في قطاع غزة، حيث الحرب لم تترك بيتًا إلا وطرقته، ظهرت فئة من النساء تحملن وجع الفقد والحرمان في آنٍ واحد: أرامل الشهداء. نساء فقدن أزواجهن في الحروب، وبقين بمفردهن يربين أبناء الشهداء، يواجهن ضغوطًا اجتماعية وقانونية واقتصادية جسيمة، في ظل غياب العدالة واستغلال بعض العائلات لنفوذها لحرمان الأرملة من حقوقها.ورغم ما يقره قانون حقوق العائلة الفلسطيني المعمول به في قطاع غزة من حقوق للزوجة والاطفال الا ان الواقع يشي بكم هائل من الانتهاكات بحق الارامل بعد استشهاد ازواجهن
فللزوجة العديد من الحقوق باعتبارها ارمله وزوجه شهيد تتمثل في الاتي: - الحق في راتب الشهيد حيث نصت القوانين الفلسطينية، لا سيما قانون التأمين والمعاشات وقانون حقوق العائلة (رقم 303 لسنة 1954)،، على أحقية أرملة الشهيد في راتبه طالما أنها لم تتزوج، فإذا تزوجت انقطع نصيبها، وتوزع الحصة على باقي الورثة المستحقين، وهم الأبناء وأحيانًا أهل الشهيد كالأب أو الأم إن وُجدوا. وإذا طلقت الأرملة بعد زواجها، لا تعود للاستفادة تلقائيًا من راتب الشهيد، إلا إذا نصت القوانين واللوائح الخاصة بالمؤسسات المعنية على خلاف ذلك.
٠ وفيما يتعلق بالحضانة وحق البقاء مع الأبناء فإنه ووفقًا لقانون حقوق العائلة الفلسطيني المطبق في غزة (القانون رقم 303 لسنة 1954)، خاصة المادة (118):والتي نصت على أن"أحق الناس بحضانة الطفل أمه، ثم أمهات الأمهات، وإن علون، ثم أمهات الآباء كذلك، وتقدم القربى من جهة الأم على القربى من جهة الأب عند الاتحاد في الدرجة."
والمادة (119) والتي جاء فيها"تثبت الحضانة للنساء حتى بلوغ الصغير حد التمييز، أو استغنائه عن خدمة النساء."
والمادة (125):"لا تسقط الحضانة عن الحاضنة إذا تزوجت إلا إذا ثبت أن في ذلك ضررًا بالمحضون، أو أن الزوج غير محرم له."
وبالتالي يتضح لنا من تلك النصوص القانونية بأن- أرملة الشهيد (الأم) هي أحق الناس بحضانة أولادها ما لم تتزوج من رجل أجنبي عن الطفل (غير محرم).- حتى في حال زواجها، لا تُسقط الحضانة عنها تلقائيًا إلا إذا ثبت وجود ضرر على الطفل. إذن الأم أحق بحضانة أولادها ما لم تتزوج. وإذا تزوجت من غير قريب محرّم (كأخ الزوج مثلًا)، فإن الحضانة تنتقل. ولهذا، ونظرا لما خلفته الحرب من واقع مرير طال الأرامل ،حيث يُجبر بعض أهالي الشهداء الأرملة على الزواج من عم الأولاد للحفاظ على حضانتها، وإلا يُسحب منها الأبناء. وفي بعض الحالات يُزوّجها أهل الزوج عمدًا لعم الأولاد، ثم يُطلّقها لاحقًا لتُفقد صفة أرملة شهيد، ومن ثم تُحرم من الراتب وحقوقهh
.أما الحقوق المالية –المسماة ب( المهر المؤجل وعفش البيت) فتُعد حقوق الزوجة – مثل المهر المؤجل وعفش البيت – دينًا في ذمة الزوج المتوفى، وتُقتطع من التركة قبل توزيعها. ويحق لها المطالبة بذلك رسميًا أمام القضاء الشرعي، وذلك استنادا لنص الماده( 58 )من قانون حقوق العائله لسنه 1954 والتي تنص على انه اذا توفي الزوج وكان في ذمته مهر مؤجل او شيء منه يعتبر دينا على التركه ويقدم على الارث، لكن في الواقع، تواجه الأرملة صعوبات في إثبات هذه الحقوق، خاصة إذا لم يكن هناك وثائق مكتوبة، أو إذا اعترض أهل الزوج على دفعها بحجة حمايتهم لميراث الأبناء.
والأصعب الذي تعاني منه أرامل الشهداء هو الاستغلال الاجتماعي والحرمان من الكفالات حيث تعاني الكثير من الأرامل الضغط النفسي والاجتماعي من قبل عائلات أزواجهن، الذين يُستخدمون الأطفال وسيلة للضغط عليهن، سواء لحرمانهن من الكفالات أو لإجبارهن على قرارات لا يرغبن بها، مثل الزواج أو التخلي عن حقوق شرعية.
ختامًا رغم وضوح النصوص القانونية التي تضمن حقوق الأرملة، إلا أن التطبيق العملي يواجه تحديات كبيرة، أبرزها غياب الرقابة، واستغلال النفوذ الاجتماعي، وغياب الدعم القانوني والمجتمعي الكافي. لذلك ،هناك حاجة ماسّة ل:١.تعزيز الوعي القانوني لدى النساء.٢.إنشاء آليات رقابة على توزيع راتب الشهيد لضمان العدالة في التوزيع ومنع الاستغلال.٣. وتوفير مراكز قانونية تدافع عن حقوق الأرامل وذلك لضمان عدم التلاعب بهن تحت أي ظرف. فأرملة الشهيد ليست فقط زوجة فقدت معيلها، بل هي امرأة تحارب يوميًا لتحفظ كرامتها وحقوق أبنائها..