العنوان قصير جدًا يرجى كتابة عنوان يعبر عن المقال!

صورة

لقد استيقظت صباحًا، خامل الجسد، تجتاح الأفكار مقدمة رأسي و كأنها مستكشف عابر قد مر لاول مره على كهف و قد جمّع عمالة مَهرة لتبدأ الحفر فورًا فيه.. و لكنه لا يعلم أن الكهف سينهار..

المهم ان مزاجي صار عَكِرًا، و عيناي لم تعد قادرة على مواجهة الضباب الذي يملؤها بسبب تلك الافكار اللعينة. 

تحركت ببطء و تودة تجاه الباب لأجد المرحاض امامي، تراجعت الى الغرفة لأجد علبة الدخان، تناولتها و استقطبت لفافة تبع غائرة و اشعلتها مستكملًا وجهتي الى المرحاض..

كانت هذه هي اللحظات التي يقال عنها تمر ببطء، ولجت الى المطبخ بعدها، و سحبت مريولة المطبخ و ارتديتها و خرجت الى الصالة لأجلس على الاريكة متكئًا عليها برفع قدمًا واحدة من كلتيهما و الأخرى على الارض.. و قد انسدلت علي تلك الافكار من جديد..

لسبب ما وجدت نفسي هنا متسائلًا من انا، و ما هو الشيء الذي أتى بي الى هنا، ما الذي مررت به الى هنا، لقد مرت علي ايام كنت قد فقد الأمل فيها أن احيا، ان اقدم على فعل شيء جديد، أن اشتهي الامل و اقاوم اليأس القارس في الدفء الذي يملأ داخلي، مرت ايام اخترت فيها نفسي اولًا، و ايام كانت الناس تختار هي، لا ادري الصدقات جاءت من تلقاء نفسها، حسبت فلانًا صديقي و آخر فرض علي.. احببته و ظننت أن الحب باقيًا و لم يبق.. لعنه التبغ و علبة سجائري لا ادري من تمسك بمن، من كان يريد أن يترك الآخر، لماذا ابتاعها؟! هل تبتاعني انا؟! تركت حرية الذهاب للاشخاص و الاماكن و الاشياء، حتى انني حاولت التمسك بكل شيء حتى افلت يدي عمدًا.. اطالع برنامجًا ما لم يخيل لي انني اشاهده قط.. هنا و الآن ماذا حدث للاحلام؟ و الامنيات؟ اي طريق جذب قدماي الى هنا.. التفاصيل الصغيرة هي التي صنعتني و لكن كيف و متى؟ مساء الشتاء البارد، نسيم المطر، الجاكيت الذي ارتديه طيلة الوقت، المقالات التي اتذكرها، علبة التبغ التي ابتاعتني في صغري، الصديق الذي جذب لياقة قميصي، البنت التي قالت لي انت اعز ما املك، الفندق التي قابلت فيه الحسناء الفاتنة التي حيتني بحرارة و منحتني كسرة بسيطة من لطفها، الكتاب الذي قرأته اكثر من مره، و العمل الذي تركني و لم ارغب بتركه، و محطة قطار متهالكة جلست بها بالليل حتى الصباح، و الأمطار التي وقعت فيها مبللًا غير مبالي في الايام الحالكة، و القهاوي التي جلست فيها لا ادري انادي النادل ام انتظر قليلًا و علام الجلوس ان لم يكن الذهاب بدٌ، و الحجر الصحي خرجت متوغلًا في الأزقة و الحارات غير مبالي متنكرًا بصفة طبيب صيدلي حتى لا يستوقفني شرطيٌ ما بشارب كث و يقول لي ما الذي جعلك ترتاد الشوارع من جديد، و تذاكر سفر لم اخطط لها، و طائرة فات ميعادها لم يأذن المولى لي بأن اعتليها..

 لم اكن مولعًا بالأبطال الخارقين في المجلات او الذي صاروا يتمتعون بقوى خارقة من تلقاء نفسهم او حدث لهم عارض ما جعلهم كذلك.. المدهش كل المدهش أن احدهم بطل يغامر بدون امتلاك قوى خارقة، قوته الوحيدة هو أنه ما زال واقفًا على قدميه.. اتذكر في فيلم Bridge of spies ذاك الجاسوس الروسي الذي قال لـ(توم هانكس).. 

ان هناك رجل كان صديق لوالده، ذلك الشخص جاءته السلطات و اقتحموا بيته و اطرحوه ارضًا حتى تدمدمت قدماه و رغم ذلك عاد ليقف و كلما اقترب من الوقوف ضربوه اكثر، و رغم ذلك يعود ليقف من جديد.. الشاهد من القصة أنه تركوه في النهاية لانه فقط رجل شامخ! لا يوجد شيء يمنعه من الوقوف مجددًا حتى لو كان هزيمته مميته! القصة هذه وضعت تبيانًا أن الصورة التي كانت عن الابطال الخارقين في ذهني تغيرت.. 

هناك ابطال كثيرة لم نسمع عنها.. انا كنت احدهم و لكن لم يسمع احد قصتي بعد!.. و لكن لابد أن انتزع مريولة المطبخ اولًا!.