لولاه ما عبر الجيش .. الحاج أحمد إدريس صاحب فكرة إستخدام اللغة النوبية كشفرة للجيش المصري

احمد عبد العليم الناظر

محامي بالنقض و مؤرخ

متابعة

النشأة

سنة ١٩٣٨ ولد البطل أحمد إدريس في قرية توماس و عافية بمركز نصر النوبة محافظة أسوانأقام مع أخيه في القاهرة ليحصل على الشهادة الإبتدائية الأزهرية سنة ١٩٥٢

التطوع بالجيش

سنة ١٩٥٤ تطوع للخدمة في القوات المسلحة و عمل في حرس الحدودسنة ١٩٥٧ تم نقله إلى سيناء و ظل بها حتى سنة ١٩٦٢

ما قبل النكسة

سنة ١٩٦٢ سافر إلى اليمن ليشارك في حرب اليمن و ظل فيها حتى نكسة يونيو ١٩٦٧

بعد النكسة

في يونيو ١٩٦٧ عادت القوات المصرية و عاد معها أحمد إدريس لقيادة حرس الحدود فتم ندبه للواء ١٥ مدرع بالفرقة السادسة المدرعة التابعة للجيش الثاني الميداني بمنطقة أبو صوير في الإسماعيليةعندما سلم نفسه لقيادة اللواء ١٥ قرر قائد اللواء العقيد عادل سوكة تعيينه سائقا لسيارة رئيس أركان اللواء ١٥ العقيد احمد تحسين شنن

فكرة الشفرة النوبية

في فبراير ١٩٧١ إستدعى اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني الميداني جميع قادة و رؤساء أركان الفرق و الألوية التابعة له و أبلغهم تكليف الرئيس محمد أنور السادات بدراسة عمل شفرات جديدة تكون صعبة على العدو لأن الإسرائيليين يتمكنون من فك جميع الشفرات مما يجعل جميع تحركات و أوامر الجيش مخترقةإستمر الإجتماع لوقت متأخر و لم يصلوا إلى نتيجة فأمرهم اللواء عبد المنعم خليل بالإنصراف و دراسة الأمر بشكل عاجل
ركب العقيد عادل سوكة و العقيد تحسين شنن مع الصول أحمد إدريس و هما حائران و تكلما معا بضيق عن كيفية حل هذه المشكلة لكنهما فوجئا أن أحمد إدريس يضحك متعجبا فسأله العقيد تحسين شنن : بتضحك على إيه يا إدريس
قال الصول أحمد إدريس : انتم مصعبينها ليه كده ما تتكلموا نوبي
قال العقيد عادل سوكة : نتكلم نوبي ازاي
قال إدريس : اللغة النوبية مش مكتوبة و مالهاش حروف ممكن تقعد على اللاسلكي اللي يرسل نوبي و اللي يستقبل نوبي و نتكلم براحتنا مفيش حد هايفهم حاجة
فتح العقيد عادل سوكة باب السيارة و نزل في صمت و عاد إلى مكتب اللواء عبد المنعم خليل
بعد دقائق جاء أحد الجنود ليستدعي العقيد تحسين شنن و الشاويش أحمد إدريس
أمام اللواء عبد المنعم خليل طلب العقيد عادل سوكة من الشاويش أحمد إدريس شرح فكرته للسيد اللواء قائد الجيش
شرح أحمد إدريس الفكرة كما شرحها لقادته في السيارة ثم أمرهم اللواء عبد المنعم خليل بالإنصراف

لقاء الرئيس السادات

بعدها بأيام فوجئ بإستدعائه لمكتب قائد الجيش فأمره قائد الجيش بتوصيل أربعة ضباط إلى أي مكان يريدونه في القاهرةبمجرد وصولهم إلى القاهرة طلبوا منه التوجه إلى قصر القبة
في قصر القبة أخبرهم سكرتارية الرئيس أن الرئيس في بيته بالجيزة فأمروا الصول أحمد إدريس بترك سيارته و الذهاب معهم فذهب معهم و هو متوتر ليجد نفسه أمام رئيس الجمهورية
يقول الصول أحمد إدريس : حين دخل الرئيس السادات المكتب ارتجفت فإقترب مني ووضع يده على كتفي وقال مبتسمًا : فكرتك ممتازة لكن إزاي ننفذها ؟
فأجابه إدريس : نحتاج إلى مجندين من النوبة القديمة يتحدثون اللغة الأصيلة غير الممزوجة بالعربية
تخيل الرئيس السادات شكل الأسرائيليين و هم يستمعون إلى اللغة النوبية فانفجر في ضحك هستيري
فوقف أحمد إدريس قائلا : هل أنا غلطت في حاجة يافندم
قال الرئيس لا دي حاجة في نفس يعقوبثم قال الرئيس : الموضوع ده سري مفيش حد يعرفه غير انت و خمسة من كبار القادة انا واحد منهم فلو الخبر ده إتسرب يبقى مفيش غيرك اللي سربه و هاعدمك
بعد اللقاء احتضن الرئيس السادات الصول أحمد إدريس ثم وضع ظرفا به مبلغ مالي كبير و شكره على الفكرة

مشاركته في تطبيق الفكرة

بعد أيام من عودة الصول أحمد إدريس تم إستدعائه لمكتب قائد الجيش الثاني ليجد سبعة آخرين من زملائه النوبيين المنتدبين من حرس الحدود إلى الجيش الثاني الميداني و دخلوا معا إلى اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش ليخبرهم أنه صدر قرار بإنهاء إنتدابهم و عليهم تسليم أنفسهم في وزارة الدفاعفي وزارة الدفاع علموا أن الرئيس أصدر أوامره بإنتقاء ٣٤٤ صف ضابط نوبي من قوات حرس الحدود و تم تدريبهم على الشفرات و أجهزة الإشارة ثم تم توزيعهم على الوحدات العسكرية لتبادل الرسائل والإشارات المشفرة باللغة النوبية
بدأ تنفيذ الخطة عام ١٩٧١ واستمرت سرية اللغة النوبية في الاتصالات حتى نهاية حرب أكتوبر وظلت مستخدمة داخل بعض المراسلات العسكرية حتى عام ١٩٩٤

بعض المفردات النوبية المستخدمة في الشفرة

ومن أشهر المفردات التي استخدمت آنذاك كلمة أوشريا وتعني بالعربية إضرب و ساع آوي تعني الساعة الثانية وهما الكلمتان اللتان أعطتا إشارة بدء الهجوم المصري في معركة العبور و كلمة ألوم تعني التمساح وتشير إلى الدبابة و زندنابي تعني الناموسة و تشير إلى الطائرةاعتماد الجيش المصري على اللغة النوبية أوجد ارتباكًا هائلًا لدى مراكز التصنت الإسرائيلية لأنها لم تتعامل من قبل مع لغة لا مرجع لها فكان التواصل بين الوحدات المصرية آمنا تماما طوال فترات القتال

تكريم الرئيس السيسي له

في سنة ٢٠١٧ منح الرئيس عبد الفتاح السيسي وسام النجمة العسكرية للمساعد متقاعد أحمد محمد احمد إدريس تقديرا لأعماله و إعترافا بفضله خلال احتفالات الذكرى الرابعة و الأربعين لنصر أكتوبر بعد أن ظل اسمه مجهولًا لعقود طويلة

وفاته

و يأتي يوم ٢١ سبتمبر ٢٠٢١ ليتوفي إثنان من أبطال حرب أكتوبر النوبيين هما المشير محمد حسين طنطاوي بطل معركة المزرعة الصينية و الحاج أحمد إدريس مبتكر تغيير الشفرة إلى النوبية

المصادر

إعلام الحرب بين الحقيقة والتضليل .. حرب اكتوبر - سالي عاطف فتح الله - ص٢٣٤