استيقظ من وهم الاستهلاك المفرط وابدأ حياتك من مبدأ " البساطة"
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخوللقد شاهدت في إحدى الأيام برنامج وثائقي، يتناول موضوع "الحياة البسيطة"، فتأثرت به أشد التأثر، لدرجة أني أعددت مشاهدته أكثر من مرة، فكأني اكتشفت فيه صفة كثيرا ما أمنت بأنها سر السعادة والرضا في الحياة، وخاصة في زمننا هذا الذي يعيش فيه الإنسان المعاصر تحولا كبيرا في الاستهلاك الغير الواعي للأشياء والمنتوجات، فيقع الإنسان في فخ الاستهلاك ولا يحقق سعادة أكبر، والسؤال المحير هو كالتالي:
-كيف يمكننا تفسير ظاهرة استهلاكنا المفرط للأشياء دون تحقيق السعادة والرضا؟

يتناول محتوى البرنامج الوثائقي قصة رجل أحس بأن هناك شيء غير طبيعي في حياته، رغم امتلاكه لكل ما يمكن أن يحتاجه الإنسان من إمكانيات ليعيش.وعيشه بالمدينة و صخبها جعله يعيد النظر في سلامه الداخلي ومسافه بعده عنه، وتمنى أن يعيش حياة سعيدة وهادئة وباعثة على الطمأنينة، ويبدو جليا انه يريد المزيد من الرضا.فبدأ رحلته الاستكشافية بالبحث عن أشخاص يعيشون بالقرى بعيدا عن صخب المدينة، وقام بلقاء خاص معهم وهو يحاول اكتشاف درجة رضاهم، واكتشاف أسلوب الحياة التي يعيشونها فحدثوه عن أنهم تركوا المدينة وعملهم من أجل العيش في القرية فقاموا بزراعة الأرض وجعلها مصدر عيشهم.
أصبح الإنسان المعاصر يستهلك أكثر مما استهلكه القدماء في القرون السابقة، فمع التقدم الذي شهده العصر في مجالات مختلفة، وخاصة بالمجال الاقتصادي أصبح إنسان اليوم يستمتع بقضاء وقته، وصرف مكاسبه في التوجه للمحلات التجارية الكبرى، و يعمل على اقتناء المزيد من الأشياء التي لا يرغب في استعمالها، ويحاول أن يشبع جانب من جوانب نفسه التي ستطلب المزيد في كل وقت إذا لم يتم ترويضها وتعليمها الصبر على الشعور بالاكتفاء في وجود الضروريات، وسعادتنا اليوم مربوطة بما نمتلك، وبما نشتريه ونقوم باقتنائه، ومكانتنا الاجتماعية، ويقع الإنسان في فخ الاستهلاك، ويستهلك أكثر ولكنه لا يحظى بسعادة أكبر، وهذا شيء لابد من معرفة السبب من ورائه.
في الماضي كان الاستهلاك يعتمد بشكل كبير على الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والمأوى، والملابس. ومع مرور الوقت، تطور نمط الاستهلاك ليشمل سلعا وخدمات ترفيهية مثل التلفزيون والهواتف الذكية والسيارات، واليوم نجد أن الإنسان المعاصر يستهلك بطريقة مهولة ليس فقط السلع والخدمات الترفيهية، بل يتجاوز ذلك باقتنائه أشياء لا يستعملها، فهو يشتري لأجل الشراء، وتتحكم فيه الإشعارات والإعلانات التسويقية فيطلب المزيد طول حياته متناسيا أن قيمته في العيش ببساطة والاستثمار في تطوير إمكانياته الشخصية والعملية بهدف إضافة قيمة للعالم، بدلا من التواجد من أجل الاستهلاك بدون إنتاجات.

ليس ضروريا أن تشتري أغلب الأشياء لتبدو مهما، ولست ملزما أن تتحدث مع أناس لا تحبهم ليروك الآخرون أنك اجتماعي، وليس من الضروري أن تتفلسف في أشياء لا تعرفها ليراك الآخرون مثقفا، وليس ضروريا أن تشتري مثل صديقك ليراك مقتدرا، وليس من الضروري أن تعمل في عمل لا تحبه ليراك الآخرون ليقول الآخرون أنك تملك وظيفة، فالبساطة مغرية، فندرة الأشياء تجهلك تحارب من أجلها، والإفراط في الأشياء يفقدك معناها.

فلم تكن السعادة يوما مرتبطة بالأشياء عندما نذكر كلمة الاستهلاك تتسلسل القيم الإنسانية كلها في القائمة، بل إننا نستهلك كل شيء ، نستهلك الدنيا، نستهلك أيضا ما تنتجه المخلوقات الأخرى، ثم نبدأ باستهلاك قيمنا أيضا، لذلك يجب أن نخرج من لعب دور المستهلك، أي أننا لم نأت للحياة لكي نستهلك، فعندما ننتبه نرى أن كبرى نعم الحياة وأجمل ما فيها، تمنح لنا دون مقابل.
فجمال منظر الكون يقدم لنا في غلاف جوي متعدد الألوان بشكل مجاني، والإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يستطيع إدراك جماليات هذه الأرض وجماليات هذه الكائنات كلها، فلقد أرسل الإنسان إلى هذا العالم ببنية تمكنه من إدراك هذه الجماليات بدرجاتها المتنوعة، ونحن نهدر أعمارنا في هذه الدنيا، لاهثين وراء أمور أخرى، دون استخدام كل ما نمتلك من قدرات، والغنى الحقيقي هو في امتلاكك لعين ورؤية حقيقية عن العالم بحيث يسمح لك ذلك برؤية الجمال والعظمة في كل شيء.

ماهي بعض الخطوات التي تسهل العيش بمبدأ التبسيط في الحياة؟
لقد تبنت إحدى حركات التغيير سنة 1989 مفهوم " الحياة البسيطة"، مؤمنة بأهمية حركة التبسيط في جميع مجالات الحياة، فكانت من بين خطوات تحقيقها لهذا الهدف، جعل الكثير من أيام السنة بمثابة مناسبة للقيام بمجموعة من الممارسات العملية لتنزيل مبدأ " الحياة البسيطة " لأرض الواقع ومن بينها ما يلي:
-يوم للمشي بدون سيارة
-يوم للأكل البطيء
-يوم بدون تلفاز
-يوم بدون تسوق
-يوم بدون بطاقات الائتمان
من بين الخطوات الأخرى و التي ستساعدك على البدء في تنبي هذا الأسلوب ما يأتي:
1-التركيز على الاحتياجات الأساسية: من خلال التركيز على الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والماء والمأوى والملابس بدون إسراف.
2-تجنب التكلفة غير الضرورية: من خلال تجنبك لشراء سلع وخدمات غير ضرورية أو تناول طعام غير صحي.
3-الاستمتاع بالأنشطة البسيطة: فالأنشطة البسيطة مثل المشي أو القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى أنشطة لها تأثير رائع على حياتك.
4-الاستمتاع باللحظات: بدلا من أن يكون تركيزك منصبا على التركيز بالمستقبل والعيش بالماضي.
5-القضاء على ما لا تحتاجه: فلتكن لديك القوة النفسية لتتخلص من الأشياء التي توجد في دائرتك ولا تستخدمها ارميها في القمامة فهذا مبدأ أساسي لتوازن الحياة.

على الإنسان أن يقرر عيش غنى الحياة الحقيقية، والذي يكمن في البساطة في جميع الجوانب وأكثرها أهمية البساطة في الجانب الشخصي، بحيث تسمح لأصالتك وحقيقتك أن تتجلى في أبهى لوحة فنية مرسومة بألوان البساطة، بدون تصنع والبحث عن إرضاء الآخرين، فمن قلب البساطة يأتي الجمال، وتبقى البساطة هي سر السعادة.
KELTOUM AGOURRAME
كاتبةكلثوم اكرام أعمل كمختصة اجتماعية في مؤسسة تعليمية،وابلغ من العمر 27 سنة،ولدي ميل للكتابة اكتشفته منذ فترة ولابد أن يحمل هذا الميل الهام لمساعدة الناس للتغيير للأفضل. ان وجودنا تعبير عن روح تعرف ما فيها وما عليها،ومتى اكتشف الانسان سبب وجوده وهدفه في الحياة سمح له ذلك بعيش الحياة بأسلوب أكثر جودة وباحساس هائل.
تصفح صفحة الكاتب