قبل فوات الأوان

Razan ALShrideh

كاتبة ومفكرة

متابعة

كم أن السعادة شعورا جميلا ، شعورا ينعش القلب ، يريح النفس ، يتمنى كل منا أن لا يفارقه هذا الشعور ، لكن كم هو شعورا قاسيا عندما نتقمسه ونصطنعه ، نشفق على أنفسنا عندما يكون وراء هذا الوجه الضاحك وجها حزينا وقلبا منهارا .

تسرد قصصك الحزينه وأنت تضحك وبداخلك بركان، تتعالى ضحكاتك عمدا ، تتبلل عينيك بالدموع ، يتورد خدك من الضغط ، تبرد أطرافك ، يصيبك نوعا من هستيريا الضحك ، تشرب رشفة من الماء ، تبتسم ، تنظرلمن حولك ، ينقبض قلبك ، تنسحب وبداخلك صدمة من نفسك كيف وصلت لهذه الحال ؟

تطرق كل الأبواب محاولا تجاوز كل ما فيك ، صديق مقرب ، معرفة قديمة ، شخص ذا خبرة ، كتاب عن علم النفس لكاتب موثوق ، تسمع بودسكات مفيد لتتخذ منهجا جديدا لحياتك ، تقرر الكتابة بنية الأستشفاء ، لكن كل محاولاتك تبوء بالفشل يتسارع نبض قلبك ، تقهر وتمرض مرة بعد مرة وتصل لمرحلة اليأس من العالمين لتدركك رحمة الله ...

تنسى أن الباب الوحيد الذي يقبلك ويرحب بك مهما أبتعدت هو باب الله ، الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وتنسى أن الله أقرب أليك من حبل الوريد وأنه أرحم بنا من أنفسنا ، فمهما ضاقت الحياة بك تذكر أن ركن الله باق لا يزول ، وأن ما بعد العسر الا اليسر ، وان اختيارات الله لنا دوما أفضل من أختياراتنا لأنفسنا ، تنفطر قلوبنا عندما نظن أننا لوحدنا في هذا الكون ، يخيم الحزن قلوبنا ونتخبط في هذه الحياة المريرة ، فلا ندرك أن ركعتان في جوف الليل بالدنيا وما بها من ملذات ومغريات ، فكلما ضاقت عليك الحياة تذكر أن باب الله هو الباب الوحيد الذي ينتظرك ، فيصيبك نوعا من السكينة والراحة وتشعر بلطفه ورحمته ، فلن يتقبلك أحدا بحزنك ومشاكلك وعيوبك سوى الله ، فلا تيأس من رحمته .

فقبل فوات الأوان عليك أن تدرك الوجهه الصحيحه ، لطالما مرت سنوات وأنت في حيرة وألم وما بين ذنب وأستقامة ، والحزن قد ملأ قلبك وأضعفه فجعلك هشا قابل للأذى ، لا يوجد لديك مقاومة نفسية وروحية ، حصن نفسك بدرع قوي متين يحميك في وقت الشدائد والأزمات ، التجأ له فهو نعم الوكيل والصاحب ، لا تخبر صديقا ، ولا تتذمر مليا ولا تبكي يائسا من الدنيا ، ولا تحمل غيرك مسؤولية ما بك ، ولا تهرب من واقعك ، تحمل وحاول وجاهد واسعى في سبيل صنع الحياة التي تستحقها ، فأنت تستحق كل ماهو جميل واستعن بالله واجعل ظنك به الظن الجميل .