تُرى لماذا نخاف الموت .. ! ، وهل يعد خوفنا هذا أمر طبيعي ؟!.

- أخبرني يا طه لماذا نخاف الموت؟

= وهل تعتقد أن الإجابة بهذه البساطة! ولكن دعني أسألك أولاً لماذا يتعايش الناس وكأنهم لن يموتوا على المدى القريب، لماذا يتعامل الجميع على أنه لا يزال في عمره الكثير بعد مع أن الكثير من البشر حان أجله فعلياً وأنا أكتب هذه المقالة؟!

- وهل أسألك لتسألني؟!

= جواب السؤال الثاني موجود في نص السؤال الأول فنحن نتعايش وكأننا لن نموت قريباً بسبب خوفنا من الموت، ووفقاً لذلك يعمل عقلنا اللاواعي على إقناعنا بهذه الفرضية التي ربما تكون خاطئة، فالعقل لا يحب أن يعيش في قلق وفكرة الموت لدينا مقلقة لذا بكل بساطة يتجاهلها... لكن لماذا نخاف الموت؟

- وهل تمزح معي!

= كل البشر متفقون على الخوف من الموت لكنهم مختلفون في سبب الخوف تحديداً.. فالذي يؤمن بالحساب بعد الموت يخشاه لعلمه أنه سيحاسب على ما فعل في حياته، والذي لا يؤمن بالحياة الآخرة أو الحساب يخشى الموت لأنه سينهي عليه ويسلب منه ملذاته أو لأنه مجهول وجرت العادة على أن المجهول مخيف.

- وهل تخشى أنت الموت؟

= بالطبع صديقي أخشاه بقدر ما أذنبت في حياتي وفرطت في أمري، عدا ذلك فإن الموت راحة للمؤمن من بلاء الدنيا، ولا تنس أن النبي ﷺ أمرنا بأن نكثر من ذكر هادم اللذات.

- غفر الله لي ولك ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.

ولكن دعني أطرح عليك سؤالاً آخر، هل تعتقد أن خوفنا من الموت يمنعنا من الاستمتاع بالحياة؟

= هذا سؤال جيد. في الحقيقة، يمكن أن يكون الخوف من الموت دافعاً للاستمتاع بالحياة بشكل أكبر. عندما ندرك أن حياتنا محدودة وأننا في أي لحظة قد نفقدها، يمكن أن يدفعنا ذلك إلى تقدير اللحظات الصغيرة والعيش بكل ما أوتينا من شغف وحب. هناك من يقول إن الحياة تكتسب معناها من نهايتها، أي الموت.

- هذا يبدو منطقياً. ولكن هناك من يعيشون حياتهم في قلق دائم من الموت، مما يجعلهم غير قادرين على الاستمتاع بالحياة.

= هذا صحيح. لذلك نجد أن التوازن هو المفتاح. يجب أن نعيش بوعي وإدراك، ولكن دون أن ندع الخوف يسيطر علينا. يجب أن نتعلم كيف نتعامل مع هذا الخوف بشكل صحي. مثلاً، يمكن أن نركز على بناء علاقات قوية مع أحبائنا، وأن نعمل على تحقيق أهدافنا وأحلامنا، وأن نستفيد من كل يوم كأنه آخر يوم لنا.

- وكيف يمكن للإنسان أن يتغلب على خوفه من الموت؟

= هناك عدة طرق يمكن أن تساعد في ذلك. أولاً، يمكن أن يكون التأمل والتفكير في الموت بشكل إيجابي ومتحرر من الخوف مفيداً. ثانياً، الإيمان والروحانية يمكن أن يكونا مصدر راحة كبيرة، حيث يجد الكثيرون الطمأنينة في الاعتقاد بأن هناك حياة أخرى بعد الموت، وأن هذا العالم ليس سوى مرحلة مؤقتة.

- هل تعتقد أن الدين يلعب دوراً مهماً في التعامل مع الخوف من الموت؟

= نعم، بالتأكيد. الدين يوفر إطاراً للمعنى والغرض من الحياة، ويعطي الأمل في حياة بعد الموت. العديد من الأديان تعلم أتباعها أن الموت ليس النهاية، بل هو بداية جديدة. هذا الاعتقاد يمكن أن يكون مريحاً جداً للعديد من الناس.

- ولكن ماذا عن الذين لا يؤمنون بالحياة بعد الموت؟

= بالنسبة لأولئك الذين لا يؤمنون بالحياة بعد الموت، يمكن أن يكون الخوف من الموت أكثر تعقيداً. ومع ذلك، يمكن أن يجدوا الراحة في فكرة أن حياتهم كانت لها تأثير وأنهم تركوا إرثاً إيجابياً خلفهم. يمكن أن يكون التفكير في كيفية تحسين العالم وجعل الحياة أفضل للآخرين طريقة فعالة للتعامل مع هذا الخوف.

- هل تعتقد أن هناك طريقة مثلى للتعامل مع موت الأحباء؟

= هذا موضوع حساس جداً. فقدان الأحباء يمكن أن يكون تجربة مدمرة. ومع ذلك، يمكن أن يساعدنا في تذكر أنهم يعيشون في ذاكرتنا وأن تأثيرهم على حياتنا سيظل دائماً. يمكن أن يكون الدعم الاجتماعي والحديث عن مشاعرنا مع الآخرين الذين مروا بتجارب مشابهة مهماً جداً في هذه الحالة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون الطقوس والتقاليد الدينية أو الثقافية مصدر راحة كبيرة.

- من الصعب حقاً الحديث عن الموت، ولكنه جزء لا يتجزأ من حياتنا.

= نعم، وهذا ما يجعل الحياة ثمينة للغاية. الموت يعطينا سبباً لنعيش بصدق وبشغف، لنحب بعمق، ولنسعى لتحقيق أحلامنا. في النهاية، ربما يكون قبول الموت هو أحد الطرق للوصول إلى حياة مملوءة بالمعنى والسعادة.

- أعتقد أنك محق. قد يكون الحديث عن الموت مخيفاً، ولكن فهمه والتفكير فيه يمكن أن يساعدنا في العيش بشكل أفضل.

= بالضبط. الموت هو جزء من الرحلة، ومن خلال فهمه يمكننا أن نعيش حياتنا بوعي كامل ونستمتع بكل لحظة فيها.

- شكراً لك يا طه، لقد كانت محادثة عميقة ومفيدة جداً.

= على الرحب والسعة، آمل أن نتمكن جميعاً من إيجاد السلام في حياتنا وأن نعيشها بشكل كامل.