خلفية تاريخية لتطور الحواسيب وأجياله المختلفة
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخوليتقدم الإنسان في أطوار الحياة منتقلاً، ويخطو خلال التاريخ مرتقياً من جيل إلى آخر.
ويرتبط ارتقاء صناعات الإنسان بما يجنيه كل جيل من خيرات سبقته وما يحصله من معرفة تميزه عمن سبقه من أجيال.
ويعد المجال التكنولوجي للحاسوب من أسرع المجالات المتطورة، الذي دخل في عدة أجيال وخرج منها في مدة قصيرة.
وكثيراً ما يجد القارئ نفسه متأملاً باحثاً عن أسباب تسميات معينة. ويقع العبء على الكاتب في تقصي الحقيقة واستخدام اللفظ المناسب ووضع المصطلح المناسب .
وهنا تظهر مشكلة رئيسية وهي استخدام لفظ شائع دون معرفة أصله .
وهناك خطأ شائع في استخدام مصطلح " ذكاء صناعي" . فقد شاع دون التفات إلى المعنى الحقيقي ودن حرص على التحديد والتفريق بين " الصناعة" و" الاصطناع" .
وحيث إنه ليس ذكاءً طبيعياً فإنه ذكاء اصطناعي"، وهو اللفظ الأقرب للتعبير عن تقليد ما هو طبيعي.
ولا شك أن التطور التكنولوجي فتح مجالاً فيه الابتكارات اللفظية العلمية التي ترجع للغة الإنجليزية، وتظهر الحاجة والحتمية لتعريبها دون أن تفقد المعنى المنقول.
ولابد من مطالبة صانعي القرار بتحديث المناهج العلمية واللغوية في جميع المستويات التعليمية.
ويعني مصطلح " أجيال الحاسوب "، التقسيم الزمني لمراحل التطور الذي مر به الحاسوب منذ نشأته .
وتم التقسيم حسب فترات زمنية متتابعة قوامها التطور في قدرة وإمكانات الحاسوب العلمية والعملية. وينتقل الحاسوب من جيل إلى جيل حسب تطوره العلمي .
وأن مصطلح " الحاسوب" أكثر صواباً وأجدر بالاستخدام بدلاً من لفظ " كمبيوتر" ! إذ كيف يثرى اللسان العربي إن استمر التكاسل بنقل الحروف اللاتينية وتحويلها إلى حروف عربية؟
وتقسم أجيال الحاسوب إلى خمسة، بداية من عام 1946م ، ونهاية في مطلع التسعينات.
الجيل الأول:
ظهرت حواسيب خلال الفترة من عام 1946 إلى 1955م والتي اتصفت باعتمادها على تكنولوجيا الصمام المفرغ. وظهور أول حاسوب رقمي إلكتروني، وهو" إنياك" وهي مخصورة – تأخذ الحروف اللاتينية الأول – من تسميته الكاملة : حاسب ومكامل عددي إلكتروني . ظهر في عام 1946م بعد أن استمر جون إيكرت وجون موكلي في بنائه عام 1942 . وكان ضخما احتل غرفة مساحتها 1800 قدم مربع، ووزنه 30 طناً، واحتوى على 18.000 صمام مفرغ، و5000 عملية جمع لكل ثانية.
واستمر استخدام " إنياك" حتى عام 1955م. وكان لديها مشكلة وهي احتراق الصمامات المفرغة لارتفاع درجة حرارتها بسرعة، مما استدعى وجود فريق من المساعدين الذين انتشروا في أنحاء الغرفة لتبديل كل صمام محترق بصمام جديد.
وكان الصمام المفرغ هو العنصر الأساسي في الجيل الأول . والصمام المفرغ عبارة عن صمام زجاجي مفرغ من الغاز ، يحتوي على إلكترودات مصممة للتحكم في تدفق الإلكترونات. ويرجع اختراعه إلى عام 1883م عندما اكتشف " توماس ألفا أديسون" تدفق الإلكترونات بين شعيرة ساخنة وموصل كهربي قريب منها في حيز مفرغ.
وطوره " فليمنغ" عام 1904م بتحويل التيار المتناوب إلى تيار مستمر . وقام دي فورست عام 1906م بإضافة شبكة معدنية ، وأنتج الصمام المفرغ وتكبير فولتية صغيرة إلى كبيرة، ويعمل الصمام المفرغ كمكبر، والتحكم في تدفق إلكترون داخل وعاء مفرغ من الهواء .
وهنا لا بد من توضيح الدور المهم الذي قام به " جون أتاناسوف" في تطوير الحاسوب ليصل إلى ما كان عليه في الجيل الأول، والذي حصل على اعتراف مجهوده في عام 1973م . واستمر التأريخ للحاسوب مركزا على أن حاسوب " إنياك" الذي بناه " جون برسبر إيكرت" و" موكلي" كان هو أول حاسوب رقمي.
وضم الجيل الأول حاسوب" يونيفاك 1" أول حاسوب تجاري ، بناه " إيكرت" و" موكلي" لشركة" رمينجتون راند".
وما لثبت شركة " آي بي إم" أن قدمت عام 1944م حاسوب" مارك1" من اختراع " هوارد إيكن". وقامت شركة آي بي إم بتقديم أول حاسوب تجاري لها عام 1953م وأتبعته عام 1954م بـ " آي بي إم 650" .
الجيل الثاني:
من عام 1955 إلى عام 1964م كان إحلال الترانزستور محل الصمام المفرغ في بناء الحاسوب هو العامل الذي فتح هذا الجيل ونقل الحاسوب.
وكان اختراع الترانزيستور بمثابة انقلاب علمي، وأمكن من زيادة إمكانات الحاسوب وسرعته ورفع درجة اعتماديته وخفض حجمه.
وتم بناء وحدة الذاكر داخل الحاسوب حسب " معمارية فون نيومان". وتلخصت تلك المعمارية من أسس رياضية تعني تسلسلية عمليات الحاسوب ومعالجة البيانات. كما تمت برمجة الحواسيب " بلغة التبديل" واستخدمت اختصارات لتمثيل الأوامر المشغلة للآلة.
الترانزيستور والدائرة المتكاملة:
الترانزيستور عبارة عن جهاز شبه موصل يحوي ثلاثة إلكترودات ويستطيع القيام بجميع وظائف الصمام المفرغ كالتكبير والتحويل وتوليد الذبذبات.
وتستخدم في صناعته مادة السليكون أو الجيرمانيوم، مع إدخال شوائب فيها لتحديد نوع التوصيل .
ويتم التوصيل بواسطة الإلكترونات والثغرات . وتكون الترانزيستورات من المقاومات والمكثفات والصمامات .
وتكون عدة بوابات منطقية يعرف بالدائرة المتكاملة المرققة .
عرف الباحثين في نهاية القرن التاسع عشر بأن هناك مواد تسمى شبه الموصلات لها خواص إلكترونية مثل القدرة على تحويل التيار المتناوب إلى مستمر .
الجيل الثالث:
من عام 1964م إلى عام 1971م، بإعلان شركة آي بي إم عن حاسوبها الرئيس" سيستم 360" في أبريل 1964م .
وأن النقلة التي أحدثها هذا الحاسوب في التكنولوجيا لهذا المجال تتوازى مع ما أحدثه اختراع المحرك النفاث في مجال الطيران.
وعاصرت هذه الفترة انطلاقاً لإنتاج حواسيب أصغر وأقوى وأرخص وأخف وأكفأ .فمكنت حواسيب الجيل الثالث من برمجة الحواسيب بلغات عالية المستوى مشابهة للغات الإنسان. وتذكر المبرمجين للاختصارات المتميزة التي كتبت بها أوامر لغة التبديل لأنواع الحواسيب المختلفة. ثم انتشرت لغات مثل: فورتران، وكوبول.
وأمكن استخدام نظم التشغيل أن يقوم الحاسوب بتشغيل عدة برامج في الوقت نفسه" البرمجة المتعددة".
وكان يمكن أن تستمر الدائرة المتكاملة التي تم اختراعها عام 1959م في حد ذاتها كاختراع مثير لعجب العلماء لعدة سنوات، لولا وقوع حدثين مهمين .
الحدث الأول: عام 1957م عند إطلاق الاتحاد السوفيتي لأول قمر اصطناعي" سبوتنيك" .
الحدث الثاني: عام 1961م عندما أعلن الرئيس الأمريكي " كينيدي" عن برنامج الفضاء لإنزال أول إنسان على سطح القمر. وظهر الطلب المفاجئ على الدوائر المتكاملة .
وبمجرد ظهور أول حاسوب من الجيل الثالث، أصبحت حواسيب الجيل الثاني دون استخدام، وأحيلت إلى التقاعد ومنها ما لم يخرج حتى من صناديقه.
الجيل الرابع:
يتصف هذا الجيل باستخدام " المعالج الدقيق" و" الدائرة المتكاملة" . فقد امكن إستخدام الدوائر المتكاملة بإضافة قوة كبيرة في الحواسيب.
فبحلول عام 1975م بناء أول حاسوب جبار . ويضع الخبراء عام 1971م بداية لهذا الجيل وظهور أول معالج دقيق للاستخدام التجاري مرققة " إنتل 4004" وتبعه ظهور معالج دقيق " إنتل 8008" ووفر دوائر حساب وتحكم متعددة الاستخدام.
ومع عدم وجود خطوط تقسيم زمنية تفصل بين هذا الجيل والجيل الخامس، فقد جرى عد عام 1990م الفاصل بين الجيلين. إلا أن هناك بعض الخبراء الذين يصرون على أن تحديد الأجيال قد انتهى ودخل الحاسوب مرحلة يمكن تسميتها " اللاجيلية" .
الجيل الخامس:
يضم الحواسب التي يتم تصميمها لتحاكي قدرة الإنسان على التفكير والحكم. وتستخدم مبرمجات الذكاء الاصطناعي، لأداء الأعمال على نحو الأسلوب المنطقي البشري.
ويمكن الذكاء الاصطناعي بأنه فرع من علم الحاسوب يبحث في فهم وتطبيق تكنولوجيا تعتمد على محاكاة الحاسوب لصفات ذكاء البشر .
ومن أمثلة البرامج التي تحاكي ذكاء الإنسان هي: البرامج التي تشخص الأمراض، أو التي تخطط للتركيبات الكيميائية المعقدة، أو التي تحل معادلات التفاضل في شكل رمزي، وغيرها... الخ.
ويعد هذا الجيل تتويجاً لما سبقه من جهود وانتصارات علمية في مجال الحواسيب.
ويتوقع بعض الخبراء أنه في المستقبل القريب سيتفوق الحاسوب ذو بلايين المعالجات على قدرة المخ البشرية !! وإن لم يكن ذلك بالمرجح بما يتوافر من تكنولوجيا، فإن غداً لناظره قريب .
المرجع:
حماد، علم الهدى، (1996م)، أجيال الحاسوب، مجلة التوباد، العدد السابع عشر، نوفمبر ، ص ص : 12-17
