من سيكتب قواعد الذكاء الاصطناعي؟

الكاتب

منة ادريس

متابعة

مترجمة من الإنجليزية إلى العربية/ كاتبة محتوى علمي

الذكاء الاصطناعي (AI) هو علامة يمكن أن تغطي مجموعة كبيرة من الأنشطة المتعلقة بالآلات التي تقوم بمهام مع أو بدون تدخل بشري.

يتشكل فهمنا لتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى حد كبير من خلال المكان الذي نواجهها فيه، بدءًا من أدوات التعرف على الوجه وروبوتات الدردشة إلى برامج تحرير الصور والسيارات ذاتية القيادة.

إذا كنت تفكر في الذكاء الاصطناعي، فقد تفكر في شركات التكنولوجيا، بدءًا من الشركات العملاقة الحالية مثل Google وMeta وAlibaba وBaidu، إلى اللاعبين الجدد مثل OpenAI وAnthropic وغيرها.

امتيازات الذكاء الاصطناعي

تستفيد معظم التطبيقات السائدة للذكاء الاصطناعي (AI) من قدرته على معالجة كميات كبيرة من البيانات، واكتشاف الأنماط والاتجاهات بداخلها.

ويمكن أن تساعد النتائج في التنبؤ بالسلوك المستقبلي للأسواق المالية وحركة المرور في المدن، بل وتساعد الأطباء على تشخيص المرض قبل ظهور الأعراض.
لماذا يجب تنظيم الذكاء الاصطناعي؟

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لاختراق خصوصية بياناتنا عبر الإنترنت، وأتمتة وظائف الأشخاص وتقويض الانتخابات الديمقراطية عن طريق إغراق وسائل التواصل الاجتماعي بالمعلومات المضللة. قد ترث الخوارزميات تحيزات من بيانات العالم الحقيقي المستخدمة لتحسينها، مما قد يتسبب، على سبيل المثال، في التمييز أثناء التوظيف.

إن تنظيم الذكاء الاصطناعي عبارة عن مجموعة شاملة من القواعد التي تصف كيفية تطوير هذه التكنولوجيا واستخدامها لمعالجة أضرارها المحتملة. فيما يلي بعض الجهود الرئيسية للقيام بذلك وكيف تختلف.

سياسات لتنظيم للذكاء الاصطناعي

منذ عام 2016، قامت المناطق والدول التي تتمتع بالذكاء التكنولوجي في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ وأمريكا الشمالية بوضع لوائح تنظيمية تستهدف تقنيات الذكاء الاصطناعي.

يوجد حاليًا أكثر من 1600 سياسة وإستراتيجية للذكاء الاصطناعي على مستوى العالم. لقد برز الاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة كشخصيات محورية في تشكيل تطوير وإدارة الذكاء الاصطناعي في المشهد العالمي.

قانون الذكاء الاصطناعي

بدأت جهود تنظيم الذكاء الاصطناعي في التسارع في أبريل 2021، عندما اقترح الاتحاد الأوروبي إطار عمل أوليًا للوائح يسمى قانون الذكاء الاصطناعي(the AI Act ).

تهدف هذه القواعد إلى تحديد التزامات مقدمي الخدمات والمستخدمين، بناءً على المخاطر المختلفة المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المختلفة.

يحظر قانون الاتحاد الأوروبي أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعتبر أنها تنطوي على مخاطر غير مقبولة. تتضمن هذه الفئة منتجات "التهديف الاجتماعي"social scoring ) حيث يتم تصنيف الأشخاص بناءً على سلوكهم والتعرف على الوجه في الوقت الفعلي.

كما يقيد القانون بشدة الذكاء الاصطناعي عالي الخطورة، والتطبيقات التي يمكن أن تؤثر سلبًا على الحقوق الأساسية، بما في ذلك السلامة.

تشمل الأمثلة أنظمة توصيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في عمليات التوظيف وإنفاذ القانون والتعليم. كما تغطي فئة المخاطر المحدودة روبوتات الدردشة مثل ChatGPT أو مولدات الصور مثل Dall-E.

وفي جميع المجالات، سيتعين على مطوري الذكاء الاصطناعي ضمان خصوصية جميع البيانات الشخصية سواء المستخدمة لتدريب أو لتحسين خوارزمياتهم والتحلي بالشفافية بشأن كيفية عمل التكنولوجيا الخاصة بهم. ومع ذلك، فإن أحد العيوب الرئيسية لهذا القانون هو أنه تم تطويره بشكل رئيسي من قبل التكنوقراطيين، دون مشاركة شعبية.

القيادة العالمية لمن؟

في حين اتخذ الاتحاد الأوروبي نهجا شاملا، كانت الصين تنظم جوانب محددة من الذكاء الاصطناعي واحدا تلو الآخر.

وقد تراوحت هذه التوصيات بين التوصيات الخوارزمية( algorithmic recommendations) والتوليف العميق أو تقنية "التزييف العميق" (deepfake) و الذكاء الاصطناعي التوليدي( technology and generative AI).

حيث أنه في وسائل الإعلام الصينية، ناقش صناع السياسات الرغبة في أن يكونوا المحركين الأوائل وتقديم القيادة العالمية في كل من تطوير الذكاء الاصطناعي والحوكمة.

وسيتكون الإطار الكامل لحوكمة الذكاء الاصطناعي في الصين منبتقا من هذه السياسات وغيرها في المستقبل. حيث ستتيح العملية التكرارية للجهات التنظيمية بناء معرفتها البيروقراطية وقدراتها التنظيمية، وتترك المرونة اللازمة لتنفيذ تشريعات جديدة في مواجهة المخاطر الناشئة.

أين هي الولايات المتحدة؟
ربما كان تنظيم الذكاء الاصطناعي في الصين بمثابة دعوة للاستيقاظ للولايات المتحدة. لذلك، و في إبريل 2023، قال المشرع ذو النفوذ تشاك شومر إن بلاده "يجب ألا تسمح للصين بقيادة الابتكار أو كتابة قواعد الطريق" للذكاء الاصطناعي.

في 30 أكتوبر 2023، أصدر البيت الأبيض أمرًا تنفيذيًا(an executive order ) بشأن الذكاء الاصطناعي الآمن والجدير بالثقة. ويحاول الأمر معالجة قضايا أوسع تتعلق بالمساواة والحقوق المدنية، مع التركيز أيضًا على تطبيقات محددة للتكنولوجيا.

يضع الأمر التنفيذي الأمريكي حوافز لتشجيع الابتكار والمنافسة من خلال جذب المواهب الدولية. وينص على إنشاء برامج تعليمية لتطوير مهارات الذكاء الاصطناعي داخل القوى العاملة في الولايات المتحدة. كما يخصص التمويل الحكومي للشراكات بين الشركات الحكومية والخاصة.

وإلى جانب الجهات الفاعلة المهيمنة، سعت البلدان ذات قطاعات تكنولوجيا المعلومات المتنامية، بما في ذلك اليابان وتايوان والبرازيل وإيطاليا وسريلانكا والهند، إلى تنفيذ استراتيجيات دفاعية للتخفيف من المخاطر المحتملة المرتبطة بالتكامل المنتشر للذكاء الاصطناعي.

كما دعمت Alphabet وMeta وTesla الدعوات لتنظيم الذكاء الاصطناعي.

رؤية مشتركة
يُظهر قانون الذكاء الاصطناعي التابع للاتحاد الأوروبي، ولوائح الذكاء الاصطناعي في الصين، والأمر التنفيذي للبيت الأبيض، المصالح المشتركة بين الدول المعنية.

لقد مهدوا معًا الطريق لـ "إعلان بلتشلي" ، والذي تعهدت فيه 28 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وأستراليا والعديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي بالتعاون في مجال سلامة الذكاء الاصطناعي.

وقد تم الترحيب بقمة سلامة الذكاء الاصطناعي لعام 2023، التي أصدرت الإعلان، باعتبارها إنجازًا دبلوماسيًا لأنها دفعت المجتمعات السياسية والتجارية والعلمية في العالم إلى الاتفاق على خطة مشتركة تحاكي قانون الاتحاد الأوروبي.

مساهمًا في التنمية الاقتصادية

تنظر البلدان أو المناطق إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره مساهمًا في تنميتها الاقتصادية وأمنها القومي وقيادتها الدولية. على الرغم من المخاطر المعترف بها، تحاول جميع الولايات القضائية دعم تطوير الذكاء الاصطناعي والابتكار.

بحلول عام 2026، قد يتجاوز الإنفاق العالمي على الأنظمة المرتكزة على الذكاء الاصطناعي 300 مليار دولار أمريكي حسب أحد التقديرات. وبحلول عام 2032، وفقا لتقرير بلومبرج، قد تبلغ قيمة سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي وحده 1.3 تريليون دولار أمريكي.

تميل أرقام مثل هذه، والحديث عن الفوائد المتصورة من شركات التكنولوجيا، والحكومات الوطنية، والشركات الاستشارية، إلى السيطرة على التغطية الإعلامية للذكاء الاصطناعي.

الأمن السيبراني والتطبيقات العسكرية
وبعيدًا عن الفوائد الاقتصادية، تتطلع البلدان أيضًا إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي لأغراض الدفاع والأمن السيبراني والتطبيقات العسكرية.

في قمة سلامة الذكاء الاصطناعي التي عقدت في المملكة المتحدة، كانت التوترات الدولية واضحة. ورغم موافقة الصين على إعلان بلتشلي الذي صدر في اليوم الأول للقمة، فقد تم استبعادها من المناسبات العامة في اليوم الثاني.

إحدى نقاط الخلاف هي نظام الائتمان الاجتماعي في الصين، والذي يعمل مع القليل من الشفافية. ويعتبر قانون الذكاء الاصطناعي التابع للاتحاد الأوروبي أن أنظمة التسجيل الاجتماعي من هذا النوع تخلق مخاطر غير مقبولة.

كما ترى الولايات المتحدة أن استثمارات الصين في الذكاء الاصطناعي تمثل تهديدًا للأمن القومي والاقتصادي للولايات المتحدة، لا سيما فيما يتعلق بالهجمات الإلكترونية وحملات التضليل.

ومن المرجح أن تعيق هذه التوترات التعاون العالمي بشأن القواعد التنظيمية للذكاء الاصطناعي.

في الأخير، يمكن القول أن التعريفات القانونية الحالية للذكاء الاصطناعي تميل إلى أن تكون واسعة للغاية، مما يثير القلق بشأن مدى كونها عملية و قابلة للتطبيق فعليا.

المراجع:https://theconversation.com/who-will-write-the-rules-for-ai-how-nations-are-racing-to-regulate-artificial-intelligence-216900
https://www.theverge.com/2021/6/30/22557119/who-ethics-ai-healthcare