
غزة... مدينة تتنفس التاريخ وتصرخ بالعروبة
على شاطئ البحر المتوسط، حيث يلتقي الأزرق بذهبي الرمال، تقف غزة شامخة، مدينة لا تشبه المدن الأخرى. ليست مجرد مساحة جغرافية، بل ذاكرة حيّة، كتاب مفتوح على صفحات من الدم والدموع والأمل. كل حجر فيها يروي قصة، وكل زقاق يهمس باسم حضارة مرّت من هنا، وكل نسمة بحر تحمل عبق العروبة منذ آلاف السنين.
من الكنعانيين إلى العرب الأوائل
حين نعود إلى البدايات، نجد غزة كنعانية الجذور، عربية الهوية قبل أن تُكتب كلمة "عروبة" في القواميس. أسسها الكنعانيون قبل أكثر من أربعة آلاف عام، لتكون بوابة التجارة بين الشرق والغرب، ومسرحًا لصراع القوى الكبرى. اسمها نفسه، "غزة"، ينبض بالقوة والمنعة، كأنها وُلدت لتقاوم، لتبقى.
غزة في قلب الحضارات
مرت عليها جيوش الفراعنة، واحتضنت الفلسفة الهيلينية، ثم انحنت قليلًا أمام الرومان والبيزنطيين، لكنها لم تنكسر. وحين جاء الفتح الإسلامي، فتحت ذراعيها للعروبة والإسلام، لتصبح أول مدينة فلسطينية تدخل في حضن الدولة الإسلامية. هنا، في أزقتها، دفن هاشم بن عبد مناف، جد النبي محمد ﷺ، لتكتسب غزة لقبًا خالدًا: غزة هاشم.
رمز الصمود عبر العصور
لم تكن غزة يومًا مدينة عادية؛ كانت دائمًا على خط النار. من الصليبيين إلى المماليك، من العثمانيين إلى البريطانيين، ثم الاحتلال الإسرائيلي، ظلّت غزة تقاوم، ترفض أن تكون مجرد رقم في كتب التاريخ. في القرن العشرين، احتضنت حكومة عموم فلسطين، وأطلقت شرارة الانتفاضة الأولى، لتصبح صوتًا عربيًا لا يخفت مهما اشتد الحصار.
غزة اليوم... قلب العروبة النابض
اليوم، رغم الجراح والحصار، تظل غزة عنوانًا للعروبة، رمزًا للصمود، مدرسة في الكرامة. في شوارعها، ترى أطفالًا يلعبون تحت سماء مثقلة بالطائرات، لكن عيونهم تلمع بالأمل. في بيوتها، تسمع حكايات عن أجداد قاوموا، وأحفاد يواصلون الطريق. غزة ليست مجرد مدينة؛ إنها فكرة، إنها قضية، إنها نبض الأمة.
غزة في الذاكرة العربية
غزة ليست مجرد اسم في الجغرافيا، بل هي قصيدة في وجدان العرب. فيها ولد الإمام الشافعي، وفيها دفن هاشم بن عبد مناف، ومنها انطلقت أصوات المقاومة التي هزّت العالم. كل بيت فيها شاهد على التضحية، وكل شارع فيها يروي قصة أم ودّعت ابنها شهيدًا، لكنها رفعت رأسها عاليًا وقالت: "من أجل فلسطين، من أجل العروبة".
لماذا تبقى غزة عربية رغم كل شيء؟
لأن العروبة ليست شعارًا يُرفع، بل دمًا يجري في العروق. غزة عربية لأنها كانت كذلك منذ فجر التاريخ، ولأنها اختارت أن تكون كذلك رغم الاحتلال والحصار. عربية لأنها تتحدث لغة الضاد، وتحمل في قلبها القرآن، وتغني بأغاني الفرح والحزن التي يعرفها كل عربي. عربية لأنها لم تساوم، ولم تنحنِ، ولم تفرّط في الأرض ولا في الهوية.
غزة... رسالة إلى العالم
غزة تقول للعالم كل يوم: "لسنا مجرد أرقام في نشرات الأخبار، نحن شعب يحب الحياة، لكننا نحب الكرامة أكثر". تقول: "قد تحاصروننا، قد تقصفوننا، لكنكم لن تنتزعوا منا العروبة ولا الإيمان". تقول: "نحن هنا، وسنبقى هنا، لأن هذه الأرض لنا، ولأن جذورنا أعمق من كل احتلال".
📚 المراجع
من الكنعانيين إلى الطوفان.. تاريخ غزة في 5 محطات بالذكاء الاصطناعي (شاهد)
تاريخ غزة ليس مجرد أحداث، بل هو قصة صمود امتدت لآلاف السنين. من التأسيس الكنعاني إلى الفتح الإسلامي، ومن الاحتلال البريطاني إلى "طوفان الأقصى"، إليك أبرز المحطات التي شكلت وجه القطاع الصامد.
تصفح المرجع ↗ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ”بنت الأجيال”؟ – التجمع المدني الوطني العراقي
تصفح المرجع ↗تعبير عن غزة .. تاريخ غزة النضالي وأهم المعالم الآثرية
تعبير عن غزة .. تاريخ غزة النضالي وأهم المعالم الآثرية
تصفح المرجع ↗آثار غزة... التاريخ والآثار والعمران والكتب
كتاب "أثار غزة" ينطق بالشهادة الحق على ممارسات البطش والوحشية الإسرائيلية التي دمرت الحجر والشجر والبشر من أجل أن تكون غزة بلا تاريخ، بلا هوية، بلا ذاكرة.
تصفح المرجع ↗