
الفراشة الصغيرة و الوردة الزرقاء
كانت هناك، في حديقةٍ واسعةٍ تزخر بالأزهار الملونة، فراشةٌ صغيرةٌ اسمها "ليلي". كانت ليلي فراشةً مرحةً ومحبةً للحياة، تقضي أيامها تنتقل بين الزهور، ترقص على أنغام النسيم العليل، وتمتص رحيق الأزهار اللذيذ. لكن كان لديها سرٌ صغير: كانت تحب وردةً معينةً أكثر من أي وردةٍ أخرى في الحديقة. كانت هذه الوردة ذات لونٍ أزرقَ سماويٍّ جميل، وكانت تبدو وكأنها تبتسم دائمًا لليلي.في إحدى الليالي، بينما كانت ليلي تستعد للنوم على ورقةٍ خضراء، لاحظت شيئًا غريبًا. الوردة الزرقاء الجميلة كانت تبدو ذابلةً وحزينةً. أوراقها متدلية، وألوانها باهتة. شعرت ليلي بالقلق الشديد. "ماذا حدث لصديقتي الوردة؟" تساءلت.في الصباح التالي، عندما استيقظت ليلي، وجدت الوردة الزرقاء لا تزال حزينة. حاولت أن تهبط على بتلاتها، لكن الوردة لم تفتح بتلاتها كعادتها. اقتربت ليلي أكثر، وسمعت صوتًا خافتًا، وكأن الوردة تتأوه في نومٍ عميق. "إنها نائمةٌ نومًا عميقًا!" أدركت ليلي. "لكن لماذا؟"سألت ليلي النحلة العجوز الحكيمة التي كانت تجمع الرحيق من الزهور المجاورة. قالت النحلة: "يا ليلي الصغيرة، هذه الوردة هي الوردة السحرية للحديقة. عندما تكون حزينةً جدًا، تغرق في نومٍ عميقٍ وتحتاج إلى شيءٍ خاصٍ لإيقاظها.""ما هو هذا الشيء الخاص؟" سألت ليلي بلهفة.أجابت النحلة: "تحتاج إلى ثلاث قطراتٍ من ندى الفجر الساحر، ولمسةٍ من أغنيةٍ هادئةٍ، وقبلةٍ من قلبٍ محبٍّ."قررت ليلي أن تبذل قصارى جهدها لإيقاظ صديقتها الوردة. في الفجر الباكر، قبل أن تشرق الشمس تمامًا، طارت ليلي بخفةٍ بين أوراق الشجر، بحثًا عن ندى الفجر الساحر. كانت قطرات الندى تتلألأ كاللؤلؤ على الأوراق، وكانت ليلي تعرف أنها تحتاج إلى القطرات الأكثر بريقًا. جمعت ثلاث قطراتٍ صغيرةٍ بعنايةٍ فائقةٍ، ووضعتها بلطفٍ على بتلات الوردة الزرقاء النائمة.الخطوة التالية كانت الأغنية الهادئة. تذكرت ليلي الأغاني التي كانت تغنيها لها أمها الفراشة عندما كانت صغيرة. بدأت تغني بصوتٍ خافتٍ وجميل، أغنيةً عن جمال الصداقة، عن شروق الشمس، وعن ألوان الزهور. كانت تغني وقلبها مليءٌ بالأمل، وكانت ترى أن الوردة تتأثر قليلًا، أوراقها تتحرك بهدوء.أما الخطوة الأخيرة، فكانت قبلةً من قلبٍ محبٍّ. اقتربت ليلي من الوردة، وشعرت بكل الحب الذي تكنه لها. قبلت بلطفٍ أحد بتلات الوردة، وبمجرد أن لامست شفتاها البتلة، حدث شيءٌ رائع.بدأت الوردة الزرقاء في التفتح ببطءٍ شديد. عادت الألوان الزاهية إلى بتلاتها، وارتفعت أوراقها مرةً أخرى، وبدأت تنشر عبيرًا رائعًا في الهواء. فتحت الوردة عينيها، ورأت ليلي واقفةً بجانبها، عينيها تلمعان بالسعادة."لقد أيقظتيني يا ليلي!" قالت الوردة بصوتٍ ناعمٍ ورقيق.احتضنت ليلي الوردة بسعادةٍ بالغة. "كنت قلقةً عليكِ جدًا يا صديقتي!"تعلّمت ليلي في ذلك اليوم أن قوة الحب والصداقة يمكن أن تصنع المعجزات. وأن رعاية من نحب يمكن أن تضيء حتى أحلك الأوقات. ومنذ ذلك الحين، أصبحت ليلي والوردة الزرقاء صديقتين لا تفترقان أبدًا. كانت ليلي تزور الوردة كل يوم، وتغني لها أغاني جميلة، وتتأكد من أنها سعيدةٌ وفي الليالي الصافية، بينما تنام الكائنات الصغيرة في الحديقة، كانت الوردة الزرقاء تتلألأ بشكلٍ خاصٍ تحت ضوء القمر، وكأنها تروي قصة الفراشة الصغيرة التي أيقظتها بقلبها المحبّ.أتمنى أن تكون هذه القصة قد أعجبتك.
Manal Lali
Liloانا كاتبة تتألق كلماتها بقدر طموحها. بقلب يفيض بالقصص وعقل ينسج الروايات باستمرار، تتعامل منال مع فنها بشغف لا ينضب. كل جملة تكتبها مشبعة برغبة في الاستكشاف، الفهم، والتواصل. مدفوعة بسعي دؤوب نحو التميز الأدبي، هي ليست مجرد كاتبة، بل راوية ذات رؤية، تسعى باستمرار لصقل مهاراتها وترك بصمة لا تُمحى في عالم الأدب.