القصة التي لم تُحكى و كل شخص بداخله رواية

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولبالداخل في قلب كل إنسان هناك قصة لم تُحكى بعد قصة تهمس في أعماقه تسكنه دون أن تُرى.
ليست مجرد أحداث عابرة أو مواقف عادية بل هي تراكم مشاعر لم تُفصح عنها الكلمات بعد وانكسارات لا يراها أحد وأحلام وُئدت في صمتٍ قاتل.
نحن نعيش في عالمٍ يعجّ بالضجيج نضحك ونتحدث ونعمل وكأننا نسير على مسار ثابت من الفرح.
لكن ما لا يدركه أحد أن خلف الابتسامات التي نوزعها على الآخرين هناك عالمٌ آخر عالم صامت ومعزول مليء بالذكريات الثقيلة.
خلف تلك الأبواب المغلقة خلف العيون التي تلمع بسرعة لتخفي دمعتها و خلف الأصوات التي ترتجف في كثير من الأحيان بلا سبب.
هو ما تعيشه في عالمك الذي لا يعلم عنه أحد
كم مرة شعرت أن روحك على وشك أن تنفجر من الداخل لكنك تراجعت وتخفيت خلف صمتك و لا تريد أن يسمعوك؟
كم مرة جلست وحيداً في هدوء بينما كان في داخلك نار تلتهم كل شيء؟
أو تلك اللحظات التي تدرك فيها بمرارة أنهم لا يفهمون ما تشعر به مهما حاولت الشرح لهذا السبب تكتفي بالسكوت عنه.
لأن الحروف تخذلك في كل مرة لأن مشاعرك هي أكبر من أن تُترجم إلى كلمات .
و داخل كل منا عالم مليء بالتساؤلات التي لن نجد لها جواباً وكلما حاولنا فهم العالم حولنا تنهدر أسئلة أكثر كنوع من إثبات وجودها لتبدأ:
لماذا خذلتني الحياة؟
لماذا لا يفهمني أحد؟
لماذا أشعر بالوحدة وأنا بين الناس؟
أسئلة تتردد في كل يوم دون أن نجد لها إجابة لتبقى حبيسة في أعماقنا لأنها لا تجد من يقدرها نخاف أن نُعتبر ضعفاء، أو أن نُتهم بالمبالغة.
•رواية حزنك الصامتة
قد لا تكون القصة التي بداخلك مليئة بالمآسي فقط و من المؤكد أنها تحمل في طياتها حزناً عميقاً و خيبةً لا يعرف سببها أحد غيرك.
و حتى أنت قد لا تعرف سببه لأنه شعور ثقيل يسكن صدرك ليجعل تنفسك أحياناً عسيراً.
ليرافقك حتى في أسعد لحظاتك ليهمس لك دائما أنك لا تستحق.
هناك لحظات قد تجتاحك فيها الذكريات فجأة دون أي مقدمات.
و قد يكون السبب مواقف عابرة أو مشاعر لصور نسيتها تذكرك بآلام قديمة وردات فعل مكبوتة أو خذلان عشته عندما حاولت خوض علاقة جديدة أو بلحظةٍ أدركتَ فيها ضعفك الداخلي.
عندها تختار أن تخفي كل ذلك لأنك تعلم أن الآخرين قد لا يفهموك و حتى لو حاولت الشرح ستجد أن كلماتك لن تستطيع أن تترجم هذه المشاعر .
لماذا قد نخفي مشاعرنا؟
اعتدنا أن نكون الأقوياء في عيون الآخرين حتى في أكثر لحظات الضعف .
اعتدنا أن نقول "إننا بخير"، بينما نحن أبعد ما يكون عن سلامنا الداخلي
لنخفي مشاعرنا خوفاً من أن نُعتبر عبئاً على من حولنا أو من أن يُكشف السبب الذي أوصلنا إلى هذه الحالة لأننا نخشى أن نكون عرضة للشفقة.
لكن الحقيقة هي أنه يرهقنا هذا السكوت أكثر في ساعات وحدتنا لأن المشاعر المكبوتة لا تختفي أبدا بل تتحول إلى ألم مزمن ينهش أرواحنا ببطء.
لنعيش و نحن مجرد أرقام في هذه الحياة نكرر نفس الروتين كل يوم حتى نصل إلى الفراش حاملين في قلوبنا جبالاً من ذكرياتنا التي لا يعلم عنها أحد.
•رسالة إلى كل من حاول أن يخفي روايته
من يشعر بأن هناك كلماتٍ عالقة في صدره و إلى من حمل مشاعر لم يستطع أبداً أن يعبر عنها خوفاً من أن يُرفض أو يُسخر منه:
أنت لست وحدك لست الوحيد الذي يشعر بهذه الآلام الداخلية ولا الوحيد الذي يعيش هذه العزلة و الصراعات النفسية.
لا تخف احتضن تلك النفس المتعبة داخلك حتى لو كنت هو أنت هذا لأنه حقٌ عليك فلا هو عار أن تكون ضعيفاً ولا بسوء إن شعرت أنت إنسان في نهاية الأمر.
تذكر دائماً أنك لست المذنب أنت لم تكن مخطئاً في يوم قدمت مشاعرك لشخص خذلها.
ولا في وقتٍ أعطيتَ كل حُبك لمن لا يفهمه حتى لو كانت الطريقة التي تحب بها خاطئة.
أو من وعدك بأفق واسع ثم رحل تاركاً إياك تتساءل إن كنت تستحق هذا العناء لأنه لم يتستطع تقبلك .
عش حياتك كما هي فقط و أعلم أنك ستجد يوماً ما من يُكمل قلبك ولا يتخلى عنك ليكون عوضاً يشعرك أنك لست وحيداً.
ربما لن تبوح له بكل ما في داخلك لأنك تعتقد أنه لن يشعر بما تشعر به.
لا تقلق عندما تلتقي من يُحبكَ بدون شروط و كما أنت سيتقبل كل عيوبك و كل ما مررت به قبل لقاءه فلا داعي للبوح بشيء.
و تأكد تماما حتى لو خانتك كل التعابير و الجميع فإن الله وحده يعلم مافيك و لن يتخلى عنك أبداً.
وحده من يعرف دموعك و يعلم حزنك الذي لم تُخبر عنه أحد.
تذكر دائماً:
"قد يسوق الله إليك قدراً يبكيك ساعة لئلا تبكي بعده دهراً، وقد يتركك للأيام تأكل جدران قلبك يأسا دون إجابة، لأنه يعلم مدى حلاوة الجبر بعد الصبر لتنال أجر الصبر و حلاوة الجبر" كن مؤمناً فقط.
•كيف لك أن تروي روايتك؟
كل دعاء ترفعه إلى الله في الليالي التي لا يعلم بها سواه جوابه على دعائك يكون رسائل لم تصل لك بعد أو لوحة مليئة بالمشاعر لم تنتهي بعد.
لا تخف من مواجهة مشاعرك دع الحزن يقودك حيث نهايته و لا تسمح له أن يستهلك طاقتك كُلِها.
احتضن نفسك و ابكِ عندما تحتاج لذلك أنت إنسان .
•العالم لا يعلم لكن الله وحده يعلم.
نحن نعيش في عالمٍ لا يهتم كثيراً بما نشعر لأن كل شخص بداخله عالم خاص قد لا يتسع لأحد غيره.
و نعيش في عالمٍ يطالبنا دائماً أن نكون أقوياء و أن نخفي أحزاننا كأنها جريمة.
لكن الحقيقة هي أن الحزن جزء منا لأننا بشر. ومن الطبيعي الشعور به.
روايتك التي لم تُحكى هي جزءٌ منك و هي تجاربكَ و أحزانك وهي مشاعرك.
لا يجب أن تحدد لكَ من تكون اسمح لنفسك أن تخوض الرحلة بكل ما فيها احزن و عشْ كلَ لحظةٍ فيها لتتعلم ترتب هذه الفوضى بداخلك.
لا أحد سيرى داخلك إن لم تعبر عنه لأن اللغة التي تميزنا نحن البشر هي التواصل لذا حاول.
وإن كنت لا تستطيع البوح تذكر أنك لست وحدك و هذا يكفي٫ لا تخجل من نفسك بل قدم لها الحب.
لأنها قصتك حتى لو كانت خالية من لإنجازات تذكر أنها مليئة بحقائقٍ عظيمة لأنك أنت من عِشتَ كُل أحداثِها و تجاوزتَ شعوركَ وكنت حقيقياً و صادقاً بكل شيء فيها.
هذا وحده كافٍ لتتحول قصتك إلى رواية تُروى و حياتك هي مسؤوليتكَ و أن تعيش فيها السعادة هي غايتك.


Modar Agha
كاتب مقالات و قصص إبداعيةأهدف دائمًا إلى تقديم محتوى يثري القراء ويحفزهم على التفكير . متخصص في كتابة المقالات والقصص ٫ أكتب باسلوب يجمع بين الإبداع والتحليل محاولاً تغطية مجموعة متنوعة من المواضيع وتحويل أفكارها إلى محتوى سهل الفهم مع الحفاظ على الدقة في المعلومات
تصفح صفحة الكاتب