بناء المرونة: التغلب على التحديات والنمو بشكل أقوى
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولفي هذه الحياة الكثير من المواقف والصعوبات التي تواجهنا، إذ نبقى بين كرٍ وفرٍ في أيامها، ولكن لا بد من التأقلم والتكيّف مع ما يمر علينا في تفاصيلها حتى نتمكن من العيش والبقاء، لذلك يعتبر بناء المرونة أسلوب قوي وفتاك في تخطي العقبات والتحديات، وضمان حقيقي للنمو والتقدم بشكل أقوى.
عند التحلي ببناء المرونة فإنك تكون أمام فرصة لإلغاء أي عائق قد يحول دون تقدمك وتطوّرك، أي لن تعلن استسلامك أبدًا بل تناضل من أجل النمو والتقدم سواء على الصعيد النفسي أو المهني أو الفكري؛ فإن المرونة ليس لها سقف محدد، بل تحتاج إليها في مختلف تفاصيل حياتك.
بناء المرونة
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مصطلح بناء المرونة مقارنةً مع السنوات السابقة، وقد أشار المصطلح إلى ضرورة عدم الاستسلام أمام أي ظرف طارئ قد يواجهك وإنما يحتاج موقف صارم بالتغلب والتجاوز لأي تحديات وشدائد، فإن ذلك يعني القدرة الحقيقية والكفاءة في التعافي مع إبقاء نظرة ثاقبة نحو الجانب المشرق من الحياة رغم تقلباتها، فإننا بذلك نضمن لأي شخص مرن أن يحقق تطور وازدهار مهما أحكمت عليه الحياة قبضتها.
إن بناء المرونة من المهارات الواجب تطبيقها في مختلف مناحي حياتنا، سواء كنت موظفًا أو في حياتك العلمية أو الفكرية أو غيرها.
بناء المرونة المهنية
رغم الشمولية والنطاق الواسع الذي يدرج تحت مظلة بناء المرونة، إلا أنني أود تسليط الضوء أولًا على بناء المرونة المهنية الذي اقترن بعلاقةٍ وثيقة مع الكثير من الوظائف والأعمال بالمجمل، إذ هنا ستلاحظ وجود اختلاف نسبي بمفهوم المرونة؛ دعني أولًا أوضح لك فكرة، فإننا قد حققنا نقلة نوعية في حياتنا المهنية بعد أن واجهنا مشكلة الوباء المتفشي كوفيد-19 عام 2021، فقد اضطررنا لترك المكاتب تمامًا لفترة طويلة تحت تأثير هذه الجائحة، لكن تمكنا بكل ديناميكية من التأقلم والتكيّف مع فكرة العمل من المنزل ما ولد لدينا مرونة بالتجاوب مع أي طارئ قد يصادفنا لاحقًا.
فإن المرونة المهنية تحوّلت بهذا الصدد إلى قيمة مهنية قابلة للقياس اعتمادًا على أداء الموظف وسبل تحقيق المنظمة لها دون تجاوز أو تجاهل الأهداف التي تجمعّت لأجلها الأيدي العاملة، عامةً فإن المرونة المهنية معناه مدى تجاوب الموظف أو المنشأة وتكيفهما مع ما يواجهما من ظروف وصعوبات متقلبة في مسيرتها العملية، علمًا بأن بعض العوائق قد تترك أثرًا عميقًا على الأهداف والرؤى المؤسسية أحيانًا.
في المرونة المهنية يعني التعامل مع الأحداث المفاجئة بطريقة احترافية وبسرعة فائقة مع الحفاظ على المخطط العام وتسييره نحو تحقيق الأهداف المرجوة، من الأمثلة على ذلك حدوث تغير ملموس على سلوك المستهلك مثلًا ما يترتب عليه أحيانًا ارتفاع معدلات الطلب على منتج ما؛ ما يستدعي مثلًا مضاعفة حجم الإنتاج، حتمًا يحتاج ذلك إلى مضاعفة ساعات العمل والتأقلم مع الضغط المفاجئ دون تأثر الجودة والمتابعة والقيم وغيرها.
استراتيجيات بناء المرونة المهنية
إذا كنت صاحب عمل وتسعى إلى بلوغ أعلى درجات النجاح؛ فإنك حتمًا بحاجة ماسة إلى موظف مرن، وحتى تحقق ذلك يتطلب منك الأمر الاستراتيجيات التالية أن تكون حاضرة:
- تعزيز فرص التعلم طوال مسيرته المهنية، بهذه المرحلة أنت بحاجة إلى صقل مهارات وشخصية الموظف المهنية من خلال تقديم ورشات العمل والدورات عبر الإنترنت، فإن الكثير من ورشات التطوير المهني قد أصبحت رائجة في المنظمات مؤخرًا في مساعٍ لتحقيق النجاح والديناميكية للموظفين، فإنه بذلك يكون أكثر ثقة بكفاءته المهنية وقدراته الوظيفية أكثر من أي وقتٍ مضى.
- نظرة ثاقبة للمستقبل، لا تدع العوائق والتحديات تضع أمامك الإحباط والنظرة السلبية، بل تحتاج لتوجيه أنظارك نحو المستقبل وما ينتظرك من فرص للنمو والتطور من خلال تصيدها واستغلالها بما يتماشى مع مصالحك.
- بناء شبكة مهنية متماسكة، من الضروري أن تتسم البيئة المهنية لديك بالقوة والمتانة والتكافل معًا حتى تكون قادرًا على التأقلم والتجاوب مع أي تغيرات قد تطرأ على الخطة المهنية، من الرائع إقامة علاقة عمل عميقة بين الموظفين من خلال منصات التواصل الاجتماعي، المؤتمرات؛ بشكل أوضح أن تكون العلاقة قوية بناءً على تبادل الخبرات والمعلومات المهنية ما يأخذ بيد المنظمة نحو التقدم والنجاح.
- الإدارة النشيطة للمنظمة، في الحياة المهنية لا بد دومًا من الوقوف على نقاط القوة والضعف للتعامل مع كل منهما بطريقةٍ مناسبة، إضافة إلى تحديد المستقبل الزاهر من خلال رصد الفرص التي من شأنها تطوير الأعمال فعلًا، لذلك أنت تحتاج إلى تحديد أهداف مهنية متفاوتة المدى لتتمكن من إجراء تغيير وتقييم ومراجعة باستمرار.
كيفية تشكيل ثقافة بناء المرونة
تعتبر المرونة بمثابة قوة عظمى بحد ذاتها، فإن قبول التغيير نحو الأفضل يعني الانفتاح والتطور والتقدم، لذلك يمكنك تشكيل ثقافة بناء المرونة في بيئتك التنظيمية من خلال تنفيذ ما يلي:
- تعميق جذور قوة قول نعم، فإن قبول التكيف مع المشكلات والتوجه للتجاوب مع كل ما يساهم في تطويرك ونموك وتقدمك يعتبر تمتعًا بعقلية النمو، لذلك حاول اغتنام الصعوبات والنكسات وتحويلها إلى فرص ذهبية لك.
- الرفاهية والدعم، من الطرق المثالية لبناء موظف مرن دعمه بشدة ومنحه الرفاهية النفسية والعقلية، فأن يكون لديك موظف مرتاح نفسيًا وجسديًا يكون قادرًا حقًا على تحقيق التوازن بين حياته الشخصية والعمل، ما يجعله مؤهلًا ومهيأ لتعلم المزيد وتطوير مهاراته أكثر.
- تطوير العقلية الإيجابية للموظف والمدراء في المنظمة، بمعنى آخر تطوير عقلية النمو.
- التوجيه إلى أهمية ممارسة تمارين اليقظة الذهنية التي تجعل الموظف أكثر هدوء وتقبل لكل ما يحيط به وبالتالي يصبح موظف مرن.
أهمية بناء المرونة
تعتبر ثقافة بناء المرونة أفق منير بأكمله يأخذ بيد الجميع نحو النمو والتطور النجاح، لذلك لا بد من توضيح مدى أهمية بناء المرونة للموظف والمنظمة وجميع أطراف بيئة العمل:
- القدرة على مواجهة التحديات وترويضها لتصبح فرص نمو وتقدم، والنظر إليها بأنها تجربة تعليمية وليست نكسة.
- المساهمة في تطوير عقلية النمو التي تنير العقول وتجعلها أكثر قدرة على التفكير والسعي للوصول إلى العمل الجاد والتفاني في ذلك.
- ترسيخ جذور فكرة التعاطف مع الذات من خلال الاهتمام بجعل العقلية إيجابية بحتة؛ بأن تعترف بوقوع الأخطاء والنكسات وإصلاحها وتجنب الوقوع بها مرة أخرى.
- أسلوب فعال في بناء شبكة مهنية تدعم بعضها البعض دون كلل.
ختامًا، رغم اهتمامنا بتسليط الضوء على بناء المرونة المهنية، إلا أن المرونة مطلوبة في حياتنا الفكرية والعاطفية والشخصية ككل أيضًا، فإننا بذلك نتحول إلى أشخاص إيجابيين ونجعل الحياة أفضل لا محالة لنا و للجميع.
المراجع
بناء القدرة على المرونة: القوة التي لا يمكن إيقافها وراء قوة العمل المزدهرة
إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوعكاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.
تصفح صفحة الكاتب