الدلالات الفكرية والمعنى وراء صورة المرأة المعاصرة

ليلى  جامع
كاتبة وباحثة صومالية
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

عند ذكر مصطلح المرأة المعاصرة سرعان ما يأخذنا خيالنا لتصور المرأة المتحررة التي تعيش حياتها بلا قيود، المستقلة التي لا تحتاج إلى رجل في حياتها، لا تحكمها العادات والتقاليد المجتمعية وكذلك الدين، يعدها الكثير من الأشخاص ضمن المجتمع أنها انقادت نحو وهم التحرر الذي يخلو من القيم المقدسة للمجتمع وكذلك الواقع الذي تعيشه الكثير من النساء حول العالم والذي صار عرفًا روتينيًّا مستمرًّا دون أي اعتراض أو حتى التجرؤ على تغييره بحيث يتفادى الأفراد في المجتمعات المتحفظة المرأة المعاصرة، ويحاول بكل جهد طمس هذه الصورة ويبدي عدم الرغبة في مثل هذا الوجود في المجتمع، وذلك محاولة منه حسب اعتقاده في حماية الأسرة والمجتمع من التفكك وإحداث خلل فيه،

في الحقيقة كوني امرأة مسلمة لأصنف نفسي ضمن فئة النساء المعاصرات في الزمن المعاصر أو ضمن فئة النساء التقليديات ذوات الجيل القديم أو كما يسمى الآن جيل الطيبين، يجب أن أنظر إلى الأسس التي تم من خلالها اعتماد هذا التبويب أو الأسباب العديدة مثل التربية ومكان النشأة، المجتمع، العادات والتقاليد، تجارب الحياة وغيرها التي أدت لهذا التقدير؛ ولكن هذا الموضوع رغم أهميته ليس ما أود مناقشته في هذا المقال بل ما أرغب في تسليط الضوء عليه هو الدلالات الفكرية والمعنى وراء صورة المرأة المعاصرة وكيف يمكن تغيير هذا الفكر نحو الإيجابية في المجتمع.

من هي المرأة المعاصرة؟

حسب وجهة نظري، المرأة المعاصرة هي كل امرأة تعيش في هذا الزمن المعاصر وتكيفت مع تغيراته المستمرة وتأقلمت معه بما يتناسب مع ثقافتها، دينها، عاداتها وتقاليدها، مجتمعها وكونت طرازها المعاصر الخاص، وهي كذلك من استطاعت بوعيها، فكرها وشخصيتها تحقيق توافق بين الأعراف القديمة التقليدية والجديدة المعاصرة ودمجها بطريقة مميزة تعبر عن كينونتها كامرأة، التعديل وربما التغيير أيضًا من واقعها وتطويره للأفضل، وكذلك بذل جهد للتغيير من ذاتها سواء نفسيًّا أو جسديًّا، والتغلب على تحديات وعقبات هذا الزمن المعاصر وخصوصًا تلك المجافية للثقافة والدين.

المرأة المعاصرة في المجتمع:

هناك عدة دلالات فكرية سائدة في المجتمع

ربط بين المرأة المعاصرة وحقوق المرأة المشروعة الطبيعة، بحيث إن المرأة التي تحصل على فرص عديدة كالتعليم، العمل، الصحة، التعبير عن الرأي، الاستقلالية وغيرها تعد امرأة معاصرة أو على الأقل أكثر قابلية لتعد ضمن هذه الفئة

دلالة فكرية عامة ومغلوطة ذكرتها في مقدمة المقال التي توجه آراء المجتمع ونظرته لأول وهلة نحو مفهوم المرأة المعاصرة الذي ينساق نحو تشويه وانحراف صورة المرأة المعاصرة ضمن المجتمع

التحضر الثقافي والاجتماعي دلالة ضمنية وفكرية للمرأة المعاصرة

تحرر المرأة من الأفكار النمطية وتوليد أخرى جديدة، والقدرة على التفكير النقدي والتعبير عن قناعات وآراء في المجالات المتنوعة وخصوصًا التي تقل فيه مشاركة المرأة كالسياسية، العلوم، التكنولوجيا، الفلسفة، الرياضيات، الهندسة وغيرها من أهم السمات التي تعد فاصلًا بينها وبين المرأة التقليدية وكذلك التي لا يتقبلها المجتمع في كثير من الأحيان ويتخذ معنى آخر له كمحاولة من المرأة المعاصرة الهيمنة على مجال احتكره الرجال لفترة طويلة وكانت مساهمة المرأة فيه محدودة

عمل المرأة المعاصرة وامتهانها في بعض المهن التي يتوجب بها الاختلاط، وكذلك بها نوع من الخطورة، كالعمل في قيادة السيارات، المطاعم، النوادي الرياضية وغيرها التي لا تتناسب مع المجتمع المتحفظ بطبعه، وذلك لتغيرات المعاصرة وكذلك تغير الأفكار النمطية واختلاف نمط الحياة المعاصر، رغم أهمية عنصر الأمان، إلا أن مشاركة المرأة في هذه الوظائف لا يعني بالتحديد افتقارها للأمان، وكأن هذا المعنى يشكل حاجزًا لقدرات يمكن للمرأة المشاركة فيه بما لا يتخالف مع إمكانياتها حسب ظروف العمل

المعنى وراء صورة المرأة المعاصرة ودلالاتها الفكرية العديدة في المجتمع لا يغير من حقيقة أن المرأة المعاصرة وبأفكارها المعاصرة وعدم وجود إمكانية ووسائل بناءة للنقاش بما يتناسب مع المجتمع ودعوته لتبني طرق وأساليب أكثر تطورًا وتغير أو تعديل بعض الأفكار والعادات غير منطقية بما لا يتجاوز ويخالف المعتقد الديني الإسلامي الذي هو في الأساس يدعو إلى التفكر، والتأمل والبحث وسن أحكام أكثر تقبلًا وتسامحًا مع الأفكار والتصورات الذهنية المختلفة والجديدة بما يتوافق مع العقل البشري وشروعه المعتدلة، ولذلك لا يمكن اتخاذ الدين حجة أو وسيلة للحد من مفهوم المرأة المعاصرة حسب قناعاتي المرأة المعاصرة تواجه تحديات أكثر في هذا الوقت الراهن نظرًا إلى كثرة المسؤوليات التي على عاتقها وخصوصًا إذا كانت تسكن في وسط مجتمع ذي نطاق فكري ضيق ومقتنع بأنها بعيدة كليًّا عن الواقع الذي يعيشه المجتمع أو نساء المجتمع، لذلك لا بد أن كثيرًا من النساء المعاصرين يشعرون بعدم الانتماء لمجتمعاتهم التي حصرتهم في دائرة مغلقة؛ لذلك امتلك البعض منهم الشجاعة للرحيل والانتقال لمكان أو مجتمع آخر يتناسب مع أسلوب حياتها وفكرها وأكثر فهمًا وتقبلًا للآخر وربما أكثر استيعابًا وإدراكًا لمفهوم المرأة المعاصرة، وخلو هذا المصطلح ضمنه من الأحكام والمعايير التي تحددها المجتمعات الأخرى،هناك بعض المجتمعات المتحفظة التي تقدر دور المرأة المعاصرة وتحتل فيه النساء صورة جليلة، ويتم تقديرها فيه بجدارة ولكنها قليلة بالنسبة للأغلبية التي يسود فيها الكثير من المعاني والدلالات الفكرية المصاحبة لصورة المرأة المعاصرة والفكرة العامة القائمة حولها.

هل يعارض المجتمع المرأة المعاصرة؟

يعتمد ذلك على حسب مفهوم المرأة المعاصرة المتداول فيه وكيف يتناسب مع محدداته وربما لصورة المرأة المعاصرة الرائجة والعامة التي تقدمها ضمن هذا المجتمع تأثير في اتخاذ المجتمع مواقف تشجيعية تعزز من كفاءتها، أم يحاول بشتى الطرق ردعها وتثبيطها.

كيف يمكن تحويل الأفكار السلبية إلى إيجابية؟

تحويل الأفكار السلبية المتراكمة منذ زمن طويل عملية معقدة وصعبة، ولكن تدريجيًّا بتوعية وتثقيف المجتمعات والقيام بمجموعات لتواصل اجتماعي بناء وخوض محادثات فعالة لتمكين المرأة وإلقاء الضوء على المفاهيم المغلوطة أو التي تتخذ صورة وملامح فكرية ورموزًا لا تعبر عن الواقع ولا تمثلها وخصوصًا تلك الرائجة في هذا الوقت المعاصر.

في الختام، لا يمكننا إهمال ودحض صورة المرأة التقليدية في هذا الزمن المعاصر وما واجهته من عقبات، وكذلك ما تبذله من جهد وعطاء وتضحيات عديدة في سبيل الارتقاء بأسرتها ومجتمعها، وكذلك سعي الكثير مقارنتها أو وصفها بعدم التحلي بمستوى يرقى للمرأة المعاصرة حسب المقاييس التي ربما تكون غير عادلة بحق هذه المرأة العظيمة، التي لم تسمح لها الفرص والظروف بمواكبة هذا الوقت الراهن، وكذلك رغبة العديد من النساء التقليديات رغم توفر الفرص في التمسك بالأفكار النمطية التي تقلص من دورها وإمكانياتها

حفاظًا على الدلالة والصورة السائدة وعدم الخروج من النطاق المحدد من قبل المجتمع الذي لا يتقبل كل ما هو جديد ويتسابق أفراده في إصدار الأحكام عليها.

المرأة المعاصرة هي امرأة حرة قوية معنويًّا ونفسيًّا، قررت التغيير من ذاتها أولًا ثم التأثير بإيجابية في المجتمعات وتقديم الوعي، والإرشاد للنساء والعمل على تحسين صورة المرأة، وكذلك نشر وزيادة التوعية بقضايا المرأة بهدف إيصال رسالة كل امرأة للعالم الذي ازداد اهتمامه مؤخرًا نحو قضايا المرأة وأوضح تضامنه مع النساء.

المرأة المعاصرة هي امرأة حرة قوية معنويًّا و نفسيًّاالمرأة المعاصرة هي امرأة حرة قوية معنويًّا و نفسيًّا
ليلى  جامع

ليلى جامع

كاتبة وباحثة صومالية

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ