مِزهرية وحبل غَسيل

سيمون كلايفر
رحلة قَلم
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

مِزهرية وحبل غَسيل

في منزلي القَديم حيثُ كنت كلّ صباحٍ أطاردُ فكرتي الشّقية الّتي تفضِّل الاختباء دَاخل تلك المِزهريّة الخزفِية الصّامتة حتّى لا أراها أو كمَا أسميتهَا سيّدة النسيان

كلّما مررتُ قربهَا أجِدني أبحثُ عن نَفسي داخلها كطفل أضاع رغِيف خُبز كان من شأنه أن يجعل عُصفور بطنه سَعيدا، كنتُ أبحث فيهَا أحيانًا عن جَانبي المَرح في تأهّب لإمساكه بربطَة عنقِي الطّاعنة في السن حتّى لا يهرب هو الآخر مع فكرتِي الحزينة على يقين من أنّي قد أجدهما يوما على طاولة يحتسيان شَايا أو قهوة أو صحنًا من بذور أحلامي اليابسة الّتي اِلتقطتها من هامش صفحة مذكّرتي النائمَة على حبل الغسيل مع بعض رسائِل عشيقتِي الراحلة في مَقاعد قِطار المستقبل

أمضي تارة صبيحة وليلة أراقب يقظة تلك الحروف والجمل الّتي تنزلق هروبا من صمتِ بياض الورق مرّ المَذاق، قبل أن تهرول لِي ساعية لمنفذٍ قريبٍ أو لتهمس لي أنهَا تريد عطلة تستقيل فيها من جناحها الفارغ ليسنح لها أن تتحوّل لطائر عند نافذة جارتي الصبية دون حكم أو عِقاب

إذ أنّي كنت منقذها الوحيد أطفؤهَا متى مَا أشاء في ركن أنيق من منفضَة التّبغ منكبًّا على وجه خيالِي الناعس على أريكتي الرثّة برداء فخمٍ من الشماتة يرمقني ويمقتني بنَفس الوقت لا كئيبا أو للودّ حبيبًا.

أنتظر يوم الأحد، في مقهى الحيّ أراقب شرائط أحلامي تنكمش حول نفسها ثم تغوص في قطرة بخار كأس قهوتي المفضّل، تمسك يد بعضها ترقص قليلا على الحافة ثمّ تتنظم كما لو أنها تؤدّي عرضا ملوّنا في يوم من الأبيض والأسود، لعلّها تبهجني فلا شيء بات يعجبني أو يزعجني أيضا

سيمون كلايفر

سيمون كلايفر

رحلة قَلم

نشأت من فكرة شغف فَوضوي، لكن رغم هذا لي أمل يُذكر أن ما يمكن تَقديمه في مدوّنتنا البسيطة هنَا قد يأخذ قَارئنا الجَميل في حَافلة نشوةٍ استثنائية عبر بابنا السّريالي السّري

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ