجأ إلى عالم الكتابة لتخفف عني عبء الشعور. أكتب بها ما أزعجني في هذا اليوم وكيف رأيت نظرات الأشخاص من حولي على أنني فتاة مضطربة غير مرحب بها في هذا المكان. كنت أحلم كثيرًا أن يصبح لي كتابٌ ودائمًا أقف أمام المكتبات أنظر إلى رفوف المكتبة بنظراتٍ تملأ قلبي بالحسرات متمنيةً أن يصبح كتابي بين هذا الكم الهائل من الكتب ولكن كيف؟
عدتُ إلى منزلي في يومها مكسورة الخاطر، متحطمة الحياة، فارغة. لا أصدقاء لي، كنتُ بعيدةً عن الجميع وعن عائلتي أيضًا. بدأت هنا بالتفكير في عمل كتابٍ، كانت تتراوح كثير من الأسماء في ذهني، ولكن ما شدني في النهاية كتابٌ اسمه “أخطر العقد النفسية”.
نشرت كتابها الأول “أخطر العقد النفسية” في عام 2023

بدأتُ في العمل عليه وكتابته، كانت والدتي الداعمة الكبيرة لي. كلما شعرتُ باليأس والإحباط، أجدها تخفف عني بكلماتها، تحيي بي الأمل من جديد. لتندهش في كل مرة أقرأ لها شيئًا وتقول لي بأنني بنظرها مبدعة. وبعد انتهائي منه، شعرت بالفرحة الكبيرة، وأخيرًا حلمي سيتحقق؟ سيصبح لي كتابٌ يحمل اسمي وسأصبح مشهورة. يا الله! هل هذا حلمٌ أم هو مجرد وهم أنا أعيش به؟ طبعتُ أول نسخة لي من الكتاب وحملته بين يدي وخرجتُ من المكتبة تتساقط الأمطار بغزارة على وجهي. رفعتُ رأسي، استنشقتُ رائحة المطر وقلت: الحمد لله. الأجواء الباردة تعصب بي لأستشعر القشعريرة بكل أنحاء جسدي وأنا أمشي بين الطرقات. ابتسمت للجميع والمارة ينظرون لي وأنا أحمل حلمي بين يدي، بدوتُ وكأنني بحالة من الجنون. وصلتُ إلى منزلي والفرحة لم تفارقني. ثيابي مبللة، يبدو أنني سأمرض على هذه الحالة التي أنا عليها. دخلتُ إلى بيتي، قادتني خطواتي إلى والدتي، قبلتُ جبينها، أخرجتُ الكتاب من حقيبتي وأعطيته لها. لم تصدق، شعرت بالدهشة والاستغراب في آن واحد كانت. يفيض الدمع من عيني، قبلتُ يدي والدتي وأقول لها: حلمي تحقق. والدتي تشعر بالسرور الشديد ، لكنها لم تعرف ماذا تقول لي في هذه اللحظة.
قمت بنشره على المواقع، فقبلته بعض المواقع والبعض رفضه، وانتشر. تعرضت للكثير من الانتقادات والكثير من الدعم، ولكن الانتقادات كانت الأكثر لأن كتابي كان يحتوي على أخطاء إملائية كثيرة لم أكن منتبهةً لها. شعرت بالإحباط الشديد. كنت أعتقد بأنني عندما أنشر كتابي سيدعمني الجميع ويقف بجانبي، ولكن الجميع كان يسخر من أخطائي على الرغم من أن هذا الكتاب يحمل الكثير من المعلومات الهامة عن صحة الإنسان النفسية وكيف تؤثر تنشئة الطفل عليه في المستقبل وعن عقد الزواج والطفولة التي تعيق حياة الفرد في المستقبل. يحمل مواضيع مختلفة وهامة جدًا عن صحة الفرد النفسية.
توقفت عن الكتابة عندما تعرضت للانتقادات الكثيرة بسبب كتابي "أخطر العقد النفسية". ولكن والدتي حينها قالت لي: "الجميع يتعرض للانتقادات. ليس من الضروري أن يعجب عملك الجميع. الانتقاد يجب أن يصنع نجاحًا ويعني أن تعملي على الأخطاء التي تعرضتِ للانتقاد عليها وتصحيحها بدلًا من الشعور بالفشل والإحباط. والأهم من ذلك كله بأنني أراكِ بعيني مبدعة". آه يا والدتي، كم هذا الكلام أشعل وردة الأمل بداخلي وكأنني حييتُ من جديد!
في نهاية عام 2023، تعرضت لوعكة صحية مخيفة. أصابني مرض في معدتي، فأصبح جسدي نحيلًا جدًا. لا أستطيع تناول الطعام، وأشعر دائمًا بفقدان الشهية وفقدان الشعور بالراحة وكأن الموت قد اقترب مني. حياتي أصبحت مخيفة، ابتعدت أكثر عن الناس. أصابني الاكتئاب والشعور بالإحباط وفقدان الشغف. ولكن في حينها، لم أتوقف عن الكتابة رغم شعوري بالألم الشديد الذي كان يرافقني بسبب تناولي الكثير من الأدوية التي تؤدي إلى آثار جانبية كثيرة، ولكني لم أتوقف عن الكتابة وبدأت في تأليف رواية اسميتها "روزا بيلا" والعمل عليها. ولكن بسبب مرضي الشديد، تركتها لشهور عديدة. ولكن لم أستطع هذا، عدتُ إلى حلمي وعالمي في الليالي القاسية عليّ، يتأكل جسدي من شدة المرض، لم تغفو لي عين وأنا أعمل عليها حتى أنهيتها كاملة.
نشرت كتابها الثاني، رواية “روزا بيلا” عام 2024

على الرغم من أنها رواية قصيرة وسريعة الأحداث، إلا أنها حتماً سوف تترك أثرًا جميلًا في قلب القارئ. هذه هي روايتي التي كتبتها وأنا أعاني من أمراض جسدية تقودني إلى الانهيار، ولكني لم أستسلم لهذا المرض. بقيتُ وراء حلمي حتى بدأت أراه يتحقق أمامي.
هذه أنا، الكاتبة رغد عبد اللطيف. آمل أن أكون قد استطعت أن أترك بصمة صغيرة في قلوبكم.
قريبًا، سيتم نشر كتابي "أخطر العقد النفسية" مصححًا من الأخطاء الإملائية، وسيتم نشر رواية جديدة ومختلفة.
وفي الأيام القادمة، سيكون هناك أعمال كثيرة جميلة تحمل الكثير من المشاعر والغموض والمعاناة التي يعيشها الإنسان.