
طريق لا أعرفه
كنت أمشي على طريقٍ لا أعرف ملامحه، تتعثر قدماي أحيانًا، وأتوقف كثيرًا فقط لأتأكد أنني لم أعد إلى النقطة نفسها.
كل خطوة كانت تهتز كأنها تخاف من الأرض التي تلمسها كأنها لا تصدّق أن هذا المسار يستحق أن يُسار فيه، لكن رغم التردد كنت أمضي، لأنني أدركت أن السكون لا يصنع طريقًا و الخوف لا يُوقف الزمن.
أتذكر نفسي في الماضي، كنت أؤمن أن الحياة لها اتجاه واحد، أن ما نخطط له يحدث كما نريد. كنت أظن أن الطريق يُرسم بالعقل لا بالقلب، أما اليوم فأنا أفهم أن كل شيء يتغيّر، وأننا نتبدل مع كل تجربة كأننا نعيد رسم أنفسنا في كل مرة نفشل فيها أو نحلم من جديد.
أحيانًا ألتفت إلى الوراء فأرى ظلي القديم واقفًا في منتصف الطريق يناديني لأعود، لكنني لا أستطيع، ليس لأنني تخلّيت عن الماضي بل لأنني لم أعد أنتمي إليه.
هناك أشياء تركتها في ورائي لأنها لم تعد تناسب قلبي، وأشياء ما زلت أحنّ إليها رغم أنني أعرف أنها لن تعود.
أرى حياتي من بعيد كصورة ضبابية لم تكتمل، فيها ملامح لأحلامٍ صغيرة تاهت وألوان باهتة لحكاياتٍ لم تكتمل، لكن بين كل ذلك هناك ضوء صغير يلمع يمدني بإيمان أن الغد قد يكون مختلفًا.
كلما تقدمت خطوة شعرت بشيء يتبدد داخلي: الخوف، الانتظار، الحنين. كأنني أتحرر ببطء من ثقل لا أراه وأكتشف أن الطريق ليس مجرد مسافة تُقطع، بل رحلة نتعرّف فيها على مَن نكون حقًا.
ربما لن أعرف يومًا إن كنت أسير نحو البداية أم النهاية، لكن ما أعلمه أنني لم أعد كما كنت.
تعلمت أن الضياع أحيانًا ليس فقدان الاتجاه، بل بداية إدراك أننا بحاجة لاكتشاف طريق جديد.
وإن كان هذا الطريق مجهولًا، فليكن كذلك. فلعلّ في المجهول فرصة أن ألتقي بنسخةٍ من نفسي أكثر صدقًا، نسخة لا تخاف من الخطأ ولا تنتظر الضوء من أحد، بل تصنعه وهي تمشي…
- على طريقٍ لا تعرفه بعد.
#قصص و عبر#
📚 المراجع
قصة بيت صنع المعجزات
كانت هناك فتاة تؤمن أن للبيوت أرواحًا، لم تكن تتحدث عن الجدران أو الأبواب أو النوافذ بل عن تلك المساحة الخفية التي تجمع ما بين
تصفح المرجع ↗