ألكم على عكس الخلائق مذهب ؟
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولفي هذا العالم الذي يموج بالتقنيات وتكنولوجيات العصر الحديثة ، وفي هذا التطور المتسارع في كل المجالات ،تسعى الأمم في وضع موطئ قدم لها ، وتعمل جاهدة للولوج إلى آفاقه الرحبة وسبر أغواره بالعلم والمعرفة .
ومن الطبيعي جداً أن الإنسان -بفطرته الميالة إلى الاكتشاف والاستطلاع - ينزع إلى مواكبة العصر ومسايرة الواقع ، فهناك من يبحر ليغترف من بحر التقدم الزاخر ويواجه عبابها المتلاطم بشراع البحث والابتكار ،وهناك من يحجم عن خوض غمار التنافس والتحدي ليستجدي بما جادت به العقول وعصرته الأدمغة .
هذه الحضارة التي جعلت من العالم المترامي الأطراف قرية صغيرة ، لا تعترف بالحدود الجغرافية ولا بحواجز الاتصال،توفر لنا الكثير من المزايا وتجلب لنا العديد من الفوائد فاختزلت المسافات وقللت الجهد ووفرت الوقت ، وظهرت المواصلات السريعة والمعدات الطبية المتطورة ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والتي دخلت في كل بيت دون استئذانه ، وغيرها مما لم يكن مألوفا أو معروفاً في السابق .
في ظل هذه التطورات المتعاقبة والمتلاحقة، وما يصاحبها من تسابق محموم- سواءً على مستوى المؤسسات أو على مستوى الأفراد - لإنتاج شيء مفيد تنتفع به البشرية بشتى أطيافها ومعتقداتها، تطفو على السطح تساؤلات عديدة .
ما دورنا نحن تجاه هذه التطورات العصرية؟ وهل استفدنا مما وفرته لنا التكنولوجيا الحديثة؟ أم بقينا خارج الملعب واخترنا دور المتفرج الذي بح صوته في تعداد إنجازات غيره ؟
الأمم تتزاحم في ميادين الإنتاجية وإحداث التغيير في نمط الحياة ، فلماذا نحن نقبع في ذيل القافلة ولماذا ننأى عن الريادة ونسلم الراية ، قائلين "إنا ها هنا قاعدون " وفي هذا فليتنافس المتنافسون .
اقرأ ايضا
ولن نبتعد عن الحقيقة بشيء إذا قلنا أن دورنا أصبح مقصورا على المشاهدة دون المشاركة، وصرنا فقط مشدوهين أمام هذه المنجزات ، مقتنعين بفتات غيرنا ، و متعلقين بقشور العولمة ، نجيد ثقافة الاستهلاك والاستيراد ، ونتفنن في القيل والقال وقتل الوقت .
بعض مظاهر الشباب المنبهرين بالعولمة
الشباب هم الفئة المنتجة التي تعقد عليها الآمال والتي إذا انحرفت عن السكة تجرعت الأمة علقم التخلف ومرارة الهزيمة ، وإذا تحلت بالعزيمة والإرادة سادت الأمة وسامت .
فأين السمو والسيادة وهذه التصرفات والسلوكيات السلبية تصدر من شبابنا :
فتراهم يقبلون بنهم على وسائل التواصل الاجتماعي ليل نهار بهدف التسلية والترفيه، يستمعون أغاني صاخبة بمكبرات صوت كبيرة على متن توكتوك صغير (عربية صغيرة بثلاث عجلات) وبعدد يتجاوز طاقتها الاستيعابية.
نراهم يتباهون بملابس مرقعة مهترئة لا تكاد تشتريها أو بالأحرى تأخذها بالمجان .
نراهم يحاكون المشاهير في هيئاتهم الخاصة وبقصات شعر غريبة .
تراهم يرتشفون القهوة - التي انتشرت انتشار النار في الهشيم- من أمام المقاهي الشعبية في مختلف الأحياء ،ويقضونها أوقاتاً طويلة .
وهناك مجالس مخصصة لمضغ القات تعج بجحافل من الشباب الذين تأمل الأمة التقدم بسواعدها .
وهنا شاب في مقتبل العمر تحت بيت من الصفيح يشعل سيجارة يسخن باطنه كظاهره الملتهب من الحرارة المرتفعة والتي تلفح وجهه النحيل.
وتلك فتاة تتبجح بتلميع بشرتها الداكنة بمواد غير طبية .
همسة في آذان الشباب.
فهل هذا انفتاح أم انفلات وانسلاخ حتى من ثقافاتنا ؟ فهذه التصرفات وغيرها تجعلنا نقف على أعتاب التطورات التكنولوجية المتسارعة ونبقى في الشطآن قبل أن تركلنا التاريخ إلى زوايا النسيان .
أكم على عكس الخلائق مذهب ؟ مالكم كيف تحكمون ؟
لماذا لا نوظف الطاقات ونشحذ الهمم لمجاراة العالم المتقدم ، لماذا نرضى بالقعود وغيرنا صعد السماء ؟ إذا لم ننطلق من هذه النقطة ونقتحم أسوار المستقبل بسلاح العلم والمعرفة، فسنراوح مكاننا وسنتخلف عن الركب ، وعجلات الحضارة تدهسنا وتضرسنا الأمم ونوطأ بمنسم .
إنها عصر ريادة الفضاء لا مجال للخنوع والركون ،
فهبوا للعمل والتعلم النافع وانفضوا عن أنفسكم غبار الكسل والخمول .
وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .