خدع العقل: 6 طرق يخدعك بها عقلك دون أن تشعر
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخوليعد العقل البشري أعظم وأكثر أسرار الطبيعة، فهو قادر على القيام بأشياء مذهلة قد تعجز عن تصورها. يعد العقل العضو الأكثر تعقيدًا في جسدك والمتحكم الأول في أفكارك وقراراتك وحتى مشاعرك. يتحكم العقل في جميع وظائف الجسم ويستقبل المعلومات المحيطة به، ثم يترجمها إلى تصرفات ومشاعر تتناسب مع الموقف الذي تتعرض له.
وعلى الرغم من قدرات العقل المذهلة، إلا أنه قد يخدعك بطرق مختلفة دون ان تشعر بذلك، حيث يستخدم العديد من الأساليب الذهنية المعقدة للتلاعب بك وخداعك. فهو يميل إلى اتخاذ اختصارات معرفية أو استنتاجات خاطئة. في هذا المقال، سنتعرف على 6 طرق يخدعك بها عقلك، وكيف يمكن لخدع العقل أن تؤثر على قراراتك اليومية.
1. عقلك يحب أن يأخذ اختصارات
يميل العقل إلى استخدام التصورات غير الدقيقة (الاختصارات) لتوفير طاقته وتبسيط الأمور. وتعد هذه التصورات واحدة من أكثر خدع العقل المشهورة. وهذه الاختصارات تؤدي إلى تحيزات معرفية غير دقيقة، مما يؤثر على كيفية تفسير عقلك للمعلومات واتخاذ القرارات. فعند التعرض لمشكلة أو اتخاذ قرار، يلجأ عقلك تلقائيًا على الاعتماد على الحلول التي نجحت في الماضي بدلًا من التفكير في حلول جديدة.
في بعض الأحيان، قد يكون استخدام هذه الاختصارات مفيدًا وفعالاً خاصة عند الحاجة لاتخاذ بعض القرارات بسرعة. ولكن من ناحية أخرى، يمكن أن تعيقك هذه الاختصارات العقلية في حياتك اليومية وتسبب في ارتكابك للمزيد من الأخطاء بسبب الوصول إلى استنتاجات غير دقيقة.
الأنواع الشائعة لهذه التصورات غير الدقيقة:
- التحيز التأكيدي: البحث عن المعلومات التي تؤكد أفكارك وتجاهل ما يناقضها. على سبيل المثال: إذا قرأت دراسة تثبت أضرار نوع معين من الأطمعة التي لا تفضلها، فإنك ستصدقها وتتجاهل الدراسات الأخرى التي تثبت العكس.
- التحيز الاجتماعي: تبنى آراء الأغلبية لمجرد أنها شائعة. ينتشر هذا النوع بكثرة بين الأشخاص، وخاصةً في مجال الموضة، فعندما ينتشر نمط ملابس جديدة أو لون جديد ستجد نفسك تتبنى هذا النمط فقط لأن الآخرين يفعلون ذلك.
- التحيز عند اتخاذ القرار: يمكن لعقلك أن يخدعك ويتأثر بعوامل فردية (مثل: العواطف أو الخبرات السابقة) عند اتخاذ قرار مهم. على سبيل المثال، قد يمنعك ويخدعك عقلك بأن السفر بالطائرة لأنه أكثر خطورة من خلال تذكر حوادث الطيران المأساوية.
اقرأ أيضًا: القرآن نورٌ يضيء الدروب، بعض النصائح والفوائد لتعليم القرآن للأطفال
2. العيون تأثر على تجربة الطعام
هل سبق لك أن ذهبت إلى مطعم أحد الشيفات المشهورين وتناولت طعامك المفضل، فشعرت وكأن كل قضمة لها طعم فريد وتحمل قصة فريدة وكأنك في حكاية خيالية؟ ثم ذهبت إلى مطعم عادى لتناول نفس الوجبة ووجد فرقًا واضحًا في الطعم! في الحقيقة، قد يكون كلا المطعمين يستخدمان نفس المكونات والطريقة نفسها في الطهي، فلماذا يوجد هذا الفرق في الطعم.
يكمن الجواب على هذا السؤال في مقولة "العين تأكل قبل الفم". للعيون قدرة على تغيير المذاق بطريقة غير مباشرة، وذلك من خلال تأثير التصور البصري والتوقعات والحواس الأخرى. تتداخل الرؤية للطعام والألوان والمشاعر العامة مع حاسة التذوق لتكوين تجربة طعام فريدة. وهذا هو السر الذي تتبعه المطاعم المحترفة لجعل تجربة الطعام أكثر متعة وثراءً.
على سيبل المثال، ستجد عصير الليمون بالنعناع أكثر مذاقًا وانتعاشًا عند تقديمه في كوب شفاف، بينما مشروب الشوكولاتة الساخنة ألذ وأجمل عند تقديمه في كوب كريمي اللون. وإذا تناولت حساء الطماطم في وعاء أبيض، ستشعر بأن مذاقه أخف وألذ، مقارنة بتقديمه في وعاء داكن اللون.
اقرأ أيضًا: كيف تتمتع بقدر أكبر من القبول والود مع الأشخاص من حولك؟
3. عدم ملاحظة التغييرات البديهية
مع التغييرات التي تحدث في العالم في كل لحظة، قد يكون من الصعب على العقل استيعاب هذه التغييرات، خاصةً تلك التي تحدث أمام أعيننا مباشرةً. تُسمى هذه الظاهرة باسم "عمى عدم الإدراك أو "عمى التغيير". وهي ظاهرة دفاعية يستخدمها العقل لتجاهل بعض التغييرات عندما لا يتمكن من معالجة جميع المعلومات التي يتلقاها في نفس الوقت، حتى لا يصاب بالإرهاق ولتحديد أولوياته.
يمكنك ملاحظة هذه الظاهرة عندما تكون مشغولًا بالتركيز على شيء معين، فستجد نفسك تتجاهل العديد من الأمور التي تحدث بجانبك. وهي طريقة أخرى يخدعك بها عقلك دون أن تشعر.
من أشهر الأمثلة على هذه الظاهرة، هي المقالب التليفزيونية البسيطة التي تعتمد على إجراء حوار مع المارة في الشارع، وفي لحظة معينة، يتم تبادل المذيع مع زميل له ليكمل الحوار، وفي أغلب هذه المقالب لا يلاحظ الأشخاص أن المذيع الذي يحاورهم قد تغيير، حتى على الرغم من أن المذيعين يختلفان عن بعضهما البعض.
قد لا يبدو أن عمى عدم الإدراك مشكلة كبيرة، لكن هناك بعض الأبحاث التي أظهرت أنه قد يكون لها عواقب وخيمة. على سبيل المثال، يمكن للأشخاص الذين يعملون في وظائف، مثل: مراقبة الحركة الجوية أو القيادة ارتكاب أخطاء كارثية، مما قد يؤدي إلى وقوع حوادث.
اقرأ أيضًا: مخاطر الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية على صحة الأطفال النفسية والعقلية
4. لعبة إلقاء اللوم
من أكثر الطرق التي يخدعك بها عقلك هي لعبة إلقاء اللوم. عند حدوث أمر سيئ أو عند الوقوع في المشاكل، يميل العقل إلى إلقاء اللوم على الآخرين أو الظروف بدلًا من تحمل المسؤولية أو التفكير في حلول. يعتقد الخبراء بأن العقل ينخرط في اللوم في محاولة منه:
- لتقليل الضغط النفسي.
- حماية الذات.
- تخفيف الشعور بالذنب أو المسؤولية.
- تجنب الاعتراف بالأخطاء.
- الحماية من الخوف من الفشل.
على سبيل المثال: إذا قمت بالذهاب بجولة وتعطلت سيارتك في الطريق، فستبدأ بإلقاء اللوم على السيارة، بدلًا من الاعتراف بخطئك في عدم التأكد من السيارة قبل البدء في رحلتك. أو إذا تعرضت لحروق الشمس بعد قضاء يوم على الشاطئ، وبدلاً من الاعتراف بأنك لم تضع واقي الشمس مرة أخرى، قررت أن واقي الشمس نفسه كان تالفًا، وهذا هو سبب تعرضك للحروق.
يعتبر هذا النمط من التفكير أحد أنواع التحيزات المعرفية التي يميل الإنسان إلى اتباعها بشكل غير واعٍ. وقد يعوق هذا الأمر تقدمك وتفوقك الشخصي، ويسبب مشكلات مع أصدقائك ومن حولك. كما أنه من المرجح، بسبب استخدام هذه الطريقة، حدوث العديد من الأشياء السيئة بسبب أمور خارجة عن سيطرتك وعدم قدرتك على تحمل المسؤولية.
اقرأ أيضًا: من التواصل إلى بناء العلاقات: خطوات لتحسين مهارة الذكاء الاجتماعي
5. الذاكرة المتغيرة
بالطبع جميعنا نتملك ذكريات حدثت بالفعل نتذكرها من وقت لآخر ولكن يمكن للعقل صنع ذكريات زائفة. الذاكرة المتغيرة هي واحدة من الطرق التي يخدعنا بها عقلنا.
الذاكرة البشرية ليست دائمًا دقيقة وثابتة، بل هي عرضة للتغيير والتلاعب بمرور الوقت. أظهرت العديد من الدراسات أنه يمكن لعقولنا الاحتفاظ بذكريات زائفة وغير صحيحة لأحداث لم نتعرض لها قط. في بعض الأحيان، قد تشعر أنك مررت بموقف معين من قبل أو أنك تتذكر موقفًا سيئًا، رغم عدم حدوثها. وتتأثر الذاكرة بعدة عوامل، من أهمها:
- التوقعات: تتشكل الذكريات بحجم التوقعات التي نتطلع لها، على سبيل المثال: إذا كنت تتوقع حدوث شيء معين، قد تشعر بأن هذا الموقف حدث من قبل، حتى وإن لم يحدث.
- التجارب الحالية: يمكن أن تتشوه أو تتلاشى الذكريات عن حدث معين بمرور الوقت بسبب المعلومات الجديدة والأحداث الجديدة التي يتلقاها العقل.
- النسيان المعتمد: ينسى العقل بعض الذكريات عمدًا، خاصة الذكريات المؤلمة أو صعبة التحمل، وذلك من أجل الحفاظ على صحتنا العقلية والنفسية.
اقرأ أيضًا: كيف تحول المشكلة إلى فرصة: 6 خطوات عملية لحل المشكلات
6. رؤية الأنماط حتى لو لم تكن موجودة
هل سبق لك أن نظرت إلى سحابة وشعرت بأنها تشبه حيوانًا أو شكلاً هندسيًا؟ أو هل سبق لك أن نظرت إلى جزع شجرة وشعرت وكأن لها وجهًا يمتلك عينين؟ بالطبع، قد مررت بهذا الموقف عدة مرات، بل من المحتمل أنك حاولت عدة مرات ربط الأشكال المحيطة بك بأنماط معينة من الحيوانات أو الوجوه، وتظنها لعبة مسلية إلا أنها إحدى خدع العقل التي يمارسها عليك.
إن عقولنا مبرمجة على البحث عن الأنماط وخاصةً البحث عن الوجوه، حتى لو لم تكن موجودة في الحقيقة. تسمى هذه الظاهرة "الباريدوليا"، وهي عندما يرى عقلك شيئًا مألوفًا (مثل: العيون أو وجه أو الأشكال الهندسية) ولكنه غير موجود فعليًا، بل يتخيله عقلك، ليقوم بتفسير المعلومات بطريقة منظمة. ويعتقد أن الأشخاص المبدعين هم أكثر الفئات عرضة لهذه الظاهرة.
اقرأ أيضًا: النوم المبكر للأطفال: سر الصحة الجيدة والنمو العقلي
هل سبق لك أن وقعت فريسة لإحدى هذه الخدع؟
يمكن لعقلك أن يخدعك بطريقة تؤثر على رؤيتك للعالم من حولك واتخاذ قراراتك. لكن، بمجرد أن تكون واعيًا لهذه الحيل التي تلاعب عقلك بها، ستتمكن من اتخاذ قرارات سريعة وصحيحة. لذلك، من المهم أن تتعلم كيفية فهم ما يدور في عقلك وتحدى الأفكار المضللة لتتمكن من تحسين حياتك الشخصية والمهنية وتحقيق نجاحات أكبر. الآن، هل أنت مستعد لتتغلب على خدع العقل السابقة أو تحويلها إلى فرصة لصالحك؟
المراجع
Mai Hesham
كاتبة مقالات ومترجمةأمتلك خبرة 4 سنوات في كتابة المقالات العلمية والطبية، أحاول مساعدة القراء على الحصول على معلومات صحيحة ودقيقة.
تصفح صفحة الكاتب