
مقدمة
في السنوات الأخيرة، ظهرت على الإنترنت وتطبيقات الهواتف المحمولة مجموعة كبيرة من الالعاب التي تجذب اهتمام وفضول الناس لكونها تعد المستخدمين بالربح السريع .
الفكرة بسيطة لكنها مثيرة ومغرية لأصحاب الجيوب الفارغة ، فالطريقة لكسب المال الحقيقي هي قضاء بعض الوقت في اللعب والاستمتاع بتخطي المراحل والارتقاء الى أعلاها وكلما ارتقى لمرحلة أعلى جمع النقاط التي تتحمل إلى مال أو جوائز، لكن الواقع مختلف تمامًا، فالهدف الحقيقي لهذه الألعاب ليس إسعاد المستخدم، بل تحقيق أرباح هائلة للشركات المطورة عبر أساليب نفسية متقنة.
آلية عمل الألعاب: المكافأة المتقطعة واستغلال الأمل تعتمد هذه الألعاب على علم النفس السلوكي، وخصوصًا نظام المكافأة المتقطعة وهو نفس الأسلوب المستخدم في آلات القمار، حيث تمنح اللعبة اللاعب مكافآت صغيرة في البداية، ليشعر بالتقدم والتحفيز، ثم تتباطأ هذه المكافآت تدريجيًا كلما اقترب من ما يُسمى "الربح الحقيقي" الهدف هنا هو استغلال الأمل البشري، وجعل اللاعب يظل منخرطًا لساعات طويلة، حتى يفقد إدراك الوقت وينسى أنه في الأصل يتابع لعبة من أجل التسلية فقط.

حينما يكاد اللاعب أن يصل إلى الحصول على المال على سبيل المثال 100 دولار التي وعد بها بعدما حصل على النقاط المطلوبة ، تبدأ المراوغات والوعود الكاذبة حيث تقدم له الأمل أكثر فأكثر أنه يكاد يصل إليه وما عليه سوى مشاهدة الإعلانات ، ويبقى أمل اللاعب مرتبطا بمشاهدة هذه الإعلانات ، ليطلب منه في الأخير بعد مشاهدته للإعلانات أن ينتظر دوره لأن عدد الفائزين كبير جدا .
وتجدر الإشارة إلى أنه وفقا لمراجعات الاف المستخدمين على متاجر التطبيقات أن أكثر من 95 % من مستخدمي هذه الألعاب لم يحصلوا على مال حقيقي ، بينما الشركات تحقق أرباحا ضخمة من الإعلانات ، قد تصل إلى ملايين الدولارات سنويا .
التأثير النفسي والاجتماعي
هذه الألعاب لا تؤثر فقط على الوقت والجهد، بل لها أثر نفسي واجتماعي خطير
- الإحباط وفقدان الثقة : فاللاعب الذي يرى أن المكافأة لا تأتي رغم جهده المتواصل يشعر بأنه تعرض للاستغلال، ما يؤدي إلى فقدان الثقة في الألعاب الرقمية بشكل عام.
- القلق والتوتر : ذلك أن الإحساس المستمر بأنه قريب جدًا من المكسب، لكنه بعيد جدًا عمليًا، يولّد شعورًا بالضغط النفسي.
- تضييع الوقت والإنتاجية : الساعات الطويلة المهدورة في متابعة الإعلانات ومحاولة جمع النقاط تؤثر على الالتزامات اليومية، الدراسة، والعمل، وقد تسبب شعورًا بالتعب الذهني والإحباط.

الأبعاد الاقتصادية
الجانب الاقتصادي لهذه الألعاب لا يقل خطورة عن النفسي فالشركات المطورة تقوم بما يلي :
ـ تحقيق أرباح ضخمة من كل إعلان يشاهده المستخدم، حتى لو كان ربحه الشخصي لا شيء.
ـ تستغل رغبة المستخدمين في الربح السريع، فكل ساعة يقضيها اللاعب في اللعبة تزيد من أرباح الشركة.
ـ تستخدم أساليب تصميم خادعة تجعل من الصعب على المستخدم الوصول إلى أي مكسب حقيقي، أو تضمنها بمرحلة صعبة لا يتخطاها أحد فيظل اللاعب يحاول و يحاول على أمل الوصول إلى هدفه.
أمثلة واقعية
- ظاهرة "الخبز أثناء الجائحة" تُظهر كيف يمكن لشغف الناس بالطهي أن يقودهم لقضاء ساعات طويلة في نشاط مفيد بالمقابل، ألعاب الربح تعد بشيء مشابه — المتعة والربح — لكن النتيجة غالبًا تكون العكس تمامًا، إذ يتحول اللاعب إلى مصدر دخل للشركة بدون مقابل.
- على تطبيقات معينة، أبلغ المستخدمون أنهم اضطروا لمشاهدة 50 إعلانًا متتاليًا للحصول على مبلغ لا يتجاوز بضعة سنتات، وهو مثال واضح على استغلال الأمل البشري.
الخلاصة
الألعاب صُممت أساسًا للتسلية، والمتعة الحقيقية يجب أن تكون في اللعب نفسه، التحدي، الاستراتيجية، والتفاعل الاجتماعي، وليس في وعود وهمية بالربح. أية لعبة تعد بالمكسب السريع غالبًا ما تكون فخًا اقتصاديًا ونفسيًا، واستغلالًا مباشرًا للأمل والطموح البشري. الوعي بهذه الحقيقة وحذر المستخدم هو أفضل وسيلة للحماية من ضياع الوقت والطاقة والمشاعر
