النجّار والطاولة التي لا تنكسر

محمد ازلو
صحفي مغربي وكاتب قصص
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول


الفصل الأول: البداية

كان هناك نجّار ماهر يُدعى "أسامة"، يعيش في قرية صغيرة محاطة بالغابات الكثيفة. عُرف أسامة بمهارته الفائقة في صناعة الأثاث. لم يكن يصنع الأثاث فقط، بل كان يضع قلبه وروحه في كل قطعة يصنعها. اعتاد القرويون أن يتحدثوا عن أسامة بحب واحترام، قائلين إن كل قطعة يصنعها تحمل لمسة من السحر.
لكن أسامة لم يكن راضيًا عن نفسه. كان يشعر دائمًا أن هناك تحديًا أكبر بانتظاره. كان يبحث عن شيء يميزه عن الجميع، شيء يجعل عمله خالدًا في ذاكرة الناس.
ذات يوم، بينما كان يعمل في ورشته الصغيرة بالقرب من الغابة، جاءه رجل غريب. كان الرجل يرتدي عباءة سوداء، ووجهه مغطى جزئيًا بوشاح. بدا غامضًا ومثيرًا للدهشة.
قال الرجل بصوت منخفض: "سمعت عن مهارتك، يا أسامة. وأتيت إليك بمهمة خاصة."
رفع أسامة رأسه ونظر إلى الرجل بدهشة: "ما هي هذه المهمة؟"
قال الرجل: "أريدك أن تصنع لي طاولة لا تنكسر."
كانت الكلمات بسيطة، لكنها أثارت في قلب أسامة مزيجًا من الفضول والتحدي. كيف يمكن أن يصنع طاولة لا تنكسر؟ هل هذا ممكن؟
_ الفصل الثاني: التحدي
جلس أسامة في ورشته لساعات طويلة يفكر في طلب الرجل الغريب. كانت الفكرة تبدو مستحيلة. كل شيء في العالم يمكن أن ينكسر بطريقة أو بأخرى. لكن أسامة لم يكن مستعدًا للاستسلام.
قرر أن يبدأ رحلته لصنع الطاولة. بدأ بجمع أفضل أنواع الخشب من الغابة، لكنه أدرك بسرعة أن الخشب وحده لن يكون كافيًا. لذلك، ذهب إلى حدّاد القرية "عمر" ليصنع له إطارات من الحديد لدعم الطاولة.
استغرق الأمر أسابيع من العمل الشاق. كان أسامة يعمل ليلًا ونهارًا، يجرّب كل فكرة تخطر بباله. لكنه، في كل مرة، كان يجد عيبًا في تصميمه.
بدأ الشك يتسلل إلى قلبه. "هل هذا الطلب مستحيل؟"، تساءل في نفسه. لكنه تذكّر كلمات الرجل الغريب، وقرر ألا يستسلم.
_ الفصل الثالث: لقاء مع الحكيم
في إحدى الليالي، بينما كان يجلس وحيدًا في ورشته، شعر أسامة بالإرهاق واليأس. قرر أن يأخذ استراحة قصيرة ويتجول في الغابة. وبينما كان يمشي تحت ضوء القمر، التقى برجل عجوز يجلس بجوار شجرة ضخمة.
قال العجوز: "تبدو متعبًا، يا بني. ما الذي يشغل بالك؟"
روى أسامة للعجوز قصته. ابتسم العجوز وقال: "الطاولة التي لا تنكسر ليست مجرد شيء مادي. إنها فكرة. إذا أردت أن تصنعها، عليك أن تفكر خارج حدود المواد التي تستخدمها."
صمت أسامة للحظة، ثم سأله: "ماذا تعني؟"
قال العجوز: "الأشياء التي لا تنكسر ليست أشياء مادية. إنها أفكار، قيم، ومبادئ. إذا أردت أن تصنع طاولة لا تنكسر، اجعلها تحمل رسالة لا تنكسر."
_ الفصل الرابع: الطاولة السحرية
عاد أسامة إلى ورشته بروح جديدة. بدأ في تصميم الطاولة بطريقة مختلفة. قرر أن ينحت عليها قصصًا تعكس قيمًا إنسانية عظيمة مثل الصدق، الإخلاص، الشجاعة، والتعاون.
استمر العمل لأشهر طويلة. كانت الطاولة تحفة فنية حقيقية. نحت أسامة عليها صورًا ورموزًا تعبر عن القيم التي تؤمن بها القرية.
عندما انتهى من صنع الطاولة، شعر بشيء مختلف. لم تكن مجرد قطعة أثاث. كانت قطعة فنية تحمل روحًا حقيقية.
_ الفصل الخامس: النهاية
عاد الرجل الغريب إلى ورشة أسامة بعد أشهر. نظر إلى الطاولة بإعجاب وقال: "لقد فعلتها. هذه الطاولة لا تنكسر."
سأله أسامة بدهشة: "كيف تعرف ذلك؟"
قال الرجل بابتسامة غامضة: "لأنها تحمل شيئًا لا يمكن كسره أبدًا: القيم التي تجعلنا بشرًا."
ومنذ ذلك الحين، أصبحت الطاولة رمزًا في القرية. كانت تُعرض في ساحة القرية، وأصبح الجميع يتحدث عن أسامة، النجّار الذي صنع الطاولة التي لا تنكسر.
لكن أسامة لم يكن يهتم بالمجد أو الشهرة. كان سعيدًا لأنه وجد المعنى الحقيقي لعمله.

روايةرواية

قصة قصيرة

#قصص

محمد ازلو

محمد ازلو

صحفي مغربي وكاتب قصص

صحفي مغربي

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ