تُعَدّ مجموعتا إزنزارن و إكيدار من أبرز الوجوه الفنية التي ارتبط اسمها بنمط تازنزارت، هذا اللون الموسيقي الأمازيغي العريق الذي يجمع بين قوة الكلمة الشعرية وعمق الإيقاع وروح التراث السوسي. وعلى الرغم من تعدد الاجتهادات حول العلاقة بين المجموعتين، فإن العودة إلى تاريخيهما ومساراتهما الإبداعية تكشف أن الأمر ليس تقليداً كما يروّج البعض، بل هو تطويرٌ طبيعي واستمرارية لمدرسة واحدة تشترك فيها التجربة الشعرية والرمزية الموسيقية.
تازنزارت… مدرسة فنية متعددة الأصوات
يمثل نمط تازنزارت مجالاً خصباً للابتكار، لكنه يستمد روحه من جذور موحدة: آلة البانجو، السنتير، الطامطام والإيقاعات السوسية، والغناء الجماعي الذي يعطي للكلمة قوتها وللحن عمقه. من هذا المنطلق نشأت مجموعات مختلفة تشترك في الرؤية نفسها، لكنها تبتكر خصوصياتها. وإزنزارن وأكيدار مثالان بارزان على هذا التنوع داخل الوحدة.
لا تقليد… بل تطوير واستمرارية
من يتأمل التجربتين يدرك أن إكيدار ليست نسخة من إزنزارن، تماماً كما أن إزنزارن ليست الأصل الذي يتوقف عنده الزمن. كل مجموعة خاضت مساراً فنياً مستقلاً، غير أن استمرار الحمولة الشعرية واللحنية جعل الجمهور يظن أنهما يشبهان بعضهما البعض. والحقيقة أن هذا التشابه نابع من وحدة المدرسة الفنية وليس من التقليد.
إكيدار جاءت لتضيف نفساً جديداً إلى تازنزارت، وتطوّر بعض اختياراتها الإيقاعية والموضوعاتية، وتعيد صياغة الروح التراثية في قالب معاصر. وفي هذا التطوير تكمن قيمة الإبداع، لا في محاكاة من سبق.
شعراء يجمعون بين المدرستين
من أبرز نقاط التقاطع بين المجموعتين ذلك الدور الذي لعبه الشعراء الذين أغنوا رصيدهما:


محمد الحنفي

- عبد الرحمان عكّادو

هذا الامتداد الشعري يؤكد أن القوة الفنية تأتي من مصدر واحد، وأن المجموعتين ليستا سوى تجلّيين لمدرسة شعرية واحدة بأصوات متعددة.
موسيقيون صنعوا الجسر بين الفرقتين
العلاقات بين المجموعتين ليست مجرد تشابه في النمط، بل تاريخ مشترك فعلي.

ـ مولاي إسماعيل السملالي: فنان و عضو ثابت في مجموعة إكيدار خاض تجربة مميزة، و إن كانت لفترة قصيرة، مع مجموعة إزنزارن ؛ وتشكل تجربته مثالاً دالاً على أن مسار تازنزارت يقوم على التبادل الفني، لا على القطيعة.

ـ إبراهيم إروف: فنان ذو بصمة واضحة عزف مع إزنزارن ومع إكيدار، مقدماً أسلوباً مميزاً جعل منه جسراً فنياً بين المدرستين.

ـ حسن بايري: موسيقي آخر، ضابط إيقاع، جمع بين التجربتين، وساهم في ترسيخ رؤية موسيقية مشتركة تعطي للأداء روحاً واحدة رغم اختلاف الأسلوبين.
هذه الأسماء تشهد أن العلاقة بين إزنزارن وإكيدار أعمق من المنافسة وأوسع من التقليد.
تاريخ مشترك… وروح واحدة
عندما تُقرأ التجربتان في سياقهما التاريخي يتضح أن:
- كل واحدة نشأت في زمنها وضمن ظروفها الفنية.
- كل واحدة أضافت ما يميزها من مواضيع ورسائل ولغة موسيقية.
- لكنهما تتحركان داخل المسار نفسه:
وهذا ما يجعل منهما جزءاً من قصة واحدة، لا حلقتين منفصلتين.
خلاصة
إن العلاقة بين إزنزارن وإكيدار ليست علاقة تقليد أو تكرار، بل علاقة تكامل واستمرارية داخل مدرسة تازنزارت. الشعراء الذين كتبوا للمجموعتين، والموسيقيون الذين مروا عبرهما، والتاريخ الذي يجمعهما… كلها عوامل تجعل منهما وجهين لعملة واحدة، ومعاً يقدمان للتراث الأمازيغي نموذجاً مشرفاً في التطوير دون التفريط في الأصالة.
ذ.الحسين زكورا