نطاق 4 لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري : أهميتها ولمصلحة من يتم اهمالها؟

خبير بيئي
مقدمة:
أوضحت تقارير الكربون المنشورة منذ عام 2017 أن 71 % من اجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري كانت نتيجة حوالي فقط 100 شركة من الشركات المنتجة للوقود الاحفوري مثل اكسون موبيل وشيل منذ عام 1988م . أدى هذا الى زيادة وعي الدول تجاه تأثير الشركات في حدوث ظاهرة الاحترار العالمي .
وبناءا على تقارير الاستدامة للشركات كانت هناك خطوة فعالة نحو فهم هذا التأثير وتعزيز ثقافة الشعور بالمسئولية تجاه البيئة وتدعيم ثقافة التغيير وتشجيع مبدأ الشفافية. وتعد تقارير الكربون من الاتجاهات التي تتيح للشركات فهم وقياس الانبعاثات الكربونية الناتجة من ممارسة نشاطهم. وتعد هذه الخطوة هي الخطوة الأولى في تطوير استراتيجيات فعالة لتقليل الانبعاثات وتحقيق هدف الوصول الى صفر الانبعاثات. إن الشفافية في افصاح الشركات عن ـأثيرها الكربوني يساعد في بناء الثقة بين الشركة والحكومات والمستثمرين والجهات المعنية باتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بالقضايا البيئية. وكذلك مساعدة الشركات التي تستهدف التصدير الى دول الاتحاد الأوروبي حيث اشترطت هذه الدول على الشركات المصدرة الحصول على تقرير للبصمة الكربونية تحدد فيها صافي انبعاثاتها الكربونية وطرق تخفيفها. ويؤدي هذا أيضا الى التزام الشركات والمصانع بممارسات التصنيع الجيد التي تؤدي إلى زيادة قبول المنتج لدى المستهلكين وبالتالي زيادة العائد الاقتصادي للشركات. وبلاشك فقد يكون الالتزام بهذه الممارسات أمر شاق بالنسبة لكثير من المستثمرين الا انها تظل طريقة من طرق توفير النفقات والابادع والميزات التنافسية بين الشركات.

بيانات البنك الدولي: انبعاثات CO2 eq في مصر من 2010-2023
وبالرغم من ظهور هذه المبادئ منذ عام 2001 الا أن العديد من الشركات لم تبدأ الا مؤخرا في الاهتمام بها. ومن هذه المبادئ بوتوكول غازات الاحتباس الحراري .
بروتوكول غازات الاحتباس الحراري:
تشمل غازات الاحتباس الحراري المتضمنة في بروتوكول كيوتو 1997 ومؤتمر الدوحة بدولة قطر 2012 الى سبع غازات هم ثان ثاني أكسيد الكربون (CO₂)، الميثان (CH₄) ، أكسيد النيتروز (N₂O)
الغازات الهيدروفلورية (HFCs) - الغازات البيرفلورية (PFCs)
سداسي فلوريد الكبريت (SF₆) - ثلاثي فلوريد النيتروجين (NF₃)
ويتمثل برتوكول غازات الاحتباس الحراري في تصنيف الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة للشركات والمؤسسات في ثلاث نطاقات وهي النطاق 1 و2 و3 .
1- انبعاثات النطاق 1 : وهي الانبعاثات المباشرة من المصادر التي تملكها الشركة مثل السيارات التي تملكها الشركة وليست مستأجرة، أو المعدات الثابته داخل المصنع.
2- انبعاثات النطاق2 : وهي الانبعاثات غير المباشرة والتي تنتج من استخدام الكهرباء .
3- انبعاثات النطاق 3 : وهي الانبعاثات التي لم تذكر في النطاق 1 و 2 وتنتج من سلاسل التوريد بدءا من استخراج المواد الخام وانتهاءا بالتخلص الآمن .
مما سبق يتضح أن انبعاثات النطاق 1 و2 هما العمود الفقري لاي صناعة او شركة بالإضافة الى انبعاثات النطاق 3 التي يتم ملاحظتها وقياسها ، ولكن التوجه الأمثل في المستقبل ليس في قياس الانبعاثات الصادرة بعد تشغيل المشروع ولكن في توجه استباقي يتم التبنؤ بما سيتم انبعاثه وبالتالي اتخاذ إجراءات وتقنيات في منع انطلاق هذه الانبعاثات. وبالتالي تساعد في تكوين نظره شاملة عن المنتج قبل انتاجه وبعد استخدامه.

انبعاثات النطاق 4: يتصاعد الحديث حول النوع الرابع من الانبعاثات والتي يمكن وصفها بالانبعاثات التي يمكن تجنبها من أجل تقليل الاحترار العالمي وهي عبارة عن الانبعاثات التي يتم تقليلها خارج سلاسل التوريد الخاصة بالشركة أو العملية الإنتاجية وتتمثل في استخدام تقنيات مثل استخدام الاجتماعات عن بعد بديلا عن اجتماع موظفي الشركة حضوريا مما يقلل من استهلاك الوقود وانتقال الموظفين واستخدام الأوراق وكذلك استخدام خرسانات جيوبوليمرية أثناء تصميم وانشاء المباني مما يقلل من الانبعاثات الناتجة عن استخدام الخرسانة العادية وأيضا استخدام مواد عازلة حراريا تقلل من الاعتماد على التبريد من أنظمة التبريد وبالتالي خفض الانبعاثات الناتجة من استخدام الكهرباء .

المصدر :tps://www.preoptima.com/the-carbon-source)
وحتى الان لم يتم الاعتراف بها دوليا ضمن البروتوكول. ومما يزيد من أهمية حساب انبعاثات النطاق 4 وتكاملها مع باقي النطاقات الثلاثة أنها تمنح الشركة فرصة لتقييم نظرة شاملة عن اسهاماتها في ظاهرة تغير المناخ والاحترار العالمي وتشجع نحو المزيد من الإجراءات التي تعين على الامتثال لطرق التخفيف من حدة تغير المناخ.
وما يؤكد ضرورة الاهتمام بخفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن المنشآت أننا لم نعد نمتلك رفاهية الوقت الذي يمكننا من الانتظار حتى نجاح المبادرات التي تنادي بزرع مليون او حتى مليار شجرة حيث اننا نسير في اتجاه زيادة درجة حرارة الأرض بما يزيد عن 2 درجة مئوية وليس 1.5 درجة مئوية كما هو متوقع، لذلك يجب الاتجاه نحو طرق أكثر استباقية لتجنب انبعاث المزيد من غازات الاحتباس الحراري.
وظهرت بعض البرامج التي تهتم بتطبيق انبعاثات النطاق الرابع مثل تطبيق prooptima الذي يقوم بتصميم المباني بمعايير تقلل من البصمة الكربونية الكلية حيث يعتمد على مبدأ التوأمة الكربونية من خلال حساب البصمة الكربونية الكلية لعمر المبنى في مراحل مبكرة مما يؤدي الى تجنب الكثير من الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة.
الخاتمة :
وفي الختام يتضح أن التكامل بين النطاقات الأربعة للانبعاثات يعتبر خطرة ذكية نحو منظومة أكثر شمولا واستدامة وعلى المؤسسات والشركات الرائدة أن تبدأ من الآن في استشكاف فرص تطبيق حساب انبعاثات النطاق 4 في تقاريرها وأثناء تنفيذها المشاريع المختلفة، حيث اننا وصلنا إلى مرحلة أعادة كتابة قواعد وادوار ومتطلبات المسئولية البيئية.
عن الكاتب
Mahmoud Abdellatief
خبير بيئي