قصة الإسراء و المعارج

وقعت رحلة الإسراء والمعراج بعد أن تكالبت الأحزان على النبي صلى الله عليه وسلم ، فزادت عليه همومه وتضاعفت بحصار قريش له مع أصحابه  وبوفاة زوجته السيدة خديجة بن خويلد رضي الله عنها ، ووفاة عمه أبو طالب رضي الله عنه في عاما واحد ، أطلق عليه عام الحزن ، فخديجة كانت خير ناصرا معينا للنبي في حياته، وعمه أبو طالب كان يحاوطه ويحميه ويحبه أشد الحب .


ما قبل الإسراء و المعراج

اشتدت الأحزان وضاقت مكة على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى فكر في اتخاذ مكانا آخر لنشر دعوته فاختار الخروج إلى الطائف، وكانت مركز مهما لسادات قريش وأهله، فعزم النبي على الخروج إلى الطائف راجيا أن تكون أحسن حالا من مكة، وكان في صحبته زيد بن ثابت ، وهو بمثابة الحارث والحامي لرسول الله.

 حدث النبي صلى الله عليه وسلم سادات القوم في الطائف عن الإسلام ، فردوا عليه "اخرج من بلادنا" ولم يكتفوا بهذا الأمر بل سبوه وشتموه ورموه بالحجارة فأصيب صلى الله عليه وسلم في قدميه الشريفتين وسالت منه الدماء ، وأصابه الهم والحزن والتعب ما جعله يسقط على وجهه الشريف.

بداية رحلة الإسراء و المعراج

لم يفق النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا وجبريل عليه السلام قائما عنده يخبره أن الله عز وجل بعث معه ملك الجبال برسالة يقول فيها يا محمد إن شئت أطبق عليهم الاخشبين ، وهم جبلين عظيمين يطلان على مكة من جهة الشرق ، وكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم، بالعفو عنهم والأمل في الله رب العالمين أن يخرج منهم من يؤمن بالله.

 وفي ظل هذه الظروف الصعبة والابتلاءات المتلاحقة التي أصابت النبي صلى الله عليه وسلم ، و بوفاة سنده العاطفي وسنده الاجتماعي، جاءت من الله معجزة الإسراء والمعراج مواساة وتثبيتا وتكريما، لتكون منحة ربانية خالدة تمسح أحزان النبي صلى الله عليه وسلم ومتاعبه وتنقله إلى عالم أطهر وأرحب ، حيث الملائكة الكرام ، وجبريل عليه السلام والجنة وسندرة المنتهى، والقرب من عرش الله عز وجل .

شق صدر النبي

بدأت أحداث الإسراء والمعراج عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم نائما في الحقيم وقيل في الحجر ، إذ أتاه ثلاثة من الملائكة الكرام بينهم جبريل عليه السلام ، فجعلوا جسد النبي لظهره مستقبلا الأرض وهو نائم ، ثم شقوا بطنه فغسلوا ما به بماء زمزم ثم ملئوا قلبه بالإيمان والحكمة، ثم أركبه جبريل عليه السلام دابة يقال لها البراق ، وهي دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم فركبته حتى وصلت بيت المقدس فربطه بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من اللبن ، فاخترت اللبن على الفطرة .

رحلة المعراج

ثم عُرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، فاستفتح جبريل ، فقيل من أنت؟ قال جبريل ، قيل ومن معك؟ قال محمد، قيل وقد بعث إليه؟ قيل نعم، ففتح وكان سيدنا أدم عليه السلام فرحب بالنبي ودعا بالخير ، ثم عرج بالنبي إلى السماء الثانية ورأى سيدنا عيسى وزكريا عليهما السلام فرحبا بالنبي ودعا له بالخير .

رؤية الأنبياء

ثم عرج بالنبي ﷺ إلى السماء الثالثة، ورأى سيدنا يوسف وقد أُعطي له شطر الحسن ، فرحب بالنبي ودعا له بخير، ثم عرج بالنبي ﷺ إلى السماء الرابعة ورأي سيدنا إدريس فرحب به ودعا له بخير ، قال الله تعالى "ورفعناه مكانا عليا"، ثم عرج بالنبي ﷺ إلى السماء الخامسة ورأى سيدنا هارون عليه السلام فرحب به ودعا له بخير، وفي السماء السادسة رأى النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا موسى فرحب به ودعا له بخير .

 وفي السماء السابعة، رأي النبي ﷺ سيدنا إبراهيم عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور ، ثم ذُهب بالنبي إلى سدرة المنتهى وورقه كآذان الفيلة وثمارها كالكلال ، فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت ، فما أحد من أمر الله يستطيع أن ينعتها من حسنها ، وأوحى الله إلى نبيه ففرض عليه الصلاة خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سيدنا موسى فقال له ما فرض ربك على أمتك؟ قال النبي خمسين صلاة ، قال ارجع إلى ربك وسله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم .

التخفيف عن أمة النبي

فرجع النبي ﷺ إلى ربه عز وجل فقال: يا رب خفف عن أمتي ، فحط الله عنه خمسة، فرجع النبي إلى سيدنا موسى فقال له: إن أمتك لا تطيق ذلك ارجع إلى ربك وسله التخفيف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم أزل أرجع إلى ربي وبين موسى حتى قال الله عز وجل ، يا محمد إنهن خمسة صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشرا فذلك خمسون صلاة ، ومن هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ومن عملها كتبت له عشرا ، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب له، ومن عملها كتبت سيئة واحدة .