غزة… حيث يختبر العالم إنسانيته

في غزة، لا تُقاس الأيام بالساعات ولا بالرزنامة، بل بعدد الانفجارات التي تهزّ جدران البيوت، وبعدد الأسماء التي تُضاف إلى قوائم الشهداء. هناك، يصبح الليل امتداداً للنهار، والنهار امتداداً للانتظار. انتظار هدنة لا تأتي، أو خبر عن عودة مفقود، أو حتى لحظة صمت تُعيد للإنسان بعضاً من كرامته المسلوبة.
غزة ليست مجرد جغرافيا محاصرة على شاطئ المتوسط، بل جرح مفتوح في جسد العالم. كل حجر مهدّم يروي حكاية بيت كان عامراً بالضحكات، وكل شارع مغلق يختزن ذاكرة مقاومة، وكل طفل يركض بين الركام يصرخ في وجه الإنسانية: "ألا ترون؟".
القضية الفلسطينية: ذاكرة لا تموت
القضية الفلسطينية ليست نزاعاً سياسياً عابراً، بل ذاكرة متجذرة في وجدان الشعوب. منذ أكثر من سبعة عقود، والفلسطينيون يعيشون بين منفى وحصار، بين حلم العودة وواقع الاحتلال. ورغم تغيّر الخرائط والتحالفات، ظلّت فلسطين حاضرة كجرح لا يندمل، وكقضية تختبر صدق الشعارات الدولية عن العدالة وحقوق الإنسان.
اليوم، ومع تصاعد العدوان على غزة، تتجدد الأسئلة القديمة: هل يمكن أن تُمحى هوية شعب بالقوة؟ وهل يمكن أن يُختزل وطن في معابر مغلقة وأسلاك شائكة؟
البعد الإنساني: ما وراء الأرقام
الأرقام قاسية، لكنها عاجزة عن نقل المأساة. آلاف الشهداء، عشرات الآلاف من الجرحى، وملايين النازحين. لكن خلف كل رقم وجه، وخلف كل اسم قصة.
- هناك أم تبحث بين الأنقاض عن دمية ابنتها الصغيرة، كأنها تبحث عن بقايا طفولة مسروقة.
- هناك أب يدفن أبناءه بيديه، ثم يعود ليحمل بقايا الخبز لجيرانه.
- هناك طفل يكتب اسمه على ذراعه بالقلم تحسباً أن يُنتشل جثمانه مجهول الهوية.
هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تجعل المأساة أكبر من أن تُختزل في بيانات أو نشرات أخبار.
العالم بين الصمت والازدواجية
في قاعات الأمم المتحدة، تُلقى الخطب وتُرفع الأيادي للتصويت، لكن على الأرض يسيل الدم أسرع من الحبر. بيانات الإدانة تتكرر، والنداءات لوقف إطلاق النار تتوالى، غير أن غزة تظلّ وحيدة في مواجهة آلة الحرب.
هنا تتجلى الازدواجية: حقوق الإنسان تُرفع شعاراً في مكان، وتُطوى في مكان آخر حين يتعلق الأمر بفلسطين.
غزة كرمز يتجاوز حدودها
غزة اليوم ليست مجرد مدينة محاصرة، بل رمز عالمي للصمود. هي تذكير دائم بأن الشعوب قد تُهزم عسكرياً لكنها لا تُمحى من الذاكرة. في كل صورة لطفل يحمل حقيبته بين الأنقاض، وفي كل أم تبكي على أطلال بيتها، يتجسد سؤال أخلاقي يلاحق العالم: إلى متى؟
خاتمة
القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع حدودي، بل امتحان أخلاقي للإنسانية جمعاء. غزة، بجراحها المفتوحة، تضع العالم أمام مرآة قاسية: إما أن يُصغي إلى صرخة المظلومين، أو يواصل التواطؤ بالصمت. وبين الركام، يظل الفلسطينيون متمسكين بحقهم في الحياة والحرية، مؤمنين أن الليل مهما طال، لا بد أن يعقبه فجر.
📚 المراجع
وكيل المخابرات السابق: القاهرة حائط صد أمام أخطر مرحلة لمنع تصفية القض
وكيل المخابرات السابق القاهرة حائط صد أمام أخطر مرحلة لمنع تصفية القضية الفلسطينية | مصراوى
تصفح المرجع ↗أبرز بنود البيان الختامي للقمة العربية حول القضية الفلسطينية وغزة
أبرز بنود البيان الختامي للقمة العربية الـ34 التي عقدت في بغداد حيث خصصت 14 بنودا للقضية الفلسطينية وحرب غزة الآن
تصفح المرجع ↗ملفات معقّدة تنتظر الفلسطينيين في 2025
العدوان على غزة وضم الضفة وحل الدولتين واقتطاع الأموال الفلسطينية وتهويد القدس والاعتداءات على الأقصى والانقسام وإصلاح منظمة التحرير، ملفات تراوح مكانها أو تزداد تعقيدا، يدخل بها الفلسطينيون عام 2025.
تصفح المرجع ↗