
اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل ..، بل هي بحر عميق يفيض بالمعاني ..، ومن أروع ظواهرها (التضاد) حيث تجتمع الكلمة الواحدة على معنيين متناقضين ... كأن اللغة تقول لنا : لولا الظلام ما عرفنا قيمة النور، ولولا الشر ما أدركنا جمال الخير.
تعد اللغة العربية من أكثر اللغات العالمية ثراءً .. وذلك لكثرة مبانيها .. حيث نجد في الفعل الثلاثي ستة مبان..وللكلمة الواحدة معانٍ متعددة ... ومن أهم العوامل التي ساعدت على اتساع رقعة اللغة العربية الظواهر اللغوية مثل .. (المشترك اللفظي - الترادف - التضاد) ، وقد يحوي التضاد كلمة واحدة تحمل معنيين متضادين .. ، وقد سماه الزمخشري بالمشترك اللفظي الأصغر مثل جنح الليل بمعنى أوله ، أو آخره والصريم بمعنى الليل والنهار ، وقد أثبت بعض علماء اللغة التضاد كظاهرة لغوية مؤكدة كالأنباري، ومنهم من أنكرها .. كالمبرد وابن درستوية...
المعاني المتضادة في حياتنا
إن المعاني المتضادة لم تأت عبثاً أو هباءاً في حياتنا ..، فلولا وجود الشر لما عرفنا معنى الخير...، ولولا وجود الحقد والكره ما تعلمنا معنى الحب والمودة حتى الشخصيات الشريرة في حياتنا قد تكون رسائل للتغيير والعظة من الله عز وجل ..، فلا تتهاون بالإشارات التي يرسلها الله لك حتى تتغير وتعرف أن الدنيا دار مرور وليست دار بقاء ...
الإيمان بين وجوك الملائكة والشيطان
يؤكد لنا الشيطان دائما بأن وجود الملائكة ليس خرافياً بل هو حق لا شك فيه والعكس صحيح فإن وجود الملائكة يوضح جلياً بأن الشيطان موجود لا محالة ..فإن الله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ... ، فالملائكة هم خلق الله الذي أبدع كل شيء....، فقد يرى أحد الملحدين أنه من الصعب الإيمان بقصص الملائكة والشياطين .... فقد قال شيخ الإسلام بن تيمية: إن إنكار وجود الشيطان والملائكة هو مذهب الملاحدة المتفلسفة الذين يجعلون الملائكة قوى النفس الصالحة ..والشياطين قوى النفس الخبيثة .. ويجعلون سجود الملائكة لآدم هو طاعة القوى الصالحة للعقل ... ، وامتناع الشياطين عن السجود .. هو عصيان القوى الصالحة وطاعة القوى الخبيثة للعقل .. وغير ذلك مما يدعيه القرامطة الباطنية ....
📚 المراجع
ص1062 - كتاب النبوات لابن تيمية - فصل خوارق السحرة والكهان مناقضة للنبوة ولا تخرج عن مقدور الجن والإنس - المكتبة الشاملة
ص1062 - كتاب النبوات لابن تيمية - فصل خوارق السحرة والكهان مناقضة للنبوة ولا تخرج عن مقدور الجن والإنس - المكتبة الشاملة
تصفح المرجع ↗الإلحاد أداة لظهور الإيمان
قد يبدو غريبا للوهلة الأولى أن يكون الكفر سبب للإيمان ... لكن الإحصائيات الحديثة توضح أن زيادة الإلحاد وانتشار المادية المفرطة يؤدي في النهاية بالناس إلى البحث عن معنى أعمق للحياة ...مما يشير إلى اقتراب التقوى وبزوغ الإيمان ... فكيف نصل إلى معنى الإيمان بدون أن ندرك فساد منهج الكفر.... فالنفس تمل من شيوع الإضمحلال الروحي لأن الإنسان لا يستطيع استكمال الطريق بلا معنى ... فالجوهر هو سر الحياة ...
الآلام تصنع الرجال
إذا لم نتألم .. فكيف يمكن لنا أن نتعلم ... فلا تزال الآلام هي التي تصنع الرجال لأنها المعلم الكبير ...، فالتجارب القاسية والمواقف الصعبة تكشف لنا قيمة النور بعد الظلام ...ولولا السواد الحالك ما عرفنا أن الشمس هي روح الحياة ...وربما يولد من الكراهية الشديدة حب نادر وعظيم ...ومن قسوة السجن يعرف الرجال معنى الحرية .....فالنور سيخرج من وراء القضبان الحديدية لأن الحرية تولد من الأسر والأغلال ...، فكيف لك أن تقدر قيمة الذهب بدون أن ترى زيف الفالصو ....
قبلة الحياة ومعنى النجاة
إننا نتذوق طعم الأشياء فقط بعد المعاناة ... فالمغامرة وعناء الرحلة هو الذي يوصلنا إلى شاطيء الأمان ... فالغريق لا يدرك قيمة النفس إلا وهو على وشك الغرق ... فالغريق يتعلق بالقشة لأنه عرف أن أنفاسه التي لا يألوا جهدا لعدها هي نعمة ثمينة لاستمرار الحياة لكنه لم يكن يشعر بذلك قبل تعرضه لحادثة تهدد حياته ... فكانت قبلة الحياة هي النفس الأخير الذي يمنح للغريق ذرات من الأوكسجين الذي يعيده للحياة مرة أخرى ..
يبقى التضاد في اللغة والوجود معاً سراً من أسرار التجربة الإنسانية ... فهو الذي يجعلنا نفهم المعاني بشكل أوضح وأجمل ...
فهل تعتقد أن التضاد يجعل حياتنا أكثر وضوحاً وعمقاً ؟