الكتاب الورقي أو الإلكتروني ..!



سمير زمّال ماجستير دراسات تاريخيّة جامعة تبسة دولة الجزائر.
   لا يخفى عليك أيها الحبيب أنه ومع التطور العلمي التكنلوجي المتسارع في مختلف المجالات الحياتية ،نجد أن مواد المعرفة هي أيضا قد أثر عليها هذا التسارع الرقمي ،وفي مقدمة مصادر المعرفة إن لم نقل أهمها التي شملها ذلك " الكتاب" والذي يُفترض أن لا يستغني عنه منشغل بالعلوم في مختلف التخصصات و سياقاتها ،ولعلّ أبرز ما يلفت الانتباه في هذا المجال هو طبيعة الكتاب أي ما تعلق بكونه ورقي أو إلكتروني ،حيث أصبحت إتاحته للجمهور والقراء اختيارية أحيانا و اضطرارية حينا أخر ،و سنحاول فيما يأتي المفاضلة و الممايزة بين النوعين . ✓ من حيث الشكل و أماكن التواجد .       رغم أن الكتاب في شكله الورقي أقدم منه في هيئته الإلكتروني ،لكن أضحى الوصول للنوع الثاني و توفره أسرع من الورقي ،فأغلب الكتب المتاحة على الشابكة بنقرة زر تستطيع تحميلها و الاستفادة منها ،بينما لابدّ عليك من التنقل لأماكن قد تكون بعيدة ، قصد اقتنائها او الحصول عليها والانتفاع منها من المكتبات أو المؤسسات الثقافية ،وهذا يقودنا للإشارة إلى إيجابية توجه الكثير من مؤسسات الدولة خاصة الثقافية لإتاحة مخزونها المكتبي في شكل إلكتروني ،تقريبا للمعلومة و إسهاما في نشر عادة القراءة و خدمة للباحثين ،بالإضافة إلى ما تقوم به هاته المرافق الثقافية من توفير مخزون مكتبي إلكتروني و فضاءات تهتم بهذا الأمر كما يزيد من فرص إطلاع و مطالعة ما يريده القارئ ،خاصة ما عُدم وحده في المكتبة الورقية .    و عموما فما تعلق بجانبي الشكل و الإتاحة فالوضع متقارب بين الورقي و الإلكتروني ، مع التأكيد على ضرورة تشجيع ودعم صناعة الكتاب الورقي ،و تطوير العمل و استغلال وسائط الاتصال وتسخيرها لخدمة الكتاب في أشكاله الورقية ،كمصدر لتقي المعلومة أو وسيلة لتجارة مريحة . ✓ من حيث الثمن و التكاليف .      لا شكّ أن الكتاب الورقي مرتفع السعر مقارنة بالإلكتروني ،و هذا راجع أساسا لتكاليف صناعته و مراحل إعداده ،من ورق و ٱلات طباعة و وسائل تسويقه المتعددة كالعمال و المستودعات و مركبات نقل و توزيع وغير ذلك ،أما الإلكتروني فلا يحتاج في الغالب إلا لمختص في الصياغة الحاسوبية و متجر تسويق شبكي ؛ وهذا ما يعكس تفاوت أسعار الكتب بين غالية الثمن تتمثل في الورقية و أقل منها بالنسبة للإلكتروني في مختلف صيغ البرامج     كما أن توفر كتب إلكترونية مجانية يزيد من توجه الغالبية لهذا النوع ،ورغم أن بعض الكتب يمنع تداولها مجانا ،لكن يبقى ثمنها إلكترونيا منخفض مقارنة بالورقي قد تصل للنصف ،مع الإشارة شكلي الكتاب يتكاملان ،فما لا يتوفر ورقيا نجده إلكترونيا و العكس كذلك . ✓ من حيث التعامل و الإستخدام .      الأكيد أن التعامل مع الكتاب يخضع في الغالب لرغبة نستخدمها ،فهناك من يُفضّل الورقي لعامل التعود و تتبع مواضيعه باستخدام أدوات التحديد و التتبع كتسطير أو تلوين العناوين أو الفقرات المهمة.. ،كما أنه يساعد القارئ على التركيز لابتعاده عن ما يشغله عكس الإلكتروني الذي يتداخل استعمال الألواح الذكية و الهواتف مع تطبيقات أخرى يجد المُطالع نفسه منجذبا نحوها بين الفينة و الأخرى ،وبالمقابل للكتاب الإلكتروني محاسن متعددة تجعله أكثر استجابة لرغبات المستخدم كسهولة نقله و توفر وسائله المساعدة كالإضاءة في الأماكن المظلمة و حجم وعائه ( الهاتف ) الذي يجعل فتحه سريع مع حفظ الخصوصية الإستخدام ،بالإضافة إلى إضافة خصائص لتطبيقات القراءة الإلكترونية مشابهة لما عليه الورقي كتحديد الصفحات و تلوين الفقرات و تحديد مستوى القراءة .. ✓ من حيث التوفر و الإتاحة .       مع تزايد استخدام وسائط التواصل و المعرفة ،اتجه الكثير من المهتمين بالمجال الثقافي ،سواء كبائعين أو مشترين إلى النوع الإلكتروني خاصة عند فقد الورقي او كان غير متوفر في محيط الإقامة ،ومن جهة أخرى لازال البعض خاصة الأكاديميين يلجؤون للمكتبات العامة ومؤسسات الدولة التي توفر الكتب الورقية التي ثمنها باهض سواء ورقي أو إلكتروني .         كما أن تجارة الكتب الإلكترونية أصبحت من الطرق الرائجة التي يلجأ إليها البعض، كمصدر للتجارة من جهة أو منفذ للوصول لكتب غير متاحة في السوق المكتبة ،وهنا نؤكد أن ما هو موجود في الانترنت من كتب يختلف ثمنه بطبيعة بائعه ،فهناك التاجر الذي يسعى للربح، فأكيد سيكون سعر سلعته مرتفع ،خاصة إن كان الكتاب نادرا او تخصصيا مطلوبا ، وهناك من يبيع ما لا يحتاجه أو زاهدا فيه أو محتاجا لثمنه ،فتجد أسعار هذا النوع أقل من الأول ،وهناك من مقصده المقايضة أو التبادل أو للتخلص من عناوين انتفع منها و الحصول على أخرى رغبة في محتواها .        ومع هذا وذاك يبقى الكتاب مادة معرفية لا تُقاس بثمن ، و وعاء فكري قد يزهد فيه البعض ولا يستغني عنه محبوه ،ورغم أن التحجج بارتفاع ثمنه وهو واقع مُلاحظ ،لكن ذلك لا يعني إمكانية الاستغناء عنه لكل همه المعرفة و تلقي المادة العلمية و المدرك لفائدته النفعية سواء الفكرية أو حتي المادية ،لأنه لا يخفى على لبيب أن الكثير من الكتب تحوي أفكارا و شروحات و معلومات مهمة جدا تمسّ جوانب متعددة من حياتنا العلمية و كذا العملية ،يعتمد عليها القارئ في الإرتقاء بوعيه الفكري وحتى مشاريعه الحياتية نحو الأفضل .

الحديث عن القراءة و المطالعة في عالمنا المعاصر و ما ٱلت إليه المقروئية ،يعرّج لنا وجوبا إلى الملاحظة الجوهرية التي تكمن في ذلك التمايز و التباين الواضح بين المجتمع الغربي المتقدم معرفيا بالمكانة المركزية التي يوليها للأوعية العلمية و الفكرية ، ومن ذلك الكتاب كأرقى و أفضل مصادر المعرفة ،وبالمقابل مجتمعاتنا نحن دول العالم الثالث ،سواء المحيط المغاربي أو العربي و الإسلامي تُعاني من ضعف القراءة وثانوية الاهتمام بالكتاب بمختلف صيغه .