تجرأ أن تكون"متميزا": ضريبة التميز بمجتمعنا

آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

استقبلت اتصالاً مفاجئًا من إحدى صديقاتي، كانت تشكو فيه من تعرضها للضيق والتنمر من طرف صديقاتها. كانت كلماتها تتخللها الحيرة والأسى قائلة "لا أعرف لماذا يعاملونني بهذه الطريقة، رغم أنني لا أعامل إلا بالمعروف والخير". بدأت أبحث عن السبب وراء هذه المعاملات، لكن ما وجدته هو أن هذه ليست مشكلة فردية، بل هي مشكلة تخص الجميع. حتى الرسول صلى الله عليه وسلم، تعرض للضيق والتنمر، حيث كان يوصف بأنه "معلم مجنون". لكن ما وجدته أيضًا هو أن صديقتي تملك موهبة فريدة، تعرف الكثير في العديد من المجالات، سواء في الجانب الديني أو المهني أو الثقافي و هذه الموهبة جعلتها محطة للغيرة والحسد من قبل الآخرين. فما تستقبله منهم ليس إلا انعكاسًا لشعور بداخلهم، شعور المقارنات والغيرة.

ابحث عن تفردكابحث عن تفردك

ما قالته ليس غريباً عني، فلقد عشت تجارب مؤلمة جعلتني أشعر بالضيق والحزن، رغم أنني لم أفعل شيئاً يبرر هذه المعاملة. لكن ما أدهشني أكثر هو أنني وجدت القليل من الأشخاص الذين يدعمونني ويذكرونني بأن هذه هي الطريقة التي تعامل بها التاريخ مع العديد من الأشخاص، حتى الله تعالى، في عظمة قدرته، تلقى معاملة غير عادلة من البشر، حيث اتهموه بأنه له ولد. هذه الحقائق جعلتني أفهم أن المعاملة السيئة ليست نتيجة لضعف الشخص، بل هي نتيجة لعدم الفهم والعداء من قبل الآخرين. لكن بدلاً من أن أسمح لهذه التجارب بتثبيطي، قررت أن أستفيد منها وأستخدمها كدافع للتقدم والنمو.

كل تميز هو من الخالقكل تميز هو من الخالق

"نحن لا ندرك تأثير محاربة المتميزين داخل مجتمعنا. هذه الظاهرة شائعة جدًا، لدرجة أن حس الإبداع والتميز والاستثنائية والتفرد يصبح نادرًا في بعض الأشخاص. السبب ليس أن الأشخاص لم يولدوا بهذه الصفات، بل لأن ثقافة المجتمع تحارب هذه الصفات.

عندما تكون شخصًا يطرح أسئلة مختلفة، يسمونك "شخصًا كثير الأسئلة"، وتبدأ بالشك في هذه الموهبة مع مرور الوقت. تصبح هذه الموهبة أو تغيب لأنك تخاف من أن تؤدي إلى الضرر لك بالاحكام والألقاب. فتقرر أن تتخلى عنها، وكل صفة متميزة تتجلى فيك تتبدد وتهرب مع الشك بالذات، وتذهب وهي مؤمنة بفكرة أنك لست كافيًا، ولا تحاول أن تكون أفضل من الآخرين.

هذه الظاهرة تجعلنا نتساءل: ما هو تأثير محاربة المتميزين على مجتمعنا؟ وكيف يمكننا أن نشجع على التميز والإبداع بدلاً من محاربته؟

تميزك هو سر من أسرار التغييرتميزك هو سر من أسرار التغيير

في الفصول الدراسية، يحدث شيء غريب. يظهر تلميذ متميز، يبرز في دراسته ويسعى دائمًا للتميز. لكن بدلاً من أن يشجعوه، يتعرض للتنمر والإهانة من قبل زملائه، ويوصف بأنه متكبر. هذا التلميذ المتميز غالبًا ما يختار العزلة، ويجد صديقًا واحدًا فقط. لكن ما لا يعرفه الآخرون هو أن غيابه سيؤدي إلى انهيار مستوى الفصل دراسيًا.

لقد تحدثت مع التلاميذ عن هذا الموضوع، وقلت لهم: "تخيلوا معي لو أن قائد الحافلة لا يستطيع القيادة. هل ستتحرك الحافلة؟" أجابوا: "لا، لن تتحرك". قلت لهم: "وستبقون في نفس المكان، وستضيعون الكثير من الوقت. إذا كان المكان خاليًا، فستعانون من الجوع، وستموتون في النهاية". قلت لهم: "نفس الشيء يحدث مع التلميذ المتميز. غيابه سيجعل الفصل لا يسير، وستكون نقطتكم منخفضة جدًا. إنه يحرك فيكم النشاط ويحرك فيكم حس المسؤولية، لكي تجتهدوا أكثر". وأجابوا: "نعم، يستحق الشكر".

ما هو تاثير محاربة المتميزين والأذكياء بالمجتمع؟

عندما يواجه المجتمع المتميزين والأذكياء بالعداء والتحدي، يفتح الباب أمام تشجيع الجهلاء وقتل الإبداع وغياب لحس الفن والتفرد. وبهذا يدفع المجتمع ثمنًا باهظًا لعدم وجود المتميزين والأذكياء، الذين يعتبرون روادًا في تسهيل الحياة واختراع أشياء جديدة تسهل الحياة وابتكار أدوات جديدة للتعامل مع التحديات والحياة بشكل عام.

الإبداع هو هبة إلهية للبشريةالإبداع هو هبة إلهية للبشرية

الإبداع هو الهبة التي أعطيت للإنسان، هي المفتاح الذي يفتح أبوابًا جديدة للحلول والابتكارات التي تجعل الحياة أكثر جمالًا وإبداعًا. ولكن، عندما نجد أنفسنا أمام محاربة كل شخص متميز، فإنه يصبح واضحًا أننا أمام محاربة الإبداع نفسه. وهل من المنطق أن نقف ضد هذا النوع بدلا من أن نشجع المتميزين والأذكياء على الاستمرار في إبداعهم وتقديمهم لحلول جديدة ومبتكرة.

هناك العديد من المفكرين الذين تناولوا تأثير محاربة الأذكياء والمتميزين في المجتمع، وسنعرض أغلبهم على الشكل الآتي:

 ألبرت اينشتاين ألبرت اينشتاين

1- فولتير: قال إن "المجتمع الذي يخاف من الأذكياء والمتميزين هو مجتمع يخاف من الحقيقة".

2-إيمانويل كانت: قال إن "المجتمع الذي يحارب الأذكياء والمتميزين هو مجتمع يخاف من الحرية"

3-جون ستيوارت ميل: قال إن "المجتمع الذي يحارب الأذكياء والمتميزين هو مجتمع يخاف من التقدم""

4-فريدريك نيتشه: قال إن "المجتمع الذي يحارب الأذكياء والمتميزين هو مجتمع يخاف من القوة والقدرة"

5-جورج أورويل: قال إن "المجتمع الذي يحارب الأذكياء والمتميزين هو مجتمع يخاف من الفكر الحر"

6-ألبرت أينشتاين: قال إن "المجتمع الذي يحارب الأذكياء والمتميزين هو مجتمع يخاف من الابتكار والاكتشاف"

7-مارتن لوثر كينغ: قال إن "المجتمع الذي يحارب الأذكياء والمتميزين هو مجتمع يخاف من التغيير والتقدم"

هذه الآراء تعبر عن قلق المفكرين من تأثير محاربة الأذكياء والمتميزين على المجتمع، وتركز على أهمية تشجيع التفكير الحر والابتكار والتقدم.

ما السبب النفسي وراء محاربة المتميزين؟

احم تميزكاحم تميزك

سمعت مقولة تقول: "الذين يكرهونك بلا سبب، هم أكثر دراية بك، هؤلاء بحثوا فيك، وتمحصوا طباعك ودرسوا أخلاقك، فلم يستطيعوا أن يكونوا أنت ولم يتمكنوا من قبولك على هذه الهيئة، فهم يكرهونك لأنك تذكرهم بعجزهم" وكتبتها في حق المتميزين الذين يتعاملون بالخير ويتلقون العكس، أهديك هذه الكلمات كدعم نفسي، لتعرف أن تميزك يذكرهم بضعفهم، وبعدهم عن اكتشاف أنفسهم، استمر في طريقك بحكمة ولا تلتفت لما يقولونه فأنت تعلم الآن ما الذي يجعلهم يحاربونك، أنت تخيفهم في الأعماق وتجعلهم يدخلون في صراع شرس مع ذواتهم.

عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك أمام شخص متميز، لا تخف منه ولا تحاربه. بل اجعله مصدر إلهام لك، ودعه يلهمك لتحقيق إمكانياتك الكاملة، اجعل المتميزين أداة لتنهض من جديد، لتكافح وتصنع حياة تستحق أن تعاش.

خذها ولا تخفخذها ولا تخف

رسالتي إليكم هي أن نبارك المتميزين أينما وجدوا، ونشجعهم على الاستمرار في إبداعهم وتقديمهم لحلول جديدة ومبتكرة. فلكل روح بصمتها المتفردة، وكفانا قمعًا للطاقات المتفردة التي تحمل في تميزها نور التغيير والإبداع ولنكن مصدر دعم وإلهام.

KELTOUM AGOURRAME

KELTOUM AGOURRAME

كاتبة

كلثوم اكرام أعمل كمختصة اجتماعية في مؤسسة تعليمية،وابلغ من العمر 27 سنة،ولدي ميل للكتابة اكتشفته منذ فترة ولابد أن يحمل هذا الميل الهام لمساعدة الناس للتغيير للأفضل. ان وجودنا تعبير عن روح تعرف ما فيها وما عليها،ومتى اكتشف الانسان سبب وجوده وهدفه في الحياة سمح له ذلك بعيش الحياة بأسلوب أكثر جودة وباحساس هائل.

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ