إعلان

ولدوا ليتحدثوا - التحدث أمام الجمهور

عادل بارباع
إعلامي - مدرب مهارات تركيز الصوت والإلقاء
نشرت:
وقت القراءة: دقائق
الملك فيصل بن عبدالعزيز

الملك فيصل بن عبدالعزيز

الملك الثالث للدولة السعودية الثالثة

في البداية كانت الكلمة ..

وبعد ذلك جاءت الكلمة المنطوقة

في كل أنحاء الأرض .. كل دولة لها لغة

وكل مدينة لها لهجتها

وكل لهجة تتعامل مع الكلمة بمعنى مختلف عن اللهجات الأخرى

وأخيراً ، لكي تتحدث يجب أن تكون إنساناً


اقرأ ايضا

    ولكي تتحدث يجب أن يصل إليك الآخرون

    هناك من يضيع فرصاً ثمينة لأنهم تجنبوا التحدث ..

    علماً أن حفنة كلمات تلفظها ، قد تكون انطلاقة وبداية لتحدث أفضل

    لكننا كثيراً ما نضيع فرصة أن نصبح معتادين على التحدث

    وهذا التجنب يؤدي إلى التهرب ..

    وكما يقول كتاب The Book of Lists إن الخوف من التحدث أمام الجمهور هو الرهاب المرضي رقم واحد الذي يعاني منه غالبية الناس في الولايات المتحدة ، وهذا ما يؤكده الكولونيل تشارلز من السلاح الجوي الأمريكي عندا صرح قائلاً : "إنني لست خائفاً من الموت ، فإذا صوبت مسدساً إلى رأسي ، فإنني لن أتمنى الموت ، بل سأكون قادراً على مواجهته بكل شرف ، ولكن ضعني أمام مجموعة من الناس ، وستجدني أنهار تماماً ، فأنا أعرف هذا النوع من الفزع الذي من المستحيل أن يتم شرحه أو فهمه".

    إذن السؤال الذي يظهر لنا بعد هذا الكلام : لماذا نشعر بالقلق الشديد ؟

    ماجد الشبل

    ماجد الشبل

    مذيع سعودي

    هو ذات السؤال الذي يبحث عن إجابته بعض المتدربين والمتدربات في برامجي التطويرية لمهارات التحدث ، فغالباً ما ينتابهم القلق الشديد عندما يضطرون للتحدث أمام مجموعة من الناس.

    فيقولون : على الرغم من كل شيء ، فأنا رائع في المحادثات الشخصية ، ويخبرني أصدقائي بأني بارعٌ جداً ومقنعٌ للغاية ، لكن ضعني أمام خمسة أشخاص فما فوق ، فلن ينعقد لساني فقط ، ولكنني سأعجز عن الكلام تماماً.

    ومنهم من يقول : إنني أقضي أياماً في التحضير لأي خطاب سألقيه ، ولكن عندما أواجه الجمهور ، يطير كل شيء من رأسي . لا أستطيع أن أفهم السبب.

    محمود سعيد - ممثل ومعلق صوتي أردنيمحمود سعيد - ممثل ومعلق صوتي أردني

    من أين بدأت هذه المشكلة ؟

    بالتأكيد إنك لم تولد بها ..

    فالأطفال الطبيعيون يأتون إلى هذا العالم وهم يركلون ويصرخون ، وهم يعبرون عن أنفسهم عندما يشعرون بالتعب أو الجوع أو الألم أو عدم الراحة ، ولا شك في ذلك ، فالأطفال يعبرون عن هذا الشعور بصرخات مدوية وواضحة.

    فمتى بدأ صمتك ؟ أين تعلمت أن تعقد لسانك ؟ ومتى خمدت رغبتك المتأججة في التعبير عن رأيك ؟ هل بدأ ذلك في طفولتك ..

    تقول إحدى الفتيات وهي مبدعة في مجال التصاميم :

    حتى وأنا طفلة صغيرة ، كنت في بعض الأحيان أصاب بالإحباط من عائلتي التي تقول لي : إنني لا ينبغي أن أتحدث ، لأنني لا أعرف ما يكفي عن أي موضوع ، وقد جعلني هذا الأمر هادئة للغاية ، وخجولة .

    والآن عندما أجلس في أي اجتماع ويطرح عليّ رئيسي في العمل سؤالاً ، أتجمد في مكاني وأشعر كما لو كنت أبلغ من العمر عشر سنوات.

    عبدالله المديفر

    عبدالله المديفر

    مقدم برامج

    لوم الذات

    لقد وجدت أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من الإذلال والخزي في مرحلة الطفولة ليست لديهم فكرة عن مدى الضرر الذي يمكن أن ينتج عن هذه التجارب ، ففي كثير من الأحيان ، يكونون أطفالاً من "أسر كريمة و بيوت معروفة" تمثل نماذج للتفاني العائلي في المجتمع . وبإخفاء آلامهم فإنهم يلومون أنفسهم على "مشكلتهم" ويشعرون بالذنب ، ويبغضون وجود أية أفكار سلبية لديهم تجاه والديهم وأشقائهم ومعلميهم.

    اسمعوا لكلام هذا الطبيب الشاب الذي يرهب الحديث أمام الآخرين ..

    كان أبي طبيب أسنان مرموقاً ، وكان جميع زملائي يعرفونه ويرونه في مكانة مرموقة للغاية ، وكان رجلاً بارعاً جداً ، وكنت أشعر بعدم الكفاءة بجانبه ، وبالطبع كان منتقداً لي وفظاً معي للغاية ، وكنت أشعر بهذا الأمر حقاً عندما أكون في لقاء مع المتخصصين الآخرين ، وأنا أعرف أن الناس ينظرون في وجهي ويقارنونني بأبي ، وأشعر بأنني محطم للغاية ، وهكذا أصبحت أرهب الحديث.

    مثل هذه القصص والمواقف كثيرة ومازالت مستمرة ..

    م. عبدالله السواحه

    م. عبدالله السواحه

    وزير الاتصالات السعودي

    لكن مما لا بد أن نوقن به بأنه .. لا مفر

    فالأحداث التي تتطلب الظهور على مرأى ومسمع من الجمهور الذي يحدق بك ويراقبك موجودة في كل مكان ، وفي حين أن ضرورة الحديث أمام الناس والجمهور في وقتنا الحالي قد أصبحت أهم من اي وقت مضى ، فإن أعداد الأشخاص الذين يعانون من القلق والخوف من التحدث أمام الجمهور قد وصلت لمستويات وبائية.

    ويظهر القلق من التحدث أمام الآخرين في مواقف كثيرة ومن ذلك :

    تقديم خطاب رسمي أمام أي جمهور ، الاجتماع بأشخاص تضطر فيه إلى تقديم نفسك ، إجراء المقابلات للحصول على وظيفة ، التحدث في مجلس الآباء أو الأمهات بحضور آباء أو أمهات أو معلمين أو في اجتماع مجلس الإدارة ، أو في إجراء مقابلات تلفزيونية أو عقد مؤتمر صحفي ، أو الظهور في المحكمة كمحامٍ ، بل البعض يشعر بقلقل أو رهبة عندما يسمع النداء باسمه ، عندما يحين دوره مثلاً فيضطر أن يقف أمام الناس والسير بينهم . حتى لو كان هذا النداء لكي يتلقى جائزة بعضهم يشعر بهذه الرهبة إلى درجة التوتر.

    ولا شك أننا في في أوقات نشعر فيها بالخجل عندما نكون محور الاهتمام ومحط الأنظار ، لكن إذا استسلمنا لها فستصبح وحوشاً تلتهمنا ، وتحرمنا مشاركة تبادل الحوارات بشكل مريح وآمن ، وستمتلئ أذهاننا بشكوك وأوهام بشأن ما يعتقده الأشخاص عنا وعن طريقة كلامنا ، ونستمع إلى حديث بغيض لذواتنا مثل :

    إنهم لا يحبونني ، إنني لم أجر البحث الكافي ، إنني أبدو غبياً للغاية ، إنني أستغرق وقتاً أكثر من اللازم

    وقد نقوم بتفسيرات لا أساس لها كأن نقول : إنهم مشمئزون مني ، صوتي رتيب وممل ، إنني بدين ، أو إنني نحيف شعري أشعث .. وغيرها من التفسيرات.

    ومن الممكن أيضاً ان يحدث رهاب التحدث أمام الجمهور ، بسبب تراكمات سلبية منذ الطفولة ، جعلت من الشخص يركز عليها ، معتقداً أن ما هو عليه قد يعيقه من الاتصال والاندماج مع الآخرين ، فتصبح عقدة ملازمة له طول عمره .. كأن يتعقد من أنفه الضخم ، أو تتعقد هي من لون بشرتها ، أو أنه قصير جداً أو طويل جداً ، أو أن جسمها بدين أو نحيف ، أو أن الملابس غير مناسبة ، أو من لغته أو لهجته أو اختلاف ديانته أو مذهبه .

    غازي القصيبي

    غازي القصيبي

    وزير وكاتب ساعدي

    هناك صمت اجتماعي

    حيث يختبئ المصابون برهاب الحديث بيننا وهم محاصرون – صامتون – وملقون اللوم على انفسهم ، فالملايين من ألشخاص يخشون من الظهور أمام الجمهور ، لدرجة انهم يخترعون أكثر الأعذار غرابة لتجنب التحدث أمام الجمهور ، وهؤلاء الأشخاص يعانون من إحباط شائع بينهم ، لدرجة أنهم لا يعرفون بعضهم ، وليست لديهم فكرة بأن العديد من الناس يعانون مثلهم.

    ليس هناك مجرد صمت فردي بسبب الخوف من التحدث أمام الجمهور ، بل هناك صمت قومي أيضاً ، وللأسف تلقى هذه المشكلة القليل من الاهتمام ، لدرجة أنك قد تعتقد أنه لا وجود لها ، على سبيل المثال : لا يتم توظيف متخصصين في رهاب التحدث أمام الجمهور بأقسام الكلام في الكليات والجامعات ، كما أنه لا توجد جمعية وطنية لرهاب التحدث أمام الجمهور ، وحتى في الموسوعة البريطانية ، تحت فئة "خطاب" speech ترد حالات باطنية وأمراض مختلفة ، فالأشخاص المصابون برهاب التحدث أمام الجمهور ينقسمون غلى ثلاث فئات رئيسية من الأعراض عند التحدث أمام المجموعات : أعراض جسدية و ذهنية و انفعالية.

    علي العلياني

    علي العلياني

    مقدم برامج تلفزيونية

    - الأعراض الجسدية من الممكن تبدأ قبل أسابيع من تقديم أي عرض ، وتؤدي المستويات العالية من التوتر العصبي إلى اضطراب المعدة والأرق والتوتر الجسدي ويطلق عليها "قلق استباقي" .

    وقبل التحدث مباشرة وفي أثنائه ، من الممكن أن تشمل أعراض الخطر الجسدية جميع أو بعض ما يلي :

    · ضربات القلب السريعة

    · ارتجاف الركبتين ، مما يصعب النهوض والسير على الأقدام حتى المنصة أو الوقوف بارتياح أمام أية مجموعة.

    · ارتجاف الصوت ، وغالباً ما يرافقه ضيق في الحلق أو تراكم البلغم

    · شعور بالضعف العام ، واضطراب في المعدة الذي يصل أحياناً إلى درجة الغثيان.

    · التنفس السريع الذي ينطوي على اللهاث غير المنضبط للهواء.

    · إدماع العين وارتجاف اليدين أو الأطراف.

    - أما عن الأعراض الذهنية

    فتشمل اللخلل الذهني الذي يمكن أن يحدث خلال الخطبة ما يلي :

    · تعطل التفكير ، حيث يصبح المتحدث معقود اللسان ، وليست لديه أي فكرة عما سيقوله بعد ذلك.

    · تكرار الكلمات أو العبارات أو الرسائل.

    · فقدان الذاكرة ، بما في ذلك عدم القدرة على تذكر الحقائق والأرقام بدقة ، وإغفال النقاط المهمة مع وجود فوضى عامة في مجمل كلامه.

    - وأخيراً نأتي للأعراض الانفعالية : حيث ينجم الاضطراب العاطفي الشديد عن الاضطرار إلى التحدث أمام الجمهور ، وجميع أنواع الأداء الأخرى ، ويشمل أعراضاً مثل :

    · الشعور بفقدان السيطرة.

    · الفزع ، والذي كثيراً ما ينشأ قبل بداية الكلام.

    · الشعور بالارتباك ، والشعور بإنهاك الجسد.

    · بل هناك شعور طفولي وهو العجز ، وعد القدرة على المواجهة.

    · بل يصل الحد إلى أن يشعر المتحدث بأن صزته يأتي من مكان آخر.

    · وبعضهم ينخفض لديه احترام الذات والشعور بالتفاهة والفشل.

    · بل وقد يصل الحال إلى الرغبة بالبكاء.

    إن المعنى الحقيقي من أنك تتحدث أمام الآخرين هو أن ذلك سيعود لنا بمكاسب ، وإضافة مواقف إيجابية إلى رصيد حياتنا

    إننا نتذرع بوهم المقولة الدارجة : إن كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب"

    ليكون مخدر إقناع لنا بأن الأفضل لسلامة حياتنا الاجتماعية والوظيفية بأن نظل ساكتين صامتين

    متناسين قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي قال بعكس هذه النظرية فجعل الكلام الإيجبي هو الأصل ، فإذا لم تجد كلاماً طيباً فانتقل إلى المرحلة الثانية "الصمت" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"

    فالأصل أنك ولدت لتتحدث لا لتصمت.

    عادل بارباع

    عادل بارباع

    مذيع ومدرب مهارات التحدث وتركيز الصوت

    رابط الصفحة
    عادل بارباع

    عادل بارباع

    إعلامي - مدرب مهارات تركيز الصوت والإلقاء

    مذيع الأخبار والبرامج في إذاعة ألِف ألِف الصوت الرسمي لإرشادات ركاب طائرات الخطوط الجوية السعودية والعديد من القطاعات الحكومية والبنوك بكالريوس صحافة تأسس في مجال الصوت من إذاعة مونتكارلو الدولية والجزيرة للتدريب في قطر ومدينة الإنتاج الإعلامي بمصر خبرة في مجال التّعلِيق الصوتي الا حترافي منذ 1993م -مدرب في مجال مهارات التركيز الصوت منذ 2007م درّب العديد من المذيعين والمراسلين والمتحدثين الرسميين وكذلك قطاع المحاماة وريادة الأعمال

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ