المنزل الذي لن ينام فيه أحد ( قصة حقيقية )
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخول
والأعشاب العالية، ولم يكن يزوره أحد منذ زمن بعيد. كان أهل القرية يتجنبون الحديث عنه، لكن يهمسون بأن الليالي فيه لا تخلو من صوت صريخ وهمسات يجمد الدم في العروق.
قررت في يوم من الأيام أن أكشف حقيقة هذا المنزل. كنت مستعدًا لأي مفاجآت، فقد اصحبت معي مصباحًا كهربائيًا ومسجلة لتوثيق كل ما سيحدث. عندما وصلت إلى المنزل، كان الهواء مروعًا وباردًا على غير العادة. كانت الأبواب متراكمة بالصدأ، ونوافذه مكسورة.
عندما دخلت، أشعرني المكان بروح ثقيلة وكأن ما كنت أفعله كان مراقبًا. فجأة، سمعت الأصوات، همسات غريبة وضحكات خافتة تصدر من الطابق العلوي. القلب ينبض سريعًا، لكني قررت الاستمرار.
مع استمرار استكشافي، بدأت الأصوات تتغير. تحولت الهمسات إلى صرخات متقطعة وأصوات أقدام تتردد في الممرات، رغم أنني كنت وحيدًا. شعرت بشيء يقترب مني، كأن الهواء حولي أصبح أثقل، وبدأ قلبي ينبض بعنف.
اقتربت من نافذة محطمة في الطابق العلوي ونظرت إلى الخارج. كان الضباب قد غطى المكان بالكامل، ولم أعد أرى سوى ظلال غامضة تتحرك بين الأشجار. شعرت بأنني محاصر، وكأن هناك أعينًا تراقبني من كل زاوية.
حين قررت العودة إلى الطابق السفلي، لاحظت شيئًا غريبًا على الجدران. كانت هناك كتابات محفورة بشكل عشوائي بلغات غير معروفة، وبعضها كان أشبه بنقوش قديمة. حاولت تلمس الكتابات بيدي، وفجأة، شعرت ببرودة شديدة تسري في جسدي.
الظهور الأول
في اللحظة التي حاولت فيها النزول إلى الطابق السفلي، رأيت ظلاً يتحرك بسرعة عبر السلم. كان طويلاً وغير واضح المعالم، لكن صوته كان أشبه بهمهمة غريبة. بدأت قدماي ترتجفان، ولكنني جمعت شجاعتي وتبعت الظل، رغم كل التحذيرات العقلية التي كانت تخبرني بالتوقف.
حين وصلت إلى المطبخ في الطابق السفلي، وجدت أن الطاولة التي كانت فارغة في البداية أصبحت مملوءة بأشياء غريبة: دمى خشبية محطمة، أوراق صفراء قديمة مكتوبة بدماء جافة، ومرآة صغيرة مكسورة تعكس صورًا مشوهة.
التصعيد
بمجرد أن لمست المرآة، شعرت بشيء يمسك بيدي بقوة. لم يكن هناك أحد، لكن قبضته كانت قوية وكأنها تريد أن تسحبني إلى مكان ما. بدأت أصرخ، ولكن لم يكن هناك من يسمعني.
فجأة، انطفأت المصابيح التي جلبتها معي، ووجدت نفسي في ظلام دامس. كل ما كنت أسمعه هو صوت أنفاسي المتسارعة وصدى خطوات غامضة تقترب مني ببطء. بدأت أبحث عن مخرج، ولكنني كنت أشعر وكأن المنزل قد تحول إلى متاهة لا نهاية لها.
اكتشاف الحقيقة
بعد محاولات يائسة للهروب، وصلت إلى غرفة في الطابق السفلي لم ألاحظها من قبل. كانت الغرفة مليئة بالصور القديمة لأشخاص لا أعرفهم، لكن ملامحهم كانت مشوهة ومخيفة. في زاوية الغرفة، كانت هناك خزانة صغيرة. حين فتحتها، وجدت صندوقًا معدنيًا مغلقًا بقفل صدئ.
قررت فتح الصندوق باستخدام حجر وجدته على الأرض. عندما فتحته، وجدت داخله رسالة قديمة مكتوبة بخط يدٍ مهتز. كانت الرسالة تتحدث عن عائلة كانت تعيش في المنزل قبل عقود، وأن شيئًا شريرًا حدث لهم، ولم يبقَ منهم أحد. كانوا يحذرون أي شخص يجرؤ على دخول المنزل من مصير مشابه.
المواجهة الأخيرة
في اللحظة التي أنهيت فيها قراءة الرسالة، سمعت صوتًا عاليًا يهز المنزل بأكمله. بدأت الجدران تتصدع، والأرض تهتز تحت قدمي. شعرت بأن شيئًا ما يتحرك في الظلام، وبدأت أرى أشكالًا غريبة تخرج من الشقوق. كان يبدو وكأن المنزل يحاول أن يبتلعني.
ركضت بأقصى سرعة نحو الباب الأمامي، ولكن الباب كان مغلقًا بقوة، وكأنه لن يسمح لي بالخروج. صرخت بكل طاقتي، وبدأت أضرب الباب حتى شعرت بأنني سأفقد الوعي.
النهاية المفتوحة
في اللحظة الأخيرة، انفتح الباب فجأة، وألقيت بنفسي خارج المنزل. عندما استدرت لأرى ما حدث، كان المنزل يختفي ببطء في الظلام، وكأن شيئًا ما قد ابتلعه بالكامل. وقفت هناك مذهولاً، وأنا أحاول استيعاب ما حدث.
لم أجرؤ على العودة إلى ذلك المكان مرة أخرى. أصبحت الليلة تلك كابوسًا يلاحقني في كل مرة أغمض فيها عيني. ورغم أنني هربت جسديًا، أشعر أنني تركت جزءًا من روحي داخل ذلك المنزل الذي لن ينام فيه أحد.