الْأَسَدُ الْعَجُوزُ وَالْحِيلَةُ الْخَبِيثَةُ، الثعلب ينقذ الحيوانات بذكائه

Madjid Haddad
كاتب تقني ومحرر
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

فِي قَلْبِ الْغَابَةِ الْكَثِيفَةِ وَالْمُظْلِمَةِ، حَيْثُ تَعْصِفُ الرِّيَاحُ بَيْنَ الْأَشْجَارِ الشَّاهِقَةِ وَتَغْمُرُ الضَّوْءَ الْأَخْضَرَ الْمَنَاظِرَ الطَّبِيعِيَّةَ، عَاشَ أَسَدٌ قَدِيمٌ يُعَانِي مِنْ ضَعْفٍ شَدِيدٍ. لَمْ يَكُنِ الْأَسَدُ قَادِرًا عَلَى الصَّيْدِ كَمَا اعْتَادَ، وَأَصْبَحَ قَلَقُهُ يَتَزَايَدُ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ يَمْضِي دُونَ طَعَامٍ. مَعَ تَدَهْوُرِ صِحَّتِهِ، بَدَأَ يَشْعُرُ بِالرَّهْبَةِ مِنِ احْتِمَالِ مَوْتِهِ جُوعًا، وَكَانَ لَابُدَّ لَهُ مِنْ إِيجَادِ وَسِيلَةٍ لِضَمَانِ بَقَائِهِ.

الأسد العجوزالأسد العجوز

الْخُطَّةُ الْمَاكِرَةُ

لَمْ يَكُنْ أَمَامَ الْأَسَدِ خِيَارٌ سِوَى التَّفْكِيرِ فِي اسْتِرَاتِيجِيَّةٍ جَدِيدَةٍ لِضَمَانِ بَقَائِهِ. فَكَّرَ فِي خُطَّةٍ مُبْتَكَرَةٍ تَعْتَمِدُ عَلَى الْإِيحَاءِ بِالضَّعْفِ وَالْأَلَمِ. بَدَأَ الْأَسَدُ بِنَشْرِ إِشَاعَةٍ بَيْنَ سُكَّانِ الْغَابَةِ مَفَادُهَا أَنَّهُ مَرِيضٌ بِشِدَّةٍ وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَشَكِ الْمَوْتِ. كَانَتِ الشَّائِعَةُ مَدْرُوسَةً بِعِنَايَةٍ، حَيْثُ سَاهَمَتْ فِي جَذْبِ مُخْتَلَفِ الْحَيَوَانَاتِ إِلَى كَهْفِ الْأَسَدِ، تَحْتَ ذَرِيعَةِ تَقْدِيمِ الْعَوْنِ وَالتَّأَكُّدِ مِنْ صِحَّتِهِ. اسْتَغَلَّ الْأَسَدُ هَذِهِ الزِّيَارَةَ لِتَطْبِيقِ خُطَّتِهِ الْخَبِيثَةِ.

الْأَسَدُ يَنْقَضُّ عَلَى ضَحَايَاهُ

مَعَ تَدَفُّقِ الْحَيَوَانَاتِ إِلَى الْكَهْفِ، كَانَتْ تَظْهَرُ عَلَامَاتُ الْقَلَقِ وَالتَّعَاطُفِ عَلَى وُجُوهِهِمْ. وَمَعَ ذَلِكَ، فِي اللَّحْظَةِ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا كُلُّ حَيَوَانٍ، كَانَ الْأَسَدُ يَنْقَضُّ عَلَيْهِ بِوَحْشِيَّةٍ، مِمَّا أَتَاحَ لَهُ الْحُصُولَ عَلَى وَجْبَةٍ دَسِمَةٍ دُونَ عَنَاءٍ. تَكَرَّرَتْ هَذِهِ الْعَمَلِيَّةُ عِدَّةَ مَرَّاتٍ، وَأَصْبَحَ الْأَسَدُ يَزْدَادُ قُوَّةً وَبَدَانَةً بِفَضْلِ هَذَا الْمَوْرِدِ السَّهْلِ. لَمْ يَعُدْ بِحَاجَةٍ إِلَى الصَّيْدِ أَوِ الْقِتَالِ مِنْ أَجْلِ الْحُصُولِ عَلَى طَعَامِهِ، فَقَدْ أَصْبَحَ لَدَيْهِ مَصْدَرٌ ثَابِتٌ لِلْغِذَاءِ.

الذَّكَاءُ يُنْقِذُ الْمَوْقِفَ

لَكِنْ لَيْسَ جَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ كَانَتْ سَاذِجَةً. جَاءَ ثَعْلَبٌ ذَكِيٌّ وَفَضُولِيٌّ إِلَى الْكَهْفِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بَلْ بَقِيَ خَارِجَهُ. كَانَ الثَّعْلَبُ حَذِرًا وَرَاقَبَ عَنْ كَثَبٍ آثَارَ الْأَقْدَامِ الَّتِي كَانَتْ تَدْخُلُ إِلَى الْكَهْفِ، دُونَ أَنْ تَعُودَ أَبَدًا. بِاسْتِخْدَامِ مَهَارَاتِهِ التَّحْلِيلِيَّةِ وَفِطْنَتِهِ، اسْتَنْتَجَ الثَّعْلَبُ أَنَّ هُنَاكَ خَدِيعَةً كَبِيرَةً تَجْرِي خَلْفَ أَبْوَابِ الْكَهْفِ. قَرَّرَ أَنْ يُنَبِّهَ بَاقِيَ الْحَيَوَانَاتِ إِلَى هَذَا الْخَطَرِ، وَقَامَ بِتَحْذِيرِهِمْ مِنْ مَخَاطِرِ الدُّخُولِ إِلَى الْكَهْفِ، مِمَّا أَنْقَذَ حَيَاةَ الْعَدِيدِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَأَوْقَفَ عَمَلِيَّةَ التَّفَنُّنِ الَّتِي كَانَ الْأَسَدُ يَقُومُ بِهَا.

الدُّرُوسُ الْمُسْتَفَادَةُ

تَعَلَّمْنَا مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَهَمِّيَّةَ الذَّكَاءِ وَالتَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ فِي الْأَوْقَاتِ الصَّعْبَةِ. فِي مُوَاجَهَةِ الْأَزَمَاتِ، يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الذَّكَاءُ وَالْعَقْلُ الرَّاجِحُ هُوَ السِّلَاحَ الْأَبْرَزَ لِلْحِمَايَةِ وَالنَّجَاةِ. تُوَضِّحُ الْقِصَّةُ أَنَّ التَّصَرُّفَ بِحَذَرٍ وَتَحْلِيلَ الْمَوَاقِفِ بِدِقَّةٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ فِي إِنْقَاذِ الْأَرْوَاحِ وَمَنْعِ الْكَوَارِثِ.

اقرأ ايضاّ