
🕊️ البيت الذي صنع المعجزات
كانت هناك فتاة تؤمن أن للبيوت أرواحًا، لم تكن تتحدث عن الجدران أو الأبواب أو النوافذ بل عن تلك المساحة الخفية التي تجمع ما بين القلب والطمأنينة.
كانت ترى أن البيت ليس مكانًا يُسكن، بل شعورٌ يُحتضن.
في طفولتها كانت تظن أن البيت هو ذلك السقف الذي يحميها من المطر، وتلك الجدران التي تخفي أحلامها الصغيرة، لكنّها كلّما كبرت كانت تكتشف أن المطر لا يتوقف بالخارج فحسب، وأن الجدران لا تقدر دائمًا على حجب البرد الذي يسكن الروح.
كانت تمرّ بأيامٍ تشعر فيها أن العالم يتهاوى من حولها وأنها بلا مأوى، حتى ذات يوم وفي خضمّ فقدٍ أوجعها، أدركت أن البيت الحقيقي لا يُبنى من حجر بل من “احتواء”. احتواء الذات أولًا ثم احتواء الآخرين بصدق لا ينتظر المقابل.
ذلك الإدراك لم يأتِ دفعةً واحدة، بل بدأ كوميض صغير… كأملٍ خافتٍ يشبه الشمعة في عاصفة.
كانت تجلس مساءً قرب نافذة غرفتها، شغل تفكيرها جملة لاطالما سمعتها:
“ربما المعجزة لا تأتي من الخارج، بل من داخلي... ربما البيت الذي أبحث عنه هو أنا، حين أحتوي ضعفي وأبتسم رغم الخيبة.”
ومن تلك اللحظة بدأت تبني بيتها… لم تستخدم فيه إسمنتًا ولا طوبًا، بل صبرًا وحبًا ومسامحة، ركنٌ في قلبها جعلته للإيمان وآخر للأحلام وثالث لمن تحب. كل زاوية كانت حكاية، وكل نافذة كانت أفقًا جديدًا.
عندها فقط، وقفت بعد زمنٍ طويل على قدميها من جديد، لم تعد ترى الحياة كما كانت.
رأت في كل خطوة بيتًا صغيرًا يُمكن أن يُقام: في كلمة صادقة، في حضنٍ دافئ، في مشروعٍ بدأته رغم الخوف، في لحظة قرارٍ بعد ترددٍ طويل.
كانت المعجزات التي حلمت بها تنبت بصمتٍ في تفاصيل يومها، دون أن تصفق لها السماء، ولكنها كانت تعلم — ويكفيها ذلك — أنها خلقتها بيديها.
قالت في نفسها:
"كلّنا نملك بيتًا نصنعه بمعجزة. أحيانًا هو الأمل، أحيانًا هو الشجاعة، وأحيانًا هو مجرّد لحظة صدقٍ مع الذات."
وفي نهاية الطريق، لم تكن الفتاة تبحث عن بيتٍ آخر.
لقد أصبحت هي البيت
بيتٌ يسكنه الأمل، وتُضاء أركانه بالشجاعة، وتفتح نوافذه للحياة.
ذلك هو البيت الذي صنع المعجزات
وإن تأملتَ قليلًا، قد تكتشف أن بيتك أنت أيضًا ينتظرك… ينتظرك لتؤمن أنك قادر على بنائه، لا بجدرانٍ جديدة، بل بروحٍ وجدت أخيرًا معنى العيش.
مقالات مرجعية
كيف تستخدمي أساليب التطوير الذاتي لتحقيق النمو الشخصي؟ - مجلة هي